قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة! [الجُزءُ الرَّابع]

قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة!

نـــــــزار حيدر

[الجُزءُ الرَّابع]

١٩/ لقد أَثار المرجعُ الأَعلى الإِنتباه إِلى حقيقةٍ في غايةِ الأَهميَّة تتعلَّق بجهودِ مُكافحةِ الإِرهاب ومعالجةِ آثارهِ المُدمِّرة بقولهِ للسيِّد ميغيل أَنخيل موراتينوس وكيل الأَمينالعام للأُمم المُتَّحدة المُكلَّف بوضعِ خُطَّةِ عملِ المُنظَّمة الدَّوليَّة لحمايةِ المواقعِ الدينيَّة في العالمِ بعدَ الهجَمات التي تعرَّضت لها في أَماكنَ مُختلفة في العالَم في السِّنينالأَخيرة خلال استقبالهِ لهُ مُؤَخَّراً [إِنَّ للمآسي التي يُعاني منها العديد مِن الشُّعوب والفِئات العِرقيَّة والإِجتماعيَّة في أَماكن كثيرةٍ من العالَم، نتيجةً لِما يُمارس ضدَّها منالإِضطهاد الفكري والدِّيني وقمعِ الحُريَّات الأَساسيَّة وغِياب العدالةِ الإِجتماعيَّة، دوراً في بروزِ بعضِ الحركاتِ المُتطرِّفة التي تستخدم العُنف الأَعمى ضدَّ المدنيِّينَ العُزّلوتعتدي على المراكزِ الدينيَّةِ والمواقعِ الأَثريَّة للآخَرينَ المُختلفينَ معها في الفكرِ أَو العقيدة].

فالعنفُ والتطرُّف والإِرهاب نتائجٌ لسياساتٍ فاسدةٍ تنتهجها النُّظم السياسيَّة في العالَم بحقِّ الشُّعوب وخاصَّةً المُستضعَفة والمغلوبِ على أَمرها.

إِنَّها الحقيقة التي لا يُريدُ أَن يعترفَ بها العالَم وتتجاهلها القُوى الإِستكباريَّة والنُّظُم البوليسيَّة الإِستبداديَّة الشموليَّة فضلاً عن [الكِبار] الَّذين يتحكَّمُون بالمالِوالإِقتصادِ والطَّاقةِ والسِّلاحِ على وجهِ التَّحديدِ.

إِنَّهم يُشغِلُونَ الرَّأي العام بالحربِ على النَّتائجِ [الإِرهاب] من دونِ الإِشارةِ أَبداً إِلى الأَسبابِ والعواملِ التي تُنتِجهُ ومَن يقفُ خلفها، والسَّببُ واضحٌ؛ إِنَّهم يتهرَّبُونَ منتحمُّل مسؤُوليَّة تهيِئة الأَرضيَّة وخلق الظُّروف التي ساهمت في صناعةِ التطرُّف والإِرهاب، والتي أَنتجتها سياساتهُم الظَّالِمة والفاسِدة ضدَّ شعُوب الأَرض ومِنها وعلىرأسِها الإِضطهاد الفكري والدِّيني وقمعِ الحُريَّات الأَساسيَّة وغِياب العدالةِ الإِجتماعيَّة، كما أَشارَ إِلى ذلكَ البيان الصَّادر عن مكتبِ المرجعِ الأَعلى عقبَ زيارةِ المبعُوثالأُممي لسماحتهِ في النَّجفِ الأَشرف.

وكان َالمرجعُ الأَعلى قد أَكَّد خلال اللِّقاء على [أَهميَّة تضافر الجهُود في التَّرويجِ لثقافةِ التَّعايش السِّلمي ونبذ العُنف والكراهيَّة وتثبيتِ قِيم التَّآلف المبني على رعايةِالحقُوق والإِحترام المُتبادَل بين مُعتنقي مُختلف الأَديان والإِتِّجاهات الفكريَّة].

إِنَّ زيارةَ المبعوثِ الأُممي للمرجعِ الأَعلى ليطرحَ عليهِ مشرُوع حمايةِ المواقعِ الدينيَّة ثُمَّ الإِستماع إِلى آرائهِ ورُؤاهُ بهذا الخصُوص كانت أَكثر من ضروريَّة وهي منحتمشروعهُ دفعةً حقيقيَّةً وضروريَّةً في آنٍ واحدٍ، وذلكَ بلِحاظِ أَمرَينِ مُهمَّينِ جدّاً؛

الأَوَّل؛ أَنَّ العراق أَكثر مَن تعرَّضت أَماكنهُ المُقدَّسة ومواقعهُ الدينيَّة والتاريخيَّة والحضاريَّة وبِكُلِّ هويَّاتها للعِدوانِ والتَّدميرِ بسببِ الإِرهاب فكيفَ يُمكِنُ أَن نتخيَّلَ نجاحَمشروعٍ كهذا يهتم بحمايةِ الأَماكنِ الدينيَّةِ المُعتدى عليها من دونِ أَن يكونَ للنَّجفِ الأَشرفِ رأيٌ في الأَمرِ؟!.

لقد دمَّر الإِرهابيُّون ثلاثةً من أَقدس وأَقدم دور العِبادة والمواقعِ الدينيَّةِ في العراقِ والعالَم وهي حسب التَّسلسُل الزَّمني؛

*مرقد الإِمامَينِ العسكريَّينِ (ع) في مدينةِ سامرَّاء المُقدَّسة بمحافظةِ صلاح الدِّين.

*كنيسة سيِّدة النَّجاة في العاصمةِ بغداد.

*جامع النُّوري في مدينةِ المَوصل بمُحافظةِ نينوى.

الثَّاني؛ دَور النَّجف الأَشرف في التصدِّي للعُنف والإِرهاب والتطرُّف وحمايةِ المنطقةِ والعالَم من شرورهِ، خاصَّةً منذُ أَن سيطرَ الإِرهابيُّونَ على نصفِ الأَراضي العراقيَّةووقفُوا على تخُومِ العاصِمةِ بغداد يُهدِّدونَ باقتحامِ مَدينتَي النَّجف الأَشرف وكربلاء المُقدَّسة، سواءً تجلَّى هذا الدَّور بفتوى الجِهاد الكِفائي أَو بإِشاعة ثقافة التَّعايشواحترامِ الآخر والدَّعوة للتَّعايش السِّلمي والإِلتزام بحدُودِ الحقُوق والواجِبات بينَ مُختلف شرائحِ المُجتمع من جانبٍ وبينَ الحاكمِ والمحكُومِ من جانبٍ آخر.

وليسَ مُجاملةً أَبداً أَن يُثني المبعُوث الأُممي على هذا الدَّور ويُشيدُ بهِ، ويذكُر المرجعيَّة الدينيَّة العُليا في بيانهِ كأَحدِ ثلاثةِ أَعمدةٍ يقفُ ويتوقَّفُ عليها نجاح مشروعهِ أَلاوهي [الفاتيكان والقاهِرة والنَّجف الأَشرف] كما أَثنى وأَشادَ بهِ مِن قبلُ بابا الفاتيكان خلال زيارتهِ للمرجعِ الأَعلى العام الماضي.

٢٠/ وإِنَّ من حُسنِ الصِّدَف أَن تزامنت الزِّيارة مع الذِّكرى السنويَّة الخامِسة لإِعلانِ إِنتصارِ العراقيِّينَ على الإِرهابِ الذي كان قد بسطَ نفوذهُ وقتها بسببِ فسادِ وفشلِالقُوى السياسيَّة، التي كانت تحكُم البلاد وقتها، وصِراعاتها المُستميتةِ على السُّلطة والنُّفوذ.

فالعراق الذي عانى الأَمرَّينِ من الإِرهاب مازالَ يقفُ في مُواجهةِ التطرُّف والعُنف في حربِ استنزافٍ لم تنتهِ بعدُ، على الرَّغمِ من إِعلانِ الإِنتصارِ النَّاجزِ على الإِرهابِبتوفيقٍ وسدادٍ من الله تعالى وببركةِ فتوى الجهادِ الكِفائي ودماءِ الشُّهداء الأَبرار وتضحياتِ المُقاتلينَ وصبرِ وتحمُّل أُسرهِم الكريمة.

إِنَّ الإِستقرار المُستدام يتطلَّب معالجةِ أَسبابِ الإِرهابِ والتي تقف على رأسِها الفَساد والفَشل، وتغييرِ السِّياساتِ الفاسدةِ التي مازالت تنتهجَها أَحزاب السُّلطة التيتسبَّبت بها المُحاصصة المقيتة التي أَقصت الطَّاقات والكفاءات والخِبرات من أَن تأخذَ موقعَها الطَّبيعي في عمليَّة البِناء والتَّنمية والإِستقرار.

٢١/ بدا واضحاً الآن بأَنَّ الكثير من [أَسلحة الحرب] التي كان يشنَّها [الإِطار] على حكومةِ الكاظمي إِنَّما كانت للإِستهلاك المحلِّي ولتصفيةِ الحساباتِ ولم تكُن، مثلاً،بمثابةِ رُؤيةٍ وطنيَّةٍ جديدةٍ في مُواجهةِ رُؤيةٍ [عميلة] كما كانُوا يصِفونها!.

فما عابوهُ بالأَمسِ على تلكَ الحكومة يُعلِنُونَ اليَوم إِلتزامهُم بهِ حذوَ النَّعلِ بالنَّعلِ والقِذَّةِ بالقِذَّةِ!.

فبمُجرَّد أَن تشكَّلت حكومتهُم حتَّى أَعلن السُّوداني عن إِلتزامهِ الثَّابت بما لا يقل عن [١٠] سياسات كانت الحكومة السَّابقة تنتهجها، وهي السِّياسات الأَساسيَّة مَوضعالجدل على مدى السَّنتَينِ الماضيتَينِ.

وكالآتي؛

*إِلتزامهُ باستمرارِ وحمايةِ التَّواجد العسكري الأَميركي الحالي [والأَجنبي عموماً] تحت عناوين [التَّدريب والمَشورة] وهي نفس العناوين التي وظَّفتها الحكوماتالمُتعاقبة لتضليلِ الرَّأي العام منذُ حكومة المالكي الثَّانية التي استدعت [١٢] أَلف عسكري أَميركي [فقط] [للتَّدريب والمَشوَرة] بعد أَن وافق على شرطِ واشنطن منحهُمالحصانة الكامِلة من خلالِ منحهِم تأشيرات دخول ديبلوماسيَّة، ولحدِّ الآن.

وبذلكَ انتزعت حكومة [الإِطار] الشرعيَّة المزعُومة من [المُقاومة] التي ظلَّت تهدِّد السِّلم المُجتمعي وتعتدي على السِّيادةِ طِوال السَّنتَين الماضيتَينِ تحديداً، إِذ لم يعُد فيالبلادِ، حسب بيان مكتب القائِد العام للقوَّات المُسلَّحة الصَّادر بتاريخ [٢٠٢٢/١٢/١٤] المُنصرم، قُوَّات إِحتلال، إِنَّما هي قوَّات صديقة لمساعدةِ العراقيِّينَ في الحربِ علىالإِرهاب!.

*إِلتزامهُ بسعرِ صرفِ العُملةِ الوطنيَّةِ في مُقابل الدُّولار الأَميركي!.

فبعدَ أَن كانَ السُّوداني يُهدِّد بثورةِ الجياع جرَّاء إِرتفاع سعر الصَّرف والذي تسبَّب بارتفاعِ الأَسعار في السُّوق، وادِّعائهِ وقتها بأَنَّ المسؤُول هو البرلمان ولا علاقةَ للبنكِالمركزي بالمَوضوع! عادَ اليوم يقولُ؛ نعم إِنَّ البنك المركزي هو المسؤُول وأَنَّ حكومتهُ مُلتزِمة بسياساتهِ بهذا الشَّأن.

*إِلتزامهُ بالتستُّر على [الطَّرف الثَّالث] الذي يُنفِّذ عمليَّات [القتل والإِغتيال السِّياسي] والذي تبيَّن بشكلٍ واضحٍ إِثر مقتل المُواطن الأَميركي في العاصِمة بغداد، فعلىالرَّغم من ظهُورهِ في الإِعلام مرَّتَينِ ليُعلن بأَنَّهُ يُتابع الملف شخصيّاً وبنفسهِ، مُحذِّراً الجُناة من مُحاولة إِختبار حكومتهِ على هذا الصَّعيد! إِلَّا أَنَّهُ تجاوزَ المَوضوع لحدِّ الآنتحتَ ضغطِ [الطَّرف الثَّالث] بالرَّغمِ من أَنَّ كُلَّ خيُوط الجريمة تجمَّعت بيدهِ!.

*إِلتزامهُ باستخدامِ القوَّة المُفرطة ضدَّ المُحتجِّينَ المُطالبينَ بحقوقهِم وتحميلِ مسؤُوليَّة الدَّم المُستباح لعُنصرٍ أَمنيٍّ [أَساءَ التصرُّف].

*إِلتزامهُ بسياسةِ تسليمِ المبالغِ الماليَّة للأَقليم من طرفٍ واحدٍ من دونِ مُطالبةِ الأَخير تسليم ما بذمَّتهِ من أَموالٍ مُتراكمةٍ من بيعِ البترُول خارج إِدارة الحكومة الفيدراليَّةوالتي تُقدَّر [٨] ونصف مليار دُولار.

*إِلتزامهُ بتقديمِ [أَكبُش فداء] في عمليَّات مُكافحة الفساد من دونِ التحرُّش بالحيتانِ الكبيرةِ و [العجُولِ السَّمينةِ] التي تحُومُ حَولهُ.

حتَّى [أَكبُش الفداء] هذهِ لم نرَ أَحدٌ منها خلفَ القُضبان يواجهُ القضاءِ ويكشف عن شبكةِ اللُّصُوص التي تقف خلفهُ وتدعمهُ وتُغطِّيه وتتستَّر عليهِ، إِن تشريعيّاً أَوتنفيذيّاً أَو قضائيّاً!.

*إِلتزامهُ بحمايةِ سياسةِ تواصل السياسيِّينَ وعلى كُلِّ المُستويات مع الدبلوماسيِّين الأَجانب، على الرَّغمِ من القرار الذي تمَّ اتِّخاذهُ في مجلسِ الأَمنِ الوطني والذيمنعهُم من ذلكَ منعاً باتّاً!.

*إِلتزامهُ بالإِحتفاظِ بسياسةِ [ريعيَّة الدَّولة] والتي باتت واضحةً من خلالِ المُناقشات الدَّائرة بخصوصِ الميزانيَّة، والتي تدورُ كُلَّها حولَ التَّعيينات والرَّواتب والإِعانات وكُلُّما يُضيفُ عبئاً إِلى كاهلِ الدَّولةِ، مع غيابٍ تامٍّ للمُخصَّصاتِ التي تتعلَّق بالتَّنمية والبناء وتنشيط القطَّاع الخاص وتنويعِ مصادرِ الدَّخل القومي وغيرِ ذلكَ!.

*أَلإِلتزام بسياسةِ بيع العُملة والتي كان يصفها الإِطاريُّون بأَنَّها أَوسع وأَخطر أَبواب الفساد على الرَّغمِ من أَنَّهم هُم الذين سنَّوها منذُ أَكثر من عقدٍ من الزَّمن ومِن دونِتغييرٍ يُذكر!.

*الفشل الذَّريع في تمريرِ الميزانيَّة على الرَّغمِ من أَنَّهم كانُوا يذرفُونَ دموع التَّماسيح على لُقمةِ عيشِ المُواطن المسكين طُوالَ فترةِ الأَزمةِ السياسيَّةِ الأَخيرةِ التي دامتعاماً كامِلاً!.

*إِلتزامهُ بالحِفاظ على ما كانُوا يُطلِقونَ عليهِ صفة [طريق الحمير] في إِشارةٍ إِلى الإِجتماعات الثلاثيَّة التي تجمع العراق ومصر والأُردن!.

*إِلتزامهُ بسياسةِ غضِّ النَّظر عن تصديرِ الإِقليم للبترُول خارج سُلطة بغداد [٦٣٠ أَلف برميل يوميّاً] ومِن دونِ تسلمِ شيءٍ من الأَموالِ لها، وهي السِّياسة التي كانُوايصفونَها بالرَّشوة التي تدفعها بغداد إِلى أَربيل مُقابل حمايتها للحكومةِ الإِتِّحاديَّةِ!.

وهذه السِّياسة، كما هو معروف، تجاوزٌ صارِخٌ على الدُّستور وعلى قرارِ المحكمةِ الإِتِّحاديَّة الصادر بتاريخ [٢٠٢٢/٢/١٥] الذي أَبطلَ قانون النَّفط والغاز الصَّادر عنالإِقليم عام ٢٠٠٧.

*إِلتزامهُ بسياسةِ التَّعييناتِ بالوِكالة من دونِ المرورِ بالبرلمان فيما يخصُّ الدَّرجات الخاصَّة كما نصَّت على ذلكَ [المادة (٨٠)/ خامِساً] من الدُّستور.

٢٢/ تنصُّ المادَّة (٥٣)/ أَوَّلاً من الدُّستور على ما يلي [تكون جلَسات مجلس النوَّاب علنيَّة إِلَّا إِذا إِرتأى لضرورةٍ خلافَ ذلكَ].

فالعلنيَّة هي الأَصل والقاعِدة في إِنعقادِ الجلَسات، أَمَّا السريَّة فهي الإِستثناء، كانعقادِها لمُناقشةِ الملفَّاتِ الأَمنيَّة والعسكريَّة وما شابهها.

إِلَّا أَنَّ المجلس لم يلتزم بالدُّستور فقلبَ العمليَّة رأساً على عقِب، فأَصبحت العلنيَّة هي الإِستثناء والسريَّة هي القاعدة المعمولُ بها!.

على الرَّأي العام العراقي أَن يُطالب ويضغط ويشنَّ حملاتٍ وطنيَّةٍ لإِجبار البرلمان على الإِلتزام بالدُّستور فتكون جلساتهِ علنيَّة والإِستثناء غير ذلك حتَّى يطَّلع العراقيُّونعلى ما يدورُ في [بيتِ الشَّعب] ويعرفون ما الذي يُخطِّط لهُ [نوَّابهُ] وكيفَ؟ ولماذا؟ وعلى ماذا يختلفون؟ ولماذا؟ومَن الذي يبكي من النوَّاب على مصالحهِم ومَن الذي يتباكامُتاجراً ومُبتزّاً ومُنافِقاً؟! ويستَوعب جَوهر الأَسباب الحقيقيَّة التي أَدَّت إِلى تدميرِ العراق وسرقةِ ثَرواتهِ.

إِنَّ من حقِّ الرَّأي العام أَن يعرفَ ويطَّلع على تفاصيلِ كُلِّ ما يجري تحتَ قُبَّة البرلمان خاصَّةً وأَنَّ الشَّعب هو مصدر السُّلطات كما نصَّت على ذلكَ المادَّة (٥) منالدُّستور والتي تقول أَنَّ [السِّيادة للقانون، والشَّعب مصدر السُّلطات وشرعيَّتها، يُمارسها بالإِقتراع السرِّي العام المُباشر وعِبر مُؤَسَّساتهِ الدستوريَّة].

إِنَّ البرلمان يرتكب مُخالفَتينِ دُستوريَّتينِ عندما يُخفي الحقائق عن الرَّأي العام بمنعهِ مُتابعة تفاصيل جلساتهِ بشكلٍ مُباشر.

وإِنَّما يتستَّر البرلمان على جلساتهِ ليُغطِّي بعضهُ على فسادِ وفشلِ بعضهِ الآخر، وليتستَّر على خلافاتهِ التي لا يطَّلِع عليها العراقيُّون إِلَّا عندما يختلف [زُعماء الكُتلالنيابيَّة]!.

إِنَّ علنيَّة الجلسات تُشكِّلُ [رقيباً شعبيّاً] مهمّاً تضبُط خلافات الكُتل وتُقلِّل من المُزايدات وتردِم الهوَّة بين صدقِ النَّائب وكذبهِ.

ولذلك فليسَ عبثاً نصَّ الدُّستور على علنيَّة الجلسات.

٢٣/ لقد اجتمعت كلمة أَحزاب السُّلطة على قانون [حريَّة التَّعبير عن الرَّأي والإِجتماع والتَّظاهر السِّلمي] لسببٍ بسيطٍ وواضحٍ ومفهومٍ، أَلا وهو؛ أَنَّهم جميعهُم يخشَونَالشَّارع ونسبة الـ [٨٠٪؜] التي رفضتهُم ورفضت ديمقراطيَّتهم فقاطعت الإِنتخابات النيابيَّة الأَخيرة.

إِنَّهم يتصوَّرون أَنَّ تكميم الأَفواه ومُصادرة حق حريَّة التَّعبير المنصُوص عليهِ في المادَّة [٣٨] من الدُّستور، وأَنَّ إِرهاب المُواطن وإِرعاب الرَّأي العام سيحميهِم من غضبِالشَّارع إِذا قرَّرَ الإِنتفاض ضدَّهُم وضدَّ فسادهِم وفشلهِم، ناسينَ أَو مُتناسينَ أَنَّ نظام الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين مارسَ نفس هذهِ السِّياسة فماذا كانَ مصيرهُ؟!.

كما أَنَّهم ينسونَ أَو يتناسَونَ مقولة الشَّهيد الصَّدر الأَوَّل [الشُّعوب أَقوى من الطُّغاة مهما تفرعنُوا]!.

أُذكرِّهم بأَنَّ الإِنجاز والنَّجاح وتوسيع الإِهتمام بالمُجتمع وخاصَّة بالشَّرائح المُستضعفة والمحرُومة وحسر وتقليص إِهتماماتهِم الحزبيَّة والفئويَّة والكتلويَّة هي أَفضلوأَسلم طريقة لحمايةِ أَنفسهِم وسلطتهِم من غضبِ الرَّأي العام.

مع كلِّ ذلكَ فأَنا لا أَتصوَّر بأَنَّ القانون سيُشرَّع بصيغتهِ الحاليَّة التي تُشكِّل خطراً على حُريَّة التَّعبير التي هي من جوهرِ الديمقراطيَّة والتعدديَّة، إِذ أَنَّ هناكَ رأيٌ عامٌّيُراقب وهناك منظَّمات مُجتمع مدني ومُؤَسَّسات ونقابات حقوقيَّة تُراقب عن كثبٍ، ستعمل جاهدةً وبكلِّ السُّبل الدستوريَّة والقانونيَّة من أَجلِ أَن لا يتمَّ تشريع القانونبصيغتهِ الحاليَّة.

وللفتِ الإِنتباه، فإِنَّ هذا القانون كانَ البرلمان قد سعى لتشريعهِ في دورتهِ قبلَ الماضية إِلَّا أَنَّهُ فشلَ كذلكَ في تمريرهِ.

ينبغي على كُلِّ مواطن أَن ينتبهَ لخطرِ تشريعِ مثلِ هذا القانون، وإِنَّ على كُلِّ واحدٍ أَن يفعلَ ما بوسعهِ لإِسقاطِ المُسودَّة بصيغتِها الحاليَّة، فسياسات تكميم الأَفواهومُصادرة حريَّة التَّعبير وبذرائعَ شتَّى سيتضرَّر منها كُلَّ المُجتمع وليس فئةً مُعيَّنة دون غيرِها!.

حتَّى المِنبر الحُسيني سيتضرَّر من ذلكَ، والحرُّ تكفيهِ الإِشارة!.

إِنَّ أَحزاب السُّلطة تتذرَّع بأَنَّ القانون سيضع حدّاً لحالاتِ التَّسقيطِ والتَّشهيرِ التي يتعرَّض لها السياسيُّون!.

والسُّؤَال؛ ومَن الذي يشنُّ مثلَ هذهِ الحمَلات سِوى السياسيِّين أَنفسهُم؟! بعضهُم ضدَّ البعض الآخر؟!.

إِنَّ مُتابعةً يوميَّةً للبرامجِ الحِواريَّة على مُختلفِ القنواتِ الفَضائيَّة ستثبِت للقاصي والدَّاني هذهِ الحقيقة، ولذلكَ فإِنَّ تشريع مثلَ هذهِ الصِّيغة من القانون إِنَّما تستهدفالمُواطن الذي يُحاولُ فضحَ الفَساد وملاحقةَ الفشلِ، اما السياسيون فمحميون بالحصانة، كلا وبالطريقة المعهودة! والدَّليلُ على ذلكَ؛ أَنَّ السياسيِّين يتحدَّثونَ عن فسادِوفشلِ بعضهِم ضدَّ البعضِ الآخر من دونِ أَن يتعرَّضوا للمُلاحقةِ القانونيَّة، فيما يُواجه القَضاء شابٌّ بسيطٌ أَعادَ نشرَ تغريدةٍ تنتقد فَساد وفَشل أَحزاب السُّلطة!.

٢٤ كانُون الأَوَّل ٢٠٢٢

لِلتَّواصُل

www.tiktok.com/@nhiraq

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar5

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here