الحقائق التي كشفت عنها الانتفاضة الوطنية للشعب الإيراني في ذكرى مقتل قاسم سليماني

نظام مير محمدي
كاتب حقوقي – خبير في الشأن الإيراني

في منتصف ليل 3 كانون الثاني / يناير 2020، بتوقيت بغداد، قُتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الإرهابي في حرس الثوري الملالي، في مطار بغداد.
كان من أكثر الإرهابيين والمستبدين إجراماً في تاريخ نظام ولاية الفقيه، وتورط في مجزرة راح ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص في إيران والمنطقة وتشريد عشرات الملايين من شعوب المنطقة، وخاصة نزوح الشعب السوري.
وشارك خامنئي وإبراهيم رئيسي في تشييع جنازة هذا المجرم، وصلى خامنئي على رفاته وبكى كلاهما على فقدان هذه الشخصية التي لا يمكن تعويضها والخبيرة في مجال تنفيذ القمع الداخلي والتدخل في شؤون دول المنطقة.
استخدم خامنئي ستار النفوذ الإقليمي المتزايد والعمق الاستراتيجي للتغطية على القمع الداخلي واستعراض القوة الخارجية، والتي لعب قاسم سليماني دورًا مباشرًا ورئيسيًا فيها.
وبدعم من خامنئي، كان لدى قاسم سليماني شبكة ضخمة في الهيئات الحكومية وشبكة مالية مستقلة سمحت له بالقيام بذلك، كتوزيع النقود وتقديم أسلحة مجانية للقوات العميلة التابعة له وكان الرجل الأول في هذا المجال بالمعنى الدقيق للكلمة.
اعترف محمد جواد ظريف، الذي كان وزيراً للخارجية خلال السنوات الثماني لرئاسة الملا روحاني، مرارًا وتكرارًا بأن الوزارة لديها هيكل استخباراتي أمني تحت مسؤوليته، حيث يتم اختيار السفراء والوفود الدبلوماسية مع هذه الخصائص ولديه اجتماعات منتظمة مع قاسم سليماني لدفع السياسة الخارجية وخاصة السياسة الإقليمية.
وبسبب هذا الدور الفريد، في 10 مارس 2018، حصل قاسم سليماني على ميدالية “ذو الفقار” العسكرية من قبل خامنئي لأول مرة.
وتشير التقديرات إلى أن خامنئي كان يعتزم تنصيب سليماني على كرسي الرئاسة بعد انتهاء رئاسة حسن روحاني واعتماد سياسة الانكماش.
وأشارت “حكومة حزب الله الشابة”، التي ورد ذكرها مرات عديدة في خطابات خامنئي، إلى نفس الموضوع.
قال خامنئي عند منحه ميدالية “ذو الفقار”:
“جزاه الله خير الجزاء، وجعل حياته سعيدة ونهايته بالاستشهاد بالطبع ليس الآن. لا تزال الجمهورية الإسلامية تعمل معه لسنوات عديدة. ولكن في النهاية ستكون الاستشهاد من نصيبه ان شاء الله “.
جرائم قاسم سليماني
جرائم الحرسي سليماني لا حصر لها، لكن من الواضح أنه شارك في قمع وقتل المتظاهرين الإيرانيين في ديسمبر 2017 ويناير 2018 ونوفمبر 2019.
كتب الحرسي محمد علي جعفري، القائد السابق لحرس الملالي، في تغريدة: “خلال فتنة 1999 و 2009، كان الحاج قاسم في ساحة مواجهة الثورة المضادة في الشارع وكان يتخذ إجراءات فعالة للسيطرة على انعدام الأمن وأعمال الشغب. وشهدنا تواجده عدة مرات في مقر ثأر الله (المقر الرئيسي لحرس الملالي ومهمته ضبط الوضع في طهران) “.
لكن؛ ما جعل دور سليماني الأبرز وأعطى أسبابًا لرضا خامنئي عنه هو أعماله الإرهابية العديدة ضد مجاهدي خلق المتمركزين في العراق، وخاصة المذبحة التي نفذها بحق 52 من أعضاء مجاهدي خلق العزل في 1 سبتمبر 2013 في أشرف بالعراق.
وبحسب معلومات تفصيلية، فقد ذهب سليماني إلى العراق لتنفيذ هذه الجريمة ونسق بنفسه وأشرف على العملية مع نوري المالكي، رئيس وزراء العراق في ذلك الوقت.
وفي 4 سبتمبر 2013 قدم قاسم سليماني تقرير هذه العملية الإجرامية، التي تعد مثالا على جريمة ضد الإنسانية، إلى مجلس خبراء النظام الذي كان فعالاً في ذاك الوقت.
بعد انتقال منظمة مجاهدي خلق من أشرف العراق إلى قاعدة تُعرف باسم ليبرتي (الحرية) بالقرب من مطار بغداد، هاجم مرتزقة عراقيون بقيادة قاسم سليماني المكان مرارًا بالصواريخ، ما أدى إلى مقتل وجرح وإصابة مئات أعضاء مجاهدي خلق وتدمير معظم معسكر ليبرتي.
بالإضافة إلى ذلك، كان قاسم سليماني الركيزة الأساسية لخامنئي في نشر الحرب وتصدير الأزمات إلى بلدان سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن.
وأهالي المنطقة لم ينسوا بعد جرائمه، بما في ذلك مذبحة الأطفال والنساء في حلب ومدن سورية أخرى وتهجير ملايين السوريين.
السجل الإجرامي للحرسي سليماني في قمع احتجاجات الشعب العراقي في 2011 و 2013، والتفرقة الطائفية والدينية، وقتل العراقيين السنة، حافل بالجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
محاولة خامنئي إخفاء وجه الجريمة
بعد مقتل قاسم سليماني، تم تنفيذ دعاية واسعة النطاق في جميع أنحاء البلاد بتكلفة مذهلة لإظهار بأن هذا المجرم وأفعاله حظيت بدعم الشعب الإيراني، بأمر من خامنئي.
لهذا الغرض، تم صنع تماثيل له وتركيب صوره ولوحاته الإعلانية والدعائية الكبيرة في جميع مدن إيران.
لكن بما أن الواقع كان شيئًا آخر وأن هذا المجرم ليس له أي شرعية شعبية على الإطلاق، فقد استهدفت تماثيله وصوره من قبل وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق في جميع المدن الإيرانية، بما في ذلك تمثاله الكبير في شهركرد، عاصمة محافظة “تشهارمحال وبختياري”، في 5 يناير 2022، بعد ساعات قليلة من إزاحة الستار عنه، تم إحراقه وتدميره من قبل وحدات المقاومة.
ونُشرت صور وفيديوهات هذا العمل الجريء عدة مرات في الفضاء الافتراضي، واعترف كل أتباع ودمى خامنئي في المحافظة بهذا العمل الشجاع المنسوب لوحدات المقاومة.
إيضاح الحقائق في ضوء انتفاضة الشعب الإيراني
من الحقائق التي ظهرت في ظل انتفاضة الشعب الإيراني التي استمرت 110 أيام تفجير غضب الشعب وكراهيته لقاسم سليماني وجرائمه.
يعد حرق وتدمير اللوحات الإعلانية والتماثيل وصور قاسم سليماني أحد الأهداف الرئيسية للمنتفضين الشبان ووحدات المقاومة في جميع أنحاء إيران، وقد تم نشر مئات مقاطع الفيديو والصور لهذه الأعمال.
خطة خامنئي للدعاية واسعة النطاق وإظهار التقدير الزائف في الذكرى الثالثة لمقتل قاسم سليماني
بسبب الفراغ الذي أحدثه مقتل سليماني في هرم السلطة في نظامه، يعتزم خامنئي، بالإضافة إلى مسرحيات الدجل والخداع لإظهار بطولات المتوحش المقتول سليماني، القيام بإجراءات دعائية ومسرحيات زائفة في دول المنطقة، بما في ذلك العراق ولبنان وفلسطين وسوريا واليمن.
ونفذ الحشد الشعبي العراقي، باستخدام المبالغ الكبيرة التي تلقاها من النظام الإيراني، مشاريع استعراضية واسعة النطاق في بغداد والبصرة.
من بين أمور أخرى، من المفترض أن يتم تثبيت صورة كبيرة لقاسم سليماني في ملعب كرة القدم في البصرة خلال دوري الخليج الفارسي، وسيتعين على الفرق الرياضية احترام هذه الصورة.
لكن الحقيقة هي أن أيام هؤلاء الديماغوجيين قد ولت وانتفاضة الشعب الإيراني ستدمر نظام ولاية الفقيه وترسله إلى مزبلة التاريخ.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here