الله والاخلاق، و ليبرالية المواطن العراقي !

الله والاخلاق، و ليبرالية المواطن العراقي ! (*) بقلم د. رضا العطار

سوف يكثر الحديث في مقتبل الايام عن (تحالف القيم) الاسلامية مع القيم الفرنسية بالامثلة العقلية المقنعة التي تجسد روح العدالة والمساواة والاخاء شعار الثورة الفرنسية عام 1789 في القرآن الكريم.

1 – فالحضارة الغربية تؤمن بالعدالة وقرآننا يقول في سورة النحل : ( ان الله يامر بالعدل والاحسان ) ويقول في سورة المائدة : ( ولا يجرمنكم شنان قوم على الا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى).

2 – ان الحضارة الغربية تؤمن بالاخاء الانساني، وقرآننا يقول في سورة الاسراء :

( ولقد كرمنا بني آدم ) وهكذا بالاطلاق دون تفريق بين اي لون. ونبينا عليه السلام يقول (ان العباد كلهم اخوة)

3 – الحضارة الغربية تؤمن بالتنوع الثقافي والتعددية، كما جاء في الاعلان العالمي للتنوع الثقافي عام 2001 وكتابنا يقول في سورة الحجرات

( يا ايها الناس، انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، )

وقد كانت الكوكبة الاولى من صحابة نبينا عليه السلام تمثل تنوعا فريدا : بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وغيرهم كما استوعبت دولة الاسلام على مر عصورها سائر الاديان والثقافات على اساس المبدأ القرآني ( لا اكراه في الدين )

­4 – الحضارة الغربية تؤمن بالثقافة والعلم واول كلمة نزلت في كتابنا (أقرأ) فحضارتنا تجعل الاشتغال بالعلم عبادة وقربى الى الله.

وقبل ذلك بقرنين من الزمان كان فولتير فيلسوف الثورة الفرنسية والرائد الاول من رواد الليبرالية يرى ان وجود الله والقيمة المطلقة لشكل معين لفهم الاخلاق امران لا شك فيهما ابدا. – – – ففولتير يعتبر الالحاد امرا صعب المسالك، مؤكدا ان وجود الله هو اقرب شئ الى الاحتمال، يمكن للبشر ان يفكر فيه – ويضيف : (القول المعاكس من ابعد الاشياء عن العقل والمنطق)

وتلتقي الليبرالية العربية مع فولتير، متمثلة في القيم الاخلاقية – كون ان الايمان بالخالق هو تاكيد لايمان الليبرالية بالله. وعلى عكس ما يطلق عليه الاصولية الظلامية من كفر والحاد. في مواقعهم على الانترنت، التي تشبه الى حد كبير مغارات (تورا بورا) في افغانستان، وهو لا يعدو ان يكون اغتيالا معنويا عن طريق الاغتيال الحسي للمخالف.

فالاسلام على خلاف ما يريده المتشددون والمتنطحون – لا يكفر مخالفيه لمجرد عدم اتباعهم رسالته بل يكفر منهم فقط، من يحول بين الناس وبين ممارستهم لحرية العقيدة التي كفلها لهم – ولم يلتبس الامر الا عندما اخترع الفقهاء مصطلح – دار الحرب – في مقابل مصطلح – دار السلم – زمن الفتوحات، فاصبحت – دار الحرب – تعني حينها المجتمعات والدول كافة التي لا تنضوي تحت لواء الدولة الاسلامية التي تمثل بدورها – دار الاسلام – مما سمح باستعمال مصطلح – الكفر – لا حقا ليكون وصفا لكل من لا يدين بالاسلام.

والغريب ان الوعي الزائف والنفور الغبي من العلم بل والوحشة منه يزيد في عالمنا العربي والاسلامي درجة ونوعية، كلما تقدم به الزمن في وضع معكوس تماما لما يفرضه واقع عالم اليوم – فاسلافنا على العموم كانوا اقل حساسية منا فيما يتعلق بنتائج العلم التي ربما تخالف بعض ظواهر النصوص الدينية – – – والجدير بالذكر ان الكاتب المصري عباس محمود العقاد يرى في نظرية النشوء والتطور لداروين تشكيكا في الايمان، بان الله هو الخالق، لكن المفكر التنويري الشيخ محمد احمد باشميل يتصداه متصورا انه بالامكان تأويل هذه النظرية بطريقة لا تجعلها تتصادم والايمان بالله خالقا.

* الليبرالية بين الوهم والحقيقة لشاكر النابلسي مع التصرف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here