“جمهورية أستون العراقية”

حمزة الحسن

تم ايهام الثور الفرنسي أستون من الولادة
على أنه حصان،
من خلال نظام برمجة وتلقين وتدريب ومكافات.
قواعد ترويض البشر نفسها.
وفي كل صباح تقوم السيدة سابين روا بنزهة على ظهره في الحقول والشوارع واماكن النزهة،
وشهرة الثور أستون اليوم في فرنسا تفوق
شهرة سارتر وكامو وفلوبير وغيرهم،
ويتابع حساب السيدة في صفحات التواصل الملايين،
كما تفوق شهرة المطربة ساجدة عبيد شهرة كلكامش وعلي الوردي والحلاج والخ.
لكن عشاق الثور أستون لا يعرفون أنهم خضعوا للمبادئ نفسها في التلقين
على الأفكار التي تربوا عليها،
لأن المؤسسة، السلطة، الأسرة، المدرسة، المنظمات ، الاعلام،
قادرة على أن تفعل بهم كما فعلت السيدة سابين بالثور وتدخل في عقله برنامجاً
يتناقض مع طبيعته ودوره،
حتى أدمن الدور، كما يدمن البشر، ونسي أنه ثور كما نسينا نحن أننا شعب.
تعال طلع هذا الثور من هذا الوحل.
وكيف يمكن اقناع استون انه ثور خاصة اذا كان عراقيا مخه يابس وقد صدق انه عبقري؟
هذا ما نواجهه مع بعض البشر.
جميع عشاق الثور يشيدون بجمال واخلاق وهدوء أستون،
لكنهم نسوا أنهم يشيدون بالجانب المسخ فيه وفقدان هويته الطبيعية،
كما تشيد السلطة، سلطة فرد أم جماعة، بصبر شعوبها على الصمت والاخلاق والصبر للسبب نفسه: نسيان الهوية وتسليم المصير ولعب الدور المقرر.
هل هناك فرصة لأستون في رفض هوية الحصان
والعودة الى هويته الطبيعية كثور؟
ليست هناك فرصة لأنه قطع مسافة طويلة من الطريق وتكونت عنده عادات وتقاليد الهوية
المزيفة كحصان كما يحدث لبعض البشر.
من يرى ضخامة وهيبة وشوارب الثور أستون التي تذكرنا بشوارب وضخامة رئيس وزراء عراقي أوهموه هو الآخر أنه حصان،
يعتقد أنه قادر على نطح عمارة وتحويلها الى أنقاض،
أو رفع باخرة بقرونه بل وتهديم قارة،
لكن كل هذه الطاقة فيه معطلة بالترويض واختزل مهمته بحمل السيدة سابين،
ولم يعد يعرف هل هو حصان يحلم أنه ثور أم ثور يحلم انه حصان؟
في كتابها: “أيخمان في القدس: تفاهة الشر”
تؤكد حنة آرنت إن المجرم أيخمان ليس نازياً بل هو خضع لنظام المؤسسة،
هو فعل ما يجب أن يقوم به بـــ ” دور” نازي في المحرقة بعد أن حلّ النظام محل الضمير.
ولم الغرابة من الرفيق أستون؟
ألسنا نحن نتصرف مثله ونحن أنقاض وهياكل وأشباح وأوهام،
وقد أوهمتنا السلطة أننا شعب نعشق كرة القدم والاغاني ونحب
ونخرج في نزهات وفوقنا عشرات السلط تتنزه
في جزر وفيللات وقصور وعواصم وبحيرات،
في جمهورية أستون الديمقراطية؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here