بمناسبة خروج صدام من الحفرة: نهاية المجرم في القرآن الكريم (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة تكملة للحلقتين السابقتين عن المجرمين قال الله تعالى “هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ” ﴿الرحمن 43﴾ يقال لهؤلاء المجرمين -توبيخًا وتحقيرًا لهم: هذه جهنم التي يكذِّب بها المجرمون في الدنيا: تارة يُعذَّبون في الجحيم، وتارة يُسقون من الحميم، وهو شراب بلغ منتهى الحرارة، يقطِّع الأمعاء والأحشاء، و “وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأنعام 55﴾ المجرمين هم اهل الباطل، ومثل هذا البيان الذي بيَّنَّاه لك أيها الرسول نبيِّن الحجج الواضحة على كل حق ينكره أهل الباطل؛ ليتبين الحق، وليظهر طريق أهل الباطل المخالفين للرسل، و “وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ۖ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ” ﴿الأنعام 123﴾ مجرميها: مجرمي اسم، ها ضمير، أكابِرَ مُجْرِميها: رؤساء و دعاة إلى الكفر، ومثل هذا الذي حصل مِن زعماء الكفار في مكة من الصدِّ عن دين الله تعالى، جعلنا في كل قرية مجرمين يتزعمهم أكابرهم، ليمكروا فيها بالصد عن دين الله، وما يكيدون إلا أنفسهم، وما يُحِسُّون بذلك، و “فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأنعام 147﴾ فإن كذبك أيها الرسول مخالفوك من المشركين واليهود، وغيرهم، فقل لهم: ربكم جل وعلا ذو رحمة واسعة، ولا يُدْفع عقابه عن القوم الذين أجرموا، فاكتسبوا الذنوب، واجترحوا السيئات، و “إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 40﴾ المجرمين هم الكفار، إن الكفار الذين لم يصدِّقوا بحججنا وآياتنا الدالة على وحدانيتنا، ولم يعملوا بشرعنا تكبرًا واستعلاءً، لا تُفتَّح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء، ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل، ومثل ذلك الجزاء نجزي الذين كثر إجرامهم، واشتدَّ طغيانهم، و “وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 84﴾ المجرمين هم الكفار من قوم لوط، وعذَّب الله الكفار من قوم لوط بأن أنزل عليهم مطرًا من الحجارة، وقلب بلادهم، فجعل عاليها سافلها، فانظر أيها الرسول كيف صارت عاقبة الذين اجترؤوا على معاصي الله وكذبوا رسله، و “فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ” ﴿الأعراف 133﴾ مجرمين صفة، قوما مجرمين: قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا وتمردًا، فأرسلنا عليهم سيلا جارفًا أغرق الزروع والثمار، وأرسلنا الجراد، فأكل زروعهم وثمارهم وأبوابهم وسقوفهم وثيابهم، وأرسلنا القُمَّل الذي يفسد الثمار ويقضي على الحيوان والنبات، وأرسلنا الضفادع فملأت آنيتهم وأطعمتهم ومضاجعهم، وأرسلنا أيضًا الدم فصارت أنهارهم وآبارهم دمًا، ولم يجدوا ماء صالحًا للشرب، هذه آيات من آيات الله لا يقدر عليها غيره، مفرقات بعضها عن بعض، ومع كل هذا ترفَّع قوم فرعون، فاستكبروا عن الإيمان بالله، وكانوا قومًا يعملون بما ينهى الله عنه من المعاصي والفسق عتوًّا وتمردًا.

فكلمة اسلام بحروفها جاءت في ايات مثل “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ” (ال عمران 85) و “وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ” (المائدة 3) و “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ” (الصف 7). والاذعان ليس بالقول وانما بالفعل “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ” (القلم 35) فقد يقول انا مسلم قولا ويقوم باعمال اجرامية فصدام كم قتل من علماء دين أجلاء بالمئات وربما الآلاف بمختلف الدرجات، و “وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا” (الجن 14) والقاسط هو الجائر كصدام ويزيد والحجاج، و “عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ” (التحريم 5) اي مسلمات بالفعل وليس فقط بالقول مثل كثير من النساء اللاتي وقفن مع صدام ولازالت بنته التي قتل المجرم صدام زوجها رامي منارة الامام الحسين عليه السلام بالمدفع.

جاء في موقع الجزيرة عن القصة الكاملة لاعتقال صدام حسين تعرف على حقيقة مخبئه ورمزيته ولماذا لم يقاوم القوة المهاجمة؟ واقع كثيرة تم تجهيزها في أنحاء مختلفة من العراق قبل الغزو الأميركي لتكون مقرات بديلة لعدد من كبار المسؤولين، ومنهم صدام، حسب الإعلامي مصطفى كامل. وحول طبيعة الأماكن البديلة، يقول كامل للجزيرة نت إن بعضها كان عبارة عن منازل مهجورة، وبعضها مزارع أو بيوت ريفية بسيطة للغاية. ويضيف كامل أنه لا شك في أن ظروف التخفي تستوجب إيجاد ملاجئ وسراديب بكل أشكالها، يروي الإعلامي الذي كان سكرتير تحرير جريدة الجمهورية الناطقة باسم الدولة العراقية قبل الغزو- عن مقربين من صدام قولهم إنه لم يكن يقضي في المكان الواحد يومين متتاليين، وكان كثير التنقل، وبالتالي فقد جاء إلى المكان الذي أُسر فيه في اليوم الذي سبق أسره، وهو مزرعة في منطقة الدور القريبة من مدينة تكريت على شاطئ نهر دجلة. اختير اسم عملية الفجر الأحمر لإلقاء القبض على صدام حسين. وذلك بعد عملية البحث عنه التي استغرقت نحو 8 أشهر، حيث بدأت منذ التاسع من أبريل/نيسان 2003 حتى 13 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، كما يقول المؤرخ العراقي طارق حرب. ويضيف حرب للجزيرة نت أن عملية القبض على صدام تمت بناء على وشاية من أحد المقربين من صدام في الدور، قبل أن يعلن القبض على صدام. ويتابع أن صدام لم يحاول مقاومة القوة التي اعتقلته، ولم يكن وضعه طبيعيا، ولا ندري هل سبب ذلك تناوله أدوية معينة، أم بسبب وجوده فترة طويلة في نفق تحت الأرض. ويردف حرب بالقول عندما رأيناه في المحكمة كان متوازن القوى، يناقش كل شيء ويبيّن رأيه، خلافا للوضعية التي اعتقل فيها بشعر كثيف. من جانبه، استبعد كامل فرضية الوشاية بصدام، مؤكدًا أنه تم العثور عليه بعد تعقّب أحد أقارب زوجته ساجدة خير الله، الذي كان أحد آخر ضباط الحماية الذين ظهروا معه في أبريل/نيسان 2003 في منطقة الأعظمية ببغداد، واعترف ببعض المعلومات التي أدت على ما يبدو إلى معرفة الأماكن المتوقع وجود صدام فيها، ومنها هذا الموقع الذي أسر فيه. من جانبه، نوّه الشيخ فلاح حسن الندا النجل الأكبر لزعيم قبيلة البو ناصر التي ينتمي إليها صدام إلى أن الروايات حول طريقة اعتقال صدام متضاربة، ولكن المؤكد أنه كان في دار قيس نامق الدوري في قضاء الدور المحاذي لنهر دجلة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here