مباريات كرة القدم لم تعد مثلما كانت
بقلم مهدي قاسم
كانت مباريات كرة القدم في العقود والقرون الماضية تُمارس كلعبة من أجل اللعبة فقط ، أي من أجل الإثارة والمتعة أمام جمهور كرة القدم ، عبر مباريات من المفترض أن تتسم ببراعة و مهارة و لرفع درجات الإثارة من خلال تسجيل أهداف مثيرة ، فكان جل الاهتمام يًُنصب على الفريق الذي يلعب بشكل أفضل من الفريق المنافس ، ليكون الأمر محصورا بجودة ونوعية اللعبة و براعة لاعبي الفريق فحسب ، بعيدا عن أن تكون هذه المباريات ضربا من ضروب الاحتكار التجاري ، وأن يكون اللاعبين الجيدين والمحترفين مجرد سلعة تجارية ذات ماركة بارزة وغالية معروضة للبيع عند أساطين الأندية الرياضية ، كأية سلعة ثمينة أخرى ، بل أن هؤلاء اللاعبين أنفسهم كانوا عبارة عن بشر عاديين وليس كأنصاف آلهة معبودة مثلما الآن ..
إضافة إلى إن هذه المباريات كانت بعيدة عن إثارة حساسيات أو تبجحات أم استعراضات دينية وقومية و افتخارات وطنية مبالغة بها ..
بالعكس من ذلك فقد كانت الغاية هي محاولة تقريب و تعريف ثقافات الشعوب و الأقوام بعضها ببعض تحت خيمة الإنسانية المتحابة والسمحاء ..
فضلا عن عدم التشمت بالفريق الخاسر أو إشعاره بالإذلال من قبل الفريق الفائز ..
بالمناسبة و ضمن هذا المضمار لاحظتُ إن أعدادا ليست قليلة من كتّاب وشعراء وفنانين و ” مفكرين ” انخرطوا أيضا ، سنة بعد أخرى ، في مشاهدة مثل هذه المباريات ، وهو الأمر الذي لم يكن هكذا في العقود والقرون الماضية بهذه الكثرة الملفتة ..
أي أن ” النخبوية ” الفكرية والثقافية التي طالما استنكفت من أن تنزل إلى مستوى ” العامة ” الصارخة و الضاّجة حماسا وصياحا وإثارة ، فقد وجدت نفسها تتحمس هي الأخرى ، بأصوات عالية في وسط هذه ” العامة ” المتحمسة لحد الدروشة والقشعريرة الروحية الصوفية و الشبيهة بفقدان الوعي نشوة مسكرِة وجدانيا !!..
فما حدا مما بدا ..
يا عزيزتي ” النخبوية ” الحبابة واللطيفة المثقفة ؟!..