عام جديد

كامل سلمان

ايام قليلة تفصلنا عن العام ٢٠٢٣ م ، نتمنى ان يكون عام خير وسلام لجميع الناس ، عام محبة وألفة دون النظر الى الانتماء القومي او الديني او الشكل او اللون او العرق ، عام يجتمع فيه الناس على مائدة الارض دون تمييز ، تزول فيه المجاعات وتنتهي فيه الحروب ويحل السلام بين البشر وتسكت فيه اصوات البنادق واصوات القنابل وتذوب فيه الكراهية والاحقاد ، عام يعيد فيه الإنسان كرامته التي دنستها النزاعات والصراعات هنا وهناك .بعد ان نودع العام ٢٠٢٢ م ، بما حمل من جراح وآلام وحروب واوبئة ، ، قد يختلف العام الجديد عن الاعوام التي سبقته وقد يحمل في طياته بشارة خير لبني البشر ، وقد يكون مجرد رقم يتغير ولا يتغير الإنسان ، وقد يكون فيه من المرارة تجعلنا نتحسر على ما سبقته من اعوام ، ولكننا نبقى نتأمل ونتفاءل بالخير لأن التأمل بالخير هو سر ديمومة الحياة ، وتبقى الامنيات في خانة الامنيات ، ومهما نكون او كنا او سنكون فهي اعوام محسوبة من اعمارنا ، فسنين العمر محدودة طالت ام قصرت ، ، الشعوب والامم تحتفل بمقدم العام الجديد فهي تواقة لرؤية الشيء الجديد والتطلع بشغف الى الشيء الجديد ، ومن حقها ان تفعل ذلك لأن الحياة بغياب التفاؤل تصبح جحيم لا يطاق رغم ان الاشرار ينكمشون و يتقوقعون مع الافراح لأنهم اليوم هم كثيرون واقوياء و يستحوذون على مساحة واسعة من الارض ولهم سلطة على كثير من عقول الناس ، فهو صراع ازلي لا ينتهي ، الخير دائماً يّعبر عن نفسه بالافراح والشر دائماً يعبر عن نفسه بالأحزان ، فالفرحة بمثل هذه المناسبات هي طعنة في خاصرة الشر .
كل واحد منا له امنيات يود تحقيقها مع العام الجديد ، وكل شعب او امة لها امنيات تود تحقيقها مع العام الجديد ولكن الامنيات لا تأتي من تلقاء نفسها ، فالسعي والاصرار والمثابرة هي التي تقرب الامنيات وتحققها ، وتحقيق الامنيات لابد ان يكون مقروناً بالتفاؤل ، فالفلاح الذي يزرع امنيته ان يرى يوم الحصاد فهو يتعب ويسهر ويراقب ويعد الايام ، وعندما يحين الحصاد يفرح ويحتفل ، يفعل كل ذلك لأنه حقق امنيته وكذلك الشعوب التي تسعى الى التحرر والبناء لا تنال مبتغاها الا بعد ان تنال من الالم الكثير . وهكذا هم العلماء والرياضين والسياسين وغيرهم يبذلون من الجهود الكبيرة لأجل الوصول الى اهدافهم وتحقيق امانيهم ، فليس من الصواب ان نمني انفسنا بعام فيه الخير ونحن جالسون في اماكننا ولا نحرك ساكناً و كأننا نريدها ضربة حظ . وهذا يعني علينا ان نجعل من تفاؤلنا بالعام الجديد هو انطلاقة للسعي الى سبل الخير لكي تكتمل الفرحة الحقيقية . كرنفالات الفرح حاجة نفسية ومعنوية تشحذ الهمم عند الناس وترسم في اذهانهم ملامح السعادة والامال المرتقبة وهذا هو السر الذي يدركه الاشرار جيداً فلا يسرهم رؤية الناس تفرح في مثل هذه المناسبات .
شعوب الارض عرفت قيمة هذه المناسبة ، مناسبة قدوم العام الجديد ، فسّخرت نفسها للاحتفال به وزيّنت شوارعها وبيوتها بالإضاءة وادوات الزينة ، شعوب ترقص فرحاً وبهجة لتستقبل العام ٢٠٢٣ م متناسية همومها وآلامها لأنها تعرف ان الافراح تذيب الشجون وتعرف ان الخير يصنعه الإنسان وتعرف ايضاً ان الأشرار يولون الادبار وتختفي اثارهم عندما يكون الإنسان متفائلاً فرحاً ، فهي ليست مجرد مناسبة سنوية نستمتع بها فقط بل هي تحوي في ثناياها مزايا متعددة تهم الإنسان ومستقبل الإنسان فلنحتفل ونحي هذه المناسبة العظيمة اكراماً لأنفسنا واكراماً لأجيالنا ولنشارك شعوب الارض فرحتهم بكل قوة وعزيمة . فنحن بحاجة اليها اكثر منهم لأننا اكثر حرماناً منهم واكثر مظلومية منهم والاشرار يتخذون من مرابعنا مرتعاً لهم ، فهذا هو الوقت المناسب جداً لإذلال الاشرار بالتعبير عن الفرح بكل اشكاله وصوره ، عسى ان تزول غمامات الهم والحزن وتشرق شمس الافراح من جديد على اوطاننا ، وكل عام وانتم بألف خير .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here