هل تعلم ان امراض البرد تداوى بورق الصفصاف ؟ !

هل تعلم ان امراض البرد تداوى بورق الصفصاف ؟ ! (*)
د. رضا العطار

كان الصفصاف في الحضارة السومرية شجرة مقدسة ، تستعمل في التعاويذ. وقد جاء في احدى هذه التعاويذ :

(إذا جاءت شجرة الصفصاف من حقل وسط المدينة).

وفي تعويذة اخرى (وبفضل اغصان الصفصاف عسى ان ينهضوا).

كان الصفصاف الابيض يستعمل عند المرأة وقت الحيض كمطهًر، ولأغراض علاجية اخرى.

اعتقد الساميون ان شجرة الصفصاف ، تستنزل المطر وتقترن بالقمر.

يُدعى الصفصاف عند العرب شجر (الخلاف)، واصنافه كثيرة. يطلق على الصفصاف خليفو بالاكدية، وخلف بالكنعانية، وخيلافا في السريانية، وكالوبو بالسومرية. ويبدو ان معظم الاسماء الاوربية التي تقال للصفصاف، يرجع الى السومرية. وهذه الالفاظ كلها تذكرنا بمادة (هلً) السامية. بمعنى سطع. وبكلمتي (الهلال) و (الهالة) العربيتين، يرد ذكر لبنات (هاء، ل، ل) وقد يكون المقصود منه، القمر الساطع !

والعلاقة بين الصفصاف والماء معروفة، اما علاقة الماء بالقمر، فمردها الى المد، وهو ارتفاع ماء البحر وامتداده الى البر. القمر يتم دورته في ثمانية وعشرين يوما، ولأن عدة ايام الحيض ثمانية وعشرين ايضا، فقد كان الرقم 28 مقدسا في المجتمعات القديمة التي كانت السيادة فيها للأم. ومن هنا اقترنت عبادة المرأة بعبادة القمر. كما كان يعتقد ان ميزة أماليد الصفصاف في الألتواء والانضفار اشارة الى الدورة الدموية للمرأة.

يضيف كاتب السطور قائلا : أثناء سفرتي السياحية الى ايران في تسعينيات القرن الماضي، تلهًفت لزيارة مرافقها الاثرية والثقافية، فلما سمعت ان لابن سينا في مدينة همدان منحف، ذهبت اليه، كان المظهر الخارجي لبناية المتحف يوحي بعمارة اسلامية دون زخارف. كانت القاعة في الداخل دائرية الشكل، كانت الجدران تعرض نماذجا من الاعشاب وجذور النباتات داخل مقاطع زجاجية مرتبة، وقد زودت باسمائها وفوائدها الطبية، كان ورق الصفصاف من ضمنها، وقد كتب باللغتين الفارسية والانكليزية عبارة (يشفي امراض البرد) كان ذلك قبل اكثر من الف عام.

كانت القاعة دائرية الشكل بقطر سبعة امتار تقريبا وقد تُوًج مركز القاعة بصخرة قرمزية ضخمة، تمثل شاهدة القبر، جُلبت من مدينة نيسابور، مسقط رأس ابن سينا، تخليدا لذكراه.

وبينما كنت متأملا ومسرورا بالانجازات الباهرة للانسان الشرقي في ماضي الزمان، برقت في خاطري ذكرى ايام صباي في الاربعينيات حينما كنت استحضر (السبع عرقات) في دارنا بكربلاء عن طريق عملية التقطير، (Distelation)، لأغصان شجر الصفصاف، يجلبها الفلاح من البستان، اهيئها للمرحوم والدي الذي كان يمارس طب الاعشاب، يداوي بها مرضاه المصابين بامراض البرد.

وفي عام 1954 كنت احد طلاب كلية الطب لجامعة دوسلدورف في المانيا الغربية. التي نظمت لطلابها سفرة استطلاعية الى مدينة ( ليفركوزن ) لزيارة معامل الادوية فيها. وقد دهشت عندما شاهدت هناك بان اقراص اسبرين باير المعروفة تصنع من حامض الساليسيك المستخلص من اوراق شجر الصفصاف.

* مقتبس من كتاب (جولة في اقاليم اللغة والاسطورة) لمؤلفه علي الشوك، مع اضافات لكاتب السطور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here