مدينة مندلي السليبة بين الأمس واليوم؟

محمد مندلاوي

مندلي تلك المدينة الكوردستانية التي تقع على كتف سلسلة جبل “چگا سوور” (حمرين). بالأمس القريب كان كل أهلها من القبائل الكوردية العريقة كملك قبيلة شاهي، وكلهر، وبَيْرَي، وزرگوش، وأركوازي، وخزل، وبَولي وسورَميري إلخ إلخ إلخ. أتذكر فيها – مندلي- وأنا طفل دون الاثنا عشر الشخصيات الوطنية والاجتماعية والفكاهية، كالشخصية الكوردية الوطنية والمناضل العتيد (كاكي نور علي) الذي سار على نهجه الوطني (کوردایەتی) من بعده أبنائه البررة. وهكذا أتذكر الشخصية القبلية الـ”قلولسية” الذي كان يومياً يزور مدينة مندلي ويسير خلفه العشرات من رجال قبيلته الشجعان، كان هذا الرجل مناضلاً عتيداً في سوح النضال الكوردية الكوردستانية وضحى بالغالي والنفيس من أجل عدالة قضيته ألا وهو الشيخ الجليل (حميد شفي). ومن الشخصيات الكوردية الاجتماعية في مندلي (خورشيده)، وحجي (شاواز)، وجباري خنجر، وسيد نوري. ومن الشخصيات الشعبية المعروفة قادر هَیگولە، وعلي كوردي، وجاسي علي ناني، ورحمان چالچالي، ومحمد كافية، وشاكر قساو، وقاسم شێره، وعلگە باخي، وهوكله كان من قرية “پتگوکر- Petgawker” القريبة من مدينة مندلي، وملا عبدي، وقاسم مايگە، وداود شاقولي،و إسماعيل رزگە، وإكرام سايخان، ومحمد مرزگە، وحسني برره،وعسكره، وحسن دشتي، وشقيقه ملا مهدي، وسرتيپ الذي كان مسؤولاً عن مياه الأنهر لسقي البساتين،وبيرگە الذي كان مسؤولاً عن خزان ماء مندلي، ورشگە هو الآخر كان مسؤولاً عن ماطور يستخرج المياه الجوفية لسقي المزارع، ومهدي پسكولي، وحسين قوقي، وأحمدي نزگە، وحسن باتگە، وحسين جانالي، ورحمان آينه، ومصطفى هَيَروگ، وحسن شامگ،وألماسي، وعباس خران، ودرويش قارمان، وعبدگە مَکە، وجوامير، وروزگە خانگە، و مرزگە سقا، وقاسم خوارزا، ورزا کازگە. ومن الشخصيات الفكاهية التي جملت المدينة بنكاتها وتصرفاتها العفوية الجميلة ناصري إيبتة، وحميد شقيق سلگە، وجافره، وجمال هواسَلْي، ورشيده، وكَرگە، و ولگە أناري، وعلي مَشكه، ونوخاس زرات فروش، وخدر خروزي، ومیرگە حمال إلخ إلخ إلخ. أ تلاحظ عزيزي القارئ، لا يوجد بين هؤلاء المعروفين في مندلي شخصاً عربياً، أن دل هذا على شيء إنما يدل على أن الوجود العربي حديث وطارئ؟.

عزيزي المتابع، حتى أواسط السبعينات القرن الماضي كان هذا هو طابع مندلي كوردياً وكوردستانياً قلباً وقالباً شكلاً ومضموناً لم تكن فيها عربياً ألا ما ندر، ربما كان موظفاً أو من مخلفات الاحتلال العربي للعراق وكوردستان. لكن بعد أواسط السبعينات قام نظام حزب البعث المجرم بأمر مباشر من رئيسه اللعين صدام حسين بتهجير كافة القرى الكوردية حول مندلي واستوطن مكانهم العرب.. الذين جيء بهم من جنوب وغرب العراق وهذه القرى الكوردية المغتصبة هي قلولس- Qelewls التي كانت عبارة عشرات القرى، وكپري- kepry، وپتگوكر – Ptgewker وجارية إلخ وفي داخل مدينة مندلي أيضاً قام النظام البعثي المجرم بتهجير الكورد إما إلى إيران عبر أراضي شرق كوردستان أو إلى جنوب وغرب العراق. لكن اليوم، تجد المستوطنين العرب كالغزاة الأوائل غزوا المدينة مجدداً وذلك بإيعاز ودعم من السلطة القابعة في بغداد.

عزيزي القارئ، في نهاية هذه المقالة التوصيفية نقول لولا استغلال العرب للعقيدة الإسلامية استغلالاً قومياً واقتصادياً وغريزياً؟ لم تستطع أن تخرج من شبه جزيرتها الجرداء واحتلال أراضي الشعوب الأخرى احتلالاً استيطانياً ومن ثم تعريبها رويداً رويدا. يذكر التاريخ أن المدينة الكوردية استمرت على حالها كوردية وكوردستانية 100% حتى ظهرت العقيدة الإسلامية التي استغلها العرب من أجل الحصول على مآربها الغريزية والاقتصادية وغزت تحت لوائها بلدان عديدة في الشرق الأوسط ومنها العراق وكوردستان. ألا أن حديثنا اليوم نختصره عن مدينة مندلي المغتصبة. بلا أدنى شك أن العرب حين غزوا المنطقة عن طريق جنوب العراق لم يكونوا بتلك القوة والكثرة البشرية حتى يحتلوا عموم المنطقة ويستوطنوها، فلذا تقدموا رويداً رويدا، وقاموا تحت راية الإسلام بتعريبها وتعريب أهلها الذين نجوا من السيف العربي وأسلموا حتى يخلصوا من دفع الجزية والاضطهاد المزدوج. وفيما يتعلق بتقدمهم نحو الأمام في أراضي الشعوب المغلوبة على أمرها ومنها الكورد. نرى إلى يومنا هذا كلما تسنح لهم – العرب- الفرصة كي يتقدموا نحو الأمام ويقضموم مساحات واسعة من أرض الكورد لم يألوا جهداً. من القيادات العربية التي قضمت الكثير من العرب أرض الكورد واستوطن العرب فيها هو المجرم اللعين صدام حسين. لكن بعد أن ذهب هذا المعتوه إلى مزبلة التاريخ وجاءت أمريكا بالحكام الجدد توقع الكورد كل الخير منهم، ألا أنه تبين في الأيام الأولى لتبؤهم مقاليد السلطة أنهم يسيرون على ذات النهج العنصري الذي سار عليه حزب البعث المجرم حيث التعريب جارية على قدم وساق في المدن والقرى الكوردية. ومندلي مثل بقية المدن الكوردية الأخرى في جرميان (گەرمیان) ككركوك وخانقين وجلولاء وخسروآباد (سعدية) وشهربان وبدرة وجصان وزرباطية إلخ يتعرض لسياسة عنصرية مقيتة من قبل النظام الحاكم في بغداد وأدواته.. من المستوطنين العرب الذين جيء بهم إلى مدينة مندلي بعد تأسيس الكيان العراقي كخنجر غدر زرعوا في ظهر الكورد أهل المدينة الأصلاء.

03 02 2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here