بعد هجوميّ كركوك والبوبالي.. ابتزاز أمني لتأجيل مشروع سحب الفصائل من المدن


تدفع جهات سياسية تابعة للفصائل المسلحة، نحو تعطيل مشروع سحب الجيش من المدن، وتسليم الأمن إلى الداخلية، باعتبار شمولها في تلك الحملة مرتكز بذلك على تدهور الوضع الأمني، وتصاعد هجمات تنظيم داعش، خلال الآونة الأخيرة.

ولقي ثمانية أشخاص مصرعهم وأصيب ثلاثة آخرون، بهجوم شنّه مسلحون من تنظيم داعش، ضد قرية البو بالي في محافظة ديالى، مساء الاثنين، وذلك بعد يوم على هجوم استهدف القوات الأمنية في منطقة الرياض جنوب محافظة كركوك، ما أودى بحياة ثمانية من الجيش، وإصابة تسعة آخرين.

وجاءت تلك الهجمات بعد أيام على هجوم آخر في قضاء الطارمية، أودى بحياة ضابط وأصاب جنديين.

هذه الهجمات تزامنت مع مساعي حكومة السوداني لتسليم الملف الأمني في داخل المدن إلى وزارة الداخلية، على أن تنسحب قطعات الجيش إلى الخارج، إذ تسلمت وزارة الداخلية بالفعل الملف الأمني في محافظات الديوانية وواسط والمثنى.

مصدر في وزارة الداخلية ذكر أن «جهات سياسية تدفع نحو تأجيل المشروع، بداعي عدم جاهزية قوات الداخلية لمسك زمام الأمور، لكن الحقيقة هو وجود قلق من شمول المجموعات المسلحة بهذ الأمر، خاصة في ظل الاستقرار الأمني ما قبل تلك الهجمات».

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «قوات الداخلية ستكون قادرة بالفعل على مسك زمام الأمور في المحافظات المحررة، إذ أنها الآن تدير ملف تلك المدن داخلياً عبر طواقمها وكوادرها البشرية، فيما يمسك الجيش بعض السيطرات في الطرق الخارجية»، مشيراً إلى أن «تلك الجهات بدأت التحرك الفعلي بعد هجمات كركوك لتثبيط مشروع سحب الجيش، تحسباً من سحب المجموعات المسلحة معه».

وبالرغم من توقف العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في المناطق السنية التي سيطر عليها، إلا أن فصائل الحشد ما زالت تبسط سيطرتها على أغلب تلك المدن، خاصة في محافظات الأنبار وديالى ونينوى وصلاح الدين.

دعوات لإخراج الفصائل
وتظهر بين الحين والآخر، دعوات من قبل سياسيين ومعنيين في تلك المحافظات بضرورة إخلاء مناطقهم من المظاهر المسلحة، وإحلال قوات نظامية محلية بديلًا عنها.

وتأتي هذه الدعوات بفعل ممارسات بعض فصائل مليششيات الحشد، مثل الاحتكاك بالقوات الرسمية والشرطة المحلية، وعدم الانصياع إلى أوامرها أو الدخول في مواجهات مع السكان المحليين، فضلًا عن تنفيذ بعض عمليات الاعتقال والحجز التعسفي، ما يثير غضب أهالي تلك المناطق.

ويؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء خالد المحنا، أن «نقل الملف الأمني من وزارة الدفاع إلى الداخلية يعدّ أمراً طبيعياً بعد زوال التهديدات الأمنية التي أوجبت انتشار مختلف القطعات العسكرية داخل المدن وتأسيس قيادات العمليات، لكن هذا الحال تغير الآن مع بروز تهديدات مغايرة، مثل: الجريمة المنظّمة، وانتشار المخدرات، والسلاح المنفلت، والعنف الأسري وغيرها».

وأضاف المحنا في تصريح صحفي، أن «وزارة الداخلية تسلّمت الآن الملف الأمني في 3 محافظات، هي: الديوانية والمثنى وواسط، على أن تبدأ تسلّم المدن الأخرى تباعاً، وحسب الجاهزية للقوات في تلك المدن»، مشيراً إلى أن «تسلم الملف الأمني لا يشكّل فرقًا بالنسبة لوزارة الداخلية، كون أغلب المحافظات تستخدم الموارد البشرية لوزارة الداخلية بنسبة 85- 95%».

ابتزاز أمني
ومن شأن هذا القرار -حسب مراقبين- فسح المجال أمام الجيش العراقي لاستعادة قوّته وتأهيل أفراده بعد سنوات من الانشغال بالمعارك العسكرية وضبط الأمن الداخلي، خاصة وأن الكثير من الفرق والألوية العسكرية تضررت جرّاء اجتياح تنظيم داعش مناطق عدة صيف عام 2014، ما تسبّب بتلف الآليات والمدرعات والتجهيزات الأخرى، فضلًا عن الخسائر البشرية.

وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي قد شكّل قيادات العمليات المشتركة عام 2007، إذ خُصّصت قيادة عمليات لكل محافظة أو اثتتين، ويتولى قيادتها ضابط من وزارة الدفاع برتبة رفيعة، مع إشراف هذه القيادة على مختلف الفرق العسكرية والألوية المنتشرة، والأجهزة الشرطية في المناطق الخاضعة لها.

بدوره، يرى المحلل الأمني كمال عبدالله الطائي، أن «ما يحصل في الوقت الراهن، يمثل ابتزازاً أمنياً، حيث تستغل تلك المجموعات والجهات السياسية التابعة لها الوضع الأمني المرتبك، لتصفية حساباتها مع شياع السوداني، الذي يريد سحبها من جميع المدن، باعتبار وجود اتفاق سياسي مع القوى السنية».

وأضاف الطائي في حديث ، أن «على السوداني استكمال سحب قوات الجيش من المدن، وكذلك المجموعات المسلحة، على أن تبقى المحافظات الساخنة في آخر المطاف، ما يعزز الوضع بشكل عام، ويحقق انتقالة سلسة بعيدة عن التصفيات والمماحكات السياسية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here