خبراء : اللواء د. سعد معن وضع لبنات الإعلام الأمني

حامد شهاب

يؤكد خبراء أمنيون ومختصون بشؤون الإعلام الأمني على وجه التحديد أن كليات الإعلام وأقسامه ، ومنذ السبعينات ، لم تضع في إعتبارها أهمية أن تدخل موضوعة الإعلام الأمني في أحد أقسام الإعلام المهمة ، ولم يجر الإهتمام بوضع سياقات وخطط وبرامج توضح طبيعته ومهامه وتوجهاته ، ما أبقى الإعلام الأمني منحصرا ضمن إهتمام ضباط ومحترفين من داخل مؤسسات الأجهزة الامنية ، هم من كان لهم الدور الفاعل في وضع لبنات الإعلام الأمني ، وهم من وظفوا قدرات ومهام الإعلام والصحافة وفقا لإحتياجات مؤسساتهم الامنية، وبخاصة ضمن عمل وزارة الداخلية او حتى وزارة الدفاع وبقية الاجهزة العسكرية والأمنية.
ويؤكد هؤلاء الخبراء بأنه جرى الإهتمام في المقام الاول على توضيح مهام الإعلام ووظائفه وأشكاله ونظرياته ، بشكل عام، وأغرقت بحوث الإعلام ومؤلفاته النظرية ومواد أقسام الإعلام في كليات الإعلام نفسها في توضيح كيفية إعداد الخبر والتقرير الصحفي والتحقيق الصحفي والاذاعي والتلفزيوني والمقال الصحفي والعمود ، ولم يجد الإعلام الأمني له مكانا منذ ذلك التاريخ.
ويشير المهتمون بالشأن الإعلامي الأمني أنه ربما لم يتم الاهتمام بموضوعة الإعلام الأمني ، إلا بعد أعوام 2014 وما بعدها ، وكانت فترة تولي اللواء الدكتور سعد معن ، منذ أن كان برتبة عميد ، مهمة إدارة مكتب العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية أولى لبنات من أرسى دعائم الإعلام الأمني، وفتح له الآفاق الواسعة لكي يجد له مكانا مهما ، حتى أبدع الرجل مع ضباطه ومنتسبيه الذين إختارهم بعناية ، ليكوتوا أحد الأدوات المهمة والفاعلة لتحقيق هذا الحلم، وإرساء معالم إعلام أمني لأول مرة .
ومن تلك المؤهلات التي ساعدته لتولي كل تلك المهام ، القدرة على إمتلاك المعلومة الأمنية في وقتها المحدد ، والاطلاع المستمر على مجريات الأوضاع الأمنية عن كثب، في سني تحدي الإرهاب وأشكاله المختلفة ، وبسرعة بالغة لحظة وقوع الحدث، حتى تجده حاضرا، وهو يبلغك بتفاصيل ما يحدث ويحلل عناصره وأسبابه وأهدافه، وهو يحاول قدر الامكان التخفيف من حالة الذعر والإرباك في المواقف الحرجة، عندما يستعرض أحداثها للإعلام ، وبخاصة عند وقوع احداث أمنية تؤدي الى خسائر بالغة، فيظهر الرجل توازنه في التوجهات الإعلامية ، بحيث لايجعل الفبركة والاختلاق والمبالغة تأخذ طريقها لتقوم بتضخيم الحدث أو تهول من وقائعه، إنطلاقا من إدراكه أن وراء كل فعل رد فعل، ولابد للضابط النبيه أن يحاول قدر إمكانه إعطاء وقائع أقرب الى الحقيقة ، دون أن يخفي الوقائع أو يمارس لعبة التضليل ، لأنها سرعان ما تنكشف ، وهو يدرك إن إعطاء قسط كبير من الحقيقة عن بعض الوقائع الأمنية وبحيادية يضفي عليه المصداقية ويجعل أمر تقبل ما يعرضه أزاءها من أحداث قابلا للتصديق ، ويخلق أجواء من الثقة مع الجمهور والشارع عموما، وهو يدرك أن أي كلام يدخل في دائرة المبالغة والتهويل من أوساط الرأي العام ومن بعض وسائل الإعلام التي تبحث عن (الإثارة) بهدف لفت الأنظار، ما يؤثر ذلك على معنويات المواطنين ، ويوفر للجهات الارهابية مهمة أن تكون ضرباتها أكثر وقعا ، وقد أحدثت التأثير المطلوب في إرباك الوضع الأمني.
لقد كانت مديرية العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية ، التي يرأسها اللواء الدكتور سعد معن ، المكان المناسب لولوج ميدان الإعلام الأمني ، إذ جمع بين مهمتين أساسيتين في هذا المجال العلاقات العامة وهي مجال حيوي من مجالات العمل في وزارة الداخلية وكذلك الجانب الآخر والمهم، وهو الإعلام الأمني ، وكانت كتبه ومؤلفاته طوال تلك السنين وما وظفه من كفاءات وكوادر إعلامية وخبرات في الحرب النفسية والإشاعة ووضع لبنات إذاعة خاصة بالوزارة وصحيفة ناطقة بإسمها حتى أسهم بكل هذا الجهد الإعلامي الأمني الكبير، ما يعد فعلا مؤسس الإعلام الأمني وواضع أركانه وأسسه وتوجهاته ومناهجه ، إن صح التعبير.
ويتخيل اليك عندما تسبر أغوار مكتب مديرية العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية أنك أمام أكاديمية تؤسس لدائرة الإعلام الأمني والحرب النفسية بكل فروعها وتوجهاتها ودوائر إختصاصها ، وقد وضع الرجل على رأس كل تلك الاقسام ضباطا من مراتب عليا وكوادر وخبرات أكاديمية وأمنية مجربة ، حصدت كل تلك النجاحات المبهرة في مجال الإعلام الأمني والعلاقات العامة مع الأوساط الشعبية والاكاديمية والنخب المثقفة ، فكانت بحق مثالا لتطور نوعي وقيمي ، يرتقي بتلك المهمة وهي الإعلام الأمني وفي مواجهة الارهاب المتعدد الاشكال ، خطوات متقدمة الى الأمام.
لقد أسهم اللواء الدكتور سعد معن في رفع شأن دائرة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية ، لكي ترتقي بعملها الإعلامي الأمني وتواصلها مع قطاعات الرأي العام العراقي وسبل مواجهة حملات الحرب النفسية والاشاعات ، وسبل التوغل في أعماق النفس البشرية في الجانب التخصصي النفسي الاجتماعي الإعلامي، وللرجل ، كما يشهد الكثيرون ، الفضل الريادي بأن تصل تلك المديرية المتقدمة في العمل والتوجهات وأساليب المواجهة الى المهمة المناطة به على الوجه الأكمل.
وما يشهد له الكثيرون أنه وضع خارطة طريق للعمل الأمني، في وزارة لم تكن من إهتماماتها كل هذا التوسع في العمل الإعلامي الأمني ، وما أن تستعرض أنشطة دائرته حتى تجد نفسك أمام كلية أو أكاديمية متخصصة بعلوم الإعلام الأمني والعسكري، يشرف عليها ضباط وكفاءات مهنية عليا في مختلف الاختصاصات الإعلامية والأمنية ، وقد تحولت الى ورشة عمل ، يقوم كل مختص يتهيئة مستلزمات عمله ، وسبل إنطلاقة مشاريع قيادة حملات حرب نفسية ، وسبر أغوار ميادينها التي تعد عالما واسع النطاق، ويشغل بال مختلف النخب الاعلامية والكليات المتخصصة بعلوم الإعلام، حتى راحت كليات الإعلام ترفدها بالخبرات والكفاءات التي ترتقي بعملها خطوات متقدمة ونوعية ، شهد لها الكثيرون بأنها كانت مدرسة واكاديمية ، وقد أبى اللواء الدكتور سعد معن إلا أن يطور أساليب عملها من خلال علاقات واسعة ، أقامها مع مختلف النخب الثقافية والإعلامية العراقية التي كانت معينه، بعد إن شعرت أن الرجل يستحق أن يوضع في هذا المكان الحيوي من دوائر الوزارة.
وكم تمنى كاتب هذا المقال ونخب صحفية وثقافية ان يرأس اللواء الدكتور سعد معن أكاديمية إعلامية أمنية متخصصة ، ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، لكون ميادينها واسعة وحيوية واستراتيجية ، وهي من وضعت أسس ومعالم وتوجهات مديرية تحولت من دائرة كلاسيكية الى أهم دوائر العراق الأمنية إهتماما بالرأي العام والتعامل الانساني ، والذي يركز في المقام الاول على توجهات مكافحة الارهاب بكل أشكاله ويضع خططا وأساليب متطورة لمواجهتها، وقد نجح في تلك المهمة المعقدة واوصلها الى مراتب القمم.
ولو إستعرضنا مضامين الكتب والدراسات التي أعدها اللواء الدكتور سعد معن خلال السنوات الماضية وعناوينها الكثيرة ، لوجدنا أنها تعددت مضامينها الإعلامية والأمنية، منذ أن كان الناطق الإعلامي بإسم قيادة عمليات بغداد وزارة الداخلية، وهو الذي أرسى دعائم نظرية وعملية مهمة للإعلام الامني ، ووضع لبنات من يختص بالناطق الإعلامي الامني، وهو يوزع أبواب عمله ومهامه لتجمع بين مهام الاعلام والعمل الأمني والحرب النفسية ، وبضباط وكفاءات قادت المهمة الموكلة اليها، فكانت بحق رائدة لعمل أكاديمي وبحثي علمي ومهني إرتقى بميادين العمل الأمني ، الى مستوى عال، بعد أن إمتلك هؤلاء القائمون عليها من الخبرات والمهارات ، ماوفرت لها سبل النجاح وتحقيق نجاحات متقدمة في إختراقات مهمة ، إستطاعت أن تعين المؤسسات الأمنية والعسكرية بما يعزز عملها نحو الافضل.
وربما كانت إحدى المهام الكبيرة لهذا المكتب خلال فترة حملات المواجهة الصعبة مع وباء كورونا ، قبل عامين ، حيث كانت ملاكات وكوادر وزارة الداخلية ومنهم اللواء الدكتور سعد معن مدير العلاقات والاعلام بوزارة الداخلية حاضرين في كل إجراءات فرض حظر التجوال، وهم يتجولون في شوارع بغداد ويتفقدون ميدانيا أحوال العديد من أحياء ومناطق بغداد لمعرفة مدى التزام المواطنين بإجراءات الحظر، ويسهمون من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام بتذليل أي مصاعب يواجهها المواطنون خلال فترات تطبيق الحظر، ويقيم ندوات اعلامية ويحرص على تطبيق توجيهات وزارة الصحة لكي تضع حدا لإتشار المرض أو تحد من آثاره الخطيرة، وقد نجح الرجل في تلك المهمة مع اللجنة العليا التي شكلت أنذاك لهذا الغرض..
وبهدف تطوير مهمة الإعلام الأمني ورفدها بالخبرات الحديثة كلف الدكتور سعد معن في وقتها، العديد من المختصين والمهتمين بالشأن الاعلامي والنفسي والدعائي والعلمي والصحي، لعقد جلسات عمل تضع الخطط والبرامج والتوجهات وتقدم التوصيات التي من شأنها ان ترفد عمل وزارة الداخلية والجهد التوعوي والاعلامي والصحي والبيئي ، الذي يسهم في الحد من التغلب على أكبر أزمة فتكت ليس بالعراق بل بدول العالم ، وراح جرائها الاف الوفيات والمصابين وبخاصة في دول اوربية ودول ضمن المنطقة، التي كانت مصدرا لانتشار هذا الوباء ولم يعد بمقدورها مواجهة مخاطره لانها لم تضع منذ البداية خطط طواريء ، تعيق انتشاره وتطوق هذا الوباء ولم تكن اجراراتها كافية مما ادى الى تفشي هذا الوباء في دول كثيرة تعد متقدمة في كل المجالات.
ولم يقتصر عمل اللواء الدكتور سعد معن عل الإشراف على عمل مكتب العلاقات والاعلام وأقسامه ، لكن كانت لها إسهامات كبرى في التنظير البحثي الإعلامي والأمني ، ومن الكتب المهمة التي إصدرها الدكتور سعد معن ، الناطق الإعلامي الأمني ، وكتاب ”التسميم الإعلامي بين الحربين النفسية والاعلامية ” ، الذي صدر في بغداد عن مركز أضواء الإستشاري للدراسات والبحوث ، هو أحد تلك الميادين الحيوية التي تناول فيها موضوعة التسميم السياسي والربط بين الإعلام والتوجهات السياسية ذات الأغراض المعروفة ، والتي تبحث عن وسائل وسبل لتوجهات دعائية، وبخاصة أن العراق يواجه حربا ضروسة تتعدد فيها الخصوم وأشكال مواجهاتهم ، وبخاصة في المعركة مع داعش التي أخذت حيزا كبيرا من هذا الاهتمام.
وقد سلط الباحث في كتابه “التسميم الاعلامي بين الحربين الاعلامية والنفسية “على كيفية إستخدام وسائل الإعلام لممارسة الأشكال المختلفة من وسائل الحرب النفسية والمعنوية وكيفية مواجهتها ، بإستخدام المحطات الإذاعية المسموعة والمحطات الفضائية المرئية والمسموعة والصحف والمواقع الألكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيفية بث برامج وندوات ومقالات وتحليلات تستهدف تحطيم الروح المعنوية والنفسية وشن حملاتها الدعائية بإعتماد خبرات متقدمة في هذا المجال.
كان اللواء الدكتور سعد معن قد انهى دراسة اللغات وبخاصة الانكليزية في بغداد في التسعينات ، في وقت كان هو ضابطا في الشرطة على صنف المرور، لكنه واصل دراسته في مجال اخر فيما بعد في كلية الاعلام ، ونال منها البكالوريوس في الاعلام وبعد فترة تقدم للماجستير وبعدها اكمل الدكتوراه في تخصص حقوق الانسان، ذات الصلة بقضايا السجون والمعتقلات في دوائر وزارة الداخلية، في دائرة الشؤون العامة التي كانت اخر محطات عمله، ومنها انطلق ناطقا اعلاميا بإسم وزارة الداخلية ومن ثم ناطقا بإسم عمليات بغداد، وبقي في هذا المنصب لسنوات.

التأهيل العلمي:
** بكالوريوس اداب لغة إنكليزية (ترجمة) من كلية التراث الجامعة في بغداد عام 1994
** دبلوم عالي علوم شرطة من المعهد العالي لضباط قوى الأمن الداخلي على الدورة التاسعة في بغداد عام 1995
** بكالوريوس أعلام من كلية الأعلام في جامعة بغداد عام 2001
** ماجستير إعلام من كلية الاعلام في جامعة بغداد عام 2007
** دكتوراه إعلام من كلية الاعلام في جامعة بغداد عام 2011
المناصب والخبرات الأمنية
** ضابط مرور من 1995 لغاية العام 2003
** سكرتير وزير الداخلية 2003 -2004
**سكرتير مفتش عام وزارة الداخلية 2004 إلى 2005
** مدير مكتب الإعلام والعلاقات العامة في وزارة الداخلية 2005 إلى 2006
** ضابط العلاقات الخارجية في وزارة الداخلية 2006
**ضابط التخطيط والإحصاء في مديرية المرور العامة 2006 إلى 2007
ضابط حقوق الانسان في المديرية العامة للشؤون الداخلية والأمن مكتب الجنوب عام 2007
** معاون مدير قسم حقوق الأنسان عام 2007
** مدير قسم الاعلام في المديرية العامة للشؤون الداخلية والأمن عام 2008
** الناطق الرسمي بإسم وزارة الداخلية وعمليات بغداد
** مدير دائرة العلاقات والأعلام في وزارة الداخلية ورئيس خلية الإعلام الأمني
تحياتنا لكل جهد وطني إعلامي أمني وطني يرتقي بالعمل الاعلامي الأمني خطوات متقدمة الى الأمام.. ويعد اللواء الدكتور سعد معن أحد القامات العراقية الشامخة التي حظيت بالتقدير والاحترام من ملايين العراقيين نخبا وكفاءات واوساط شعبية ، بعد أن أقام الرجل علاقات واسعة معهم، وهم يذكرونه بالتقدير والاعتزاز للاخلاق العالية التي يتحلى بها الرجل وكفاءته ومهاراته ، وللابتسامة التي أحبها الجمهور حين يراه وهو في أحلك ظروف المواجهة مع الإرهاب بكل صنوفه واشكاله.
تحية منا مرة أخرى لكل كوادر وزارة الداخلية ، متمنين النجاح للسيد الوزير الفريق أول الركن عبد الامير الشمري في مهمته الجديدة للنهوض بالوزارة الى ميادين أكثر نجاحا وحركية وهو يضع لها خارطة طريق لتطوير أدائها ومهامها نحو الأفضل، ولدائرة العلاقات والاعلام واقسامها المتخصصة وعلى رأسهم اللواء الدكتور سعد معن..وأن يوفقهم في مهامهم الملقاة على عاتقهم، ..مع خالص أمنياتنا لهم بالتوفيق الدائم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here