خليجي بصرة 25..افتتاح احتفالي مدهش والتعادل السلبي يستهل المباريات


البصرة‭ (‬العراق‭)-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب–

شهدت‭ ‬البصرة‭ ‬افتتاحا‭ ‬مبهرا‭ ‬لبطولة‭ ‬الخليج‭ ‬الخامسة‭ ‬والعشرين‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬وكانت‭ ‬مبارة‭ ‬الافتتاح‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬انتهت‭ ‬بالتعادل‭ ‬السلبي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬اهداف‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬لعب‭ ‬حذر،‭ ‬وضاعت‭ ‬فرصتان‭ ‬مهمتان‭ ‬للعراق‭ ‬في‭ ‬الشوط‭ ‬الثاني‭ . ‬وسادت‭ ‬شوارع‭ ‬البصرة‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬جنوب‭ ‬العراق‭ ‬أجواء‭ ‬احتفالية‭ ‬وتمتلئ‭ ‬بالمشجعين‭ ‬المتحمسين‭ ‬لمشاهدة‭ ‬مباريات‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬الخليج‭ ‬التي‭ ‬تستضيفها‭ ‬المدينة‭ ‬وتتبارى‭ ‬فيها‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬من‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬تجربة‭ ‬تشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬حقيقياً‭ ‬لبلد‭ ‬أنهكته‭ ‬الحروب‭ ‬وأثقله‭ ‬الفساد‭. ‬وقبل‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬المباراة‭ ‬الأولى‭ ‬الجمعة‭ ‬التي‭ ‬يتقابل‭ ‬فيها‭ ‬البلد‭ ‬المضيف‭ ‬مع‭ ‬عمان،‭ ‬اكتظت‭ ‬المدينة‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والكويت،‭ ‬بنحو‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬مشجع‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وفق‭ ‬مصدر‭ ‬محلي‭.‬‮ ‬

على‭ ‬كورنيش‭ ‬البصرة‭ ‬المطل‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬شطّ‭ ‬العرب‭ ‬حيث‭ ‬يلتقي‭ ‬دجلة‭ ‬والفرات،‭ ‬رفرفت‭ ‬أعلام‭ ‬السعودية‭ ‬وقطر‭ ‬والدول‭ ‬الخليجية‭ ‬الأخرى‭ ‬المشاركة،‭ ‬فيما‭ ‬جلس‭ ‬الزوار‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬المجاورة‭ ‬يحتسون‭ ‬القهوة‭ ‬ويدخنون‭ ‬النرجيلة‭.‬‮ ‬

وجاء‭ ‬عمر‭ ‬بدر‭ ‬البالغ‭ ‬22‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬المجاورة‭. ‬ويعبّر‭ ‬الشاب‭ ‬عن‭ ‬شعوره‭ ‬و»كأنني‭ ‬بين‭ ‬أهلي‭ ‬وأخوتي‭… ‬كل‭ ‬ما‭ ‬دخلنا‭ ‬مطعماً،‭ ‬يقولون‭ ‬لنا‭ ‬لا‭ ‬تدفعوا‭ ‬الحساب‭ ‬ويدعوننا‭ ‬إلى‭ ‬بيوتهم‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1979‭ ‬التي‭ ‬يستضيف‭ ‬فيها‭ ‬العراق‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬الخليج،‭ ‬والتي‭ ‬تتبارى‭ ‬فيها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العراق،‭ ‬فرق‭ ‬السعودية‭ ‬وقطر‭ ‬والإمارات‭ ‬واليمن‭ ‬والبحرين‭ ‬والكويت‭ ‬وعمان‭.‬‮ ‬‭ ‬وكان‭ ‬العام‭ ‬1979‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬فيه‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬يده‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬وتلا‭ ‬ذلك‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ (‬1980-1988‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬غزو‭ ‬العراق‭ ‬للكويت‭ ‬وحرب‭ ‬الخليج‭ (‬1990-1991‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬الغزو‭ ‬الأميركي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2003،‭ ‬ثم‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2006‭ ‬و2008‭.‬‮ ‬‭ ‬وكان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬ينظم‭ ‬العراق‭ ‬هذه‭ ‬البطولة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2014،‭ ‬لكنها‭ ‬نقلت‭ ‬لاحقا‭ ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬بسبب‭ ‬مخاوف‭ ‬أمنية،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الاسلامية‭ ‬يحتلّ‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬العراقية،‭ ‬بينها‭ ‬مدينة‭ ‬الموصل،‭ ‬أكبر‭ ‬مدن‭ ‬شمال‭ ‬البلاد‭.‬‮ ‬

عادت‭ ‬الآن

أما‭ ‬الآن،‭ ‬فقد‭ ‬تبدّلت‭ ‬الأوضاع‭.‬‮ ‬ واحتفل‭ ‬العراق‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة‭ ‬بمرور‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬‮«‬انتصاره‮»‬‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الاسلامية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الجهاديين‭ ‬ينفذون‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬هجمات‭ ‬متفرقة‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬البلاد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬البلد‭ ‬النفطي‭ ‬بات‭ ‬يعرف‭ ‬استقراراً‭ ‬نسبياً‭.‬‮ ‬

وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬هذه‭ ‬البطولة‭ ‬التي‭ ‬تختتم‭ ‬في‭ ‬19‭ ‬كانون‭ ‬الثاني‭/‬يناير،‭ ‬يستقبل‭ ‬العراق‭ ‬والبصرة‭ ‬الجيران‭ ‬العرب،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬الذي‭ ‬احتله‭ ‬العراق‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬البصرة،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إخراجه‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬لتحالف‭ ‬دولي‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬1991‭. ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحرب،‭ ‬جاء‭ ‬محمد‭ ‬العازمي‭ ‬الكويتي‭ ‬البالغ‭ ‬39‭ ‬عاماً،‭ ‬إلى‭ ‬البصرة‭. ‬ويتحدّث‭ ‬العازمي‭ ‬عن‭ ‬عودة‭ ‬‮«‬العلاقة‭ ‬الأخوية‭ ‬بين‭ ‬الكويتيين‭ ‬وأشقائهم‭ ‬العراقيين‭ ‬إلى‭ ‬مجاريها‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬السنوات،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬روابط‭ ‬اجتماعية‭ ‬وعائلية‮»‬‭ ‬تجمع‭ ‬البلدين‭ ‬الجارين‭.‬‮ ‬


ويأمل‭ ‬لؤي‭ ‬منصور،‭ ‬أحد‭ ‬سكان‭ ‬البصرة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تتكلل‭ ‬البطولة‭ ‬بالنجاح‮»‬،‭ ‬مضيفاً‮»‬حرمنا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬البطولة‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬1979‭…‬الحمد‭ ‬الله‭ ‬عادت‭ ‬الآن‮»‬‭.‬‮ ‬‭ ‬وبذل‭ ‬المنظمون‭ ‬جهوداً‭ ‬مضاعفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تأمين‭ ‬بنى‭ ‬تحتية‭ ‬ملائمة،‭ ‬تضع‭ ‬طيّ‭ ‬النسيان‭ ‬منع‭ ‬استقبال‭ ‬البطولات‭ ‬الدولية‭ ‬الذي‭ ‬رافق‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والنزاعات‭ ‬المتكررة‭.‬‮ ‬

انتعاش‭ ‬اقتصادي

وتضمّ‭ ‬مدينة‭ ‬البصرة‭ ‬ملعبين،‭ ‬الأوّل‭ ‬هو‭ ‬ملعب‭ ‬البصرة‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬افتتح‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬ويتسع‭ ‬لـ65‭ ‬ألف‭ ‬مشارك،‭ ‬والثاني‭ ‬ملعب‭ ‬الميناء‭ ‬الذي‭ ‬افتتح‭ ‬قبل‭ ‬أسبوعين‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬البطولة‭ ‬ويتسع‭ ‬لثلاثين‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭.‬‮ ‬

كذلك،‭ ‬شهدت‭ ‬المدينة‭ ‬بعض‭ ‬أعمال‭ ‬التجديد‭ ‬قبيل‭ ‬البطولة‭. ‬فقد‭ ‬خضع‭ ‬الكورنيش‭ ‬لأعمال‭ ‬ترميم‭ ‬وشُيّدت‭ ‬بعض‭ ‬الفنادق،‭ ‬ورُصفت‭ ‬الشوارع‭.‬‮ ‬


وخصصت‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬33‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لاتحاد‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬الكأس‭.‬‮ ‬

ويأمل‭ ‬سائق‭ ‬سيارة‭ ‬الأجرة‭ ‬مهند‭ ‬عبد‭ ‬العزيز،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يستمرّ‭ ‬زخم‭ ‬تحسين‭ ‬خدمات‭ ‬المدينة‭ ‬وبنيتها‭ ‬التحتية‭.‬‮ ‬‭ ‬ويقول‭ ‬‮«‬استضافة‭ ‬بطولة‭ ‬كأس‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬هنا‭ ‬أمر‭ ‬مهم،‭ ‬وربما‭ ‬لذلك‭ ‬انعكاسات‭ ‬اقتصادية‭ ‬إيجابية‭ ‬وقد‭ ‬تشكل‭ ‬فرصة‭ ‬لإنعاش‭ ‬الجوانب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وتنتعش‭ ‬ايضا‭ ‬فرص‭ ‬عمل‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البصرة‭ ‬غنية‭ ‬بالنفط،‭ ‬لكنها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أوضاع‭ ‬اجتماعية‭ ‬صعبة‭ ‬ومن‭ ‬الانعكاسات‭ ‬المدمرة‭ ‬للتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والبطالة‭ ‬فيها‭ ‬مرتفعة‭ ‬فيما‭ ‬الخدمات‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬كهرباء‭ ‬وماء‭ ‬سيئة‭.‬‮ ‬

وكما‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬أرجاء‭ ‬العراق،‭ ‬الفساد‭ ‬حاضر‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬جوانب‭ ‬المجتمع،‭ ‬فالعراق‭ ‬مصنّف‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬157‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬180‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬‮«‬مدركات‭ ‬الفساد‮»‬‭ ‬لمنظمة‭ ‬الشفافية‭ ‬الدولية‭.‬‮ ‬‭ ‬يثير‭ ‬ذلك‭ ‬حزن‭ ‬مهند‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬الذي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬من‭ ‬سيارة‭ ‬الأجرة‭ ‬القوت‭ ‬اليومي‭ ‬لعائلة‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أبناء‭. ‬ويقول‭ ‬‮«‬التحضيرات‭ ‬لاستضافة‭ ‬البطولة‭ ‬كلفت‭ ‬الحكومة‭ ‬المحلية‭ ‬أموالاً‭ ‬طائلة‮»‬‭.‬

ويضيف‭ ‬‮«‬نتطلع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خليجي‭ ‬25‭ ‬دافعاً‭ ‬لإنهاء‭ ‬معاناة‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬الفقيرة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مساكن‭ ‬وتطوير‭ ‬للخدمات‭ ‬الحياتية‮»‬‭.‬

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here