خبراء: (أوفاك) منصة إلكترونية جديدة تعقّد أزمة الدولار في العراق

بابل/ جليل الغزي

تتعمق أزمة اسعار صرف الدولار في الأسواق المحلية كلما سجلت ارتفاعاً في السوق حتى بات الوضع الاقتصادي في بابل بتراجع مستمر وركود أثر بشكل مباشر على الحركة التجارية، فالكثير من التجار تأثروا ماليا جراء ارتفاع أسعار الصرف والتأثير بات أكبر على الطبقة العاملة التي تعتمد على الأعمال الحرة في تأمين مصروفها اليومي.

في بابل تسبب ارتفاع أسعار الدولار بارباك حركة البيع بعموم الأسواق في المحافظة وتحديداً البضائع الاستهلاكية الأساسية من قبيل المواد الغذائية والمواد المنزلية والكهربائية إضافة إلى خلو المحال من بعض البضائع.

الحاج كريم حمادي صاحب محل لبيع المواد الكهربائية أكد لـ(المدى) أن “العمل تراجع إلى أكثر من 50% عما كان عليه قبل قرار رفع أسعار الصرف”، الأمر الذي “انعكس سلبا على وضعه المالي من قبيل توفير بدل الايجار الذي يصر صاحب العقار على عدم تخفيضه”.

وأشار إلى أنه اضطر أيضاً إلى “تسريح أحد العاملين معه والإبقاء على عامل واحد لضمان تحقيق التوازن المالي لعمله”.

واضاف أن “ارتفاع أسعار صرف الدولار غيب البضائع الألمانية من سوق الكهربائيات مع أنها تعتبر البضاعة الافضل من حيث الجودة الا أن اسعارها ارتفعت بشكل كبير ولم يعد بالإمكان تصريفها”.

خبراء في مجال الاقتصاد في جامعة بابل تحدثوا خلال ندوة علمية نظمتها كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة عن أسباب ارتفاع أسعار الدولار مقابل الدينار العراقي بوصفها أسبابا لوجستية لا علاقة لها بالاحتياط المالي للعراق.

الدكتور جواد البكري قال خلال محاضرة له في الندوة التي حضرتها (المدى)، إن “منصة (أوفاك الإلكترونية) التي أنشأها البنك المركزي العراقي هي التي عقّدت عملية بيع الدولار إلى المصارف وتسببت بقلة عمليات العرض في الأسواق الأمر الذي تسبب بزيادة الطلب وارتفاع أسعار الصرف”.

وأشار إلى أن “البنك المركزي باشر ببناء تلك المنصة بعد الاتفاق مع شركة دولية متخصصة في هذا المجال وعمل من خلالها على ربط المصارف مع البنك المركزي لغرض إحكام وتنظيم عمليات نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وضمان فاعلية الرقابة عليها”.

واضاف البكري أن “المنصة تتطلب تقديم معلومات عن الزبائن طالبي التحويل والجهات المستفيدة والمصارف المرسلة ولحداثة استخدام هذه المنصة، فأن العديد من الأخطاء يجري اكتشافها مما يتطلب من المصرف إعادة تحميلها”، لافتاً إلى أن “تلك الإجراءات تحتاج زمنا إضافيا لقبول الطلب وتمريره عبر النظام المالي العالمي”.

وبسبب تلك الإجراءات المعقدة لمنصة أوفاك تفشت ظاهرة (التحويلات السوداء) وهي للتجار الذين بدأوا بشراء الدولار من السوق السوداء لغرض جلب البضائع وعدم انتظار الموافقات من المنصة الجديدة التي تأخذ اسبوعين على الأقل، مما تسبب في زيادة الطلب على الدولار مع انخفاض عرضه.

ويؤكد تاريخ العراق المالي أنه ارتبط منذ عام 2003 بالبنك الفيدرالي الاميركي وفق القرار 1843 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في أيار من عام 2003 الذي فتح حسابا في البنك الفيدرالي في نيويورك للعراق باسم صندوق التنمية العراقي DFI وتغير فيما بعد إلى حسابين الأول حساب العراق (1) وحساب العراق (2) الأول يستخدم لوضع الفائض الدولاري ويسمى الاحتياطي الذي تجاوز الآن حاجز 100 مليار دولار.

في غضون ذلك أكد الدكتور مهدي خليل شديد لـ(المدى) أن “المشكلة في حساب العراق (2) الذي يستخدم لتمويل نافذة بيع العملة التي تسمى مجازا مزاد العملة وتمويل المشتريات الحكومية، حيث كان هذا الحساب في السابق يتم تحويل المبالغ منه بموافقة موقعة من قبل رئيس الوزراء ووزير المالية أما الآن فالأمر بات بيد البنك الفدرالي الأمريكي”.

وبحسب الدكتور شديد فأن “نتيجة القيود الجديدة على الحوالات الخارجية المفروضة من الخزانة والفيدرالي الامريكي تسببت بفجوة بين (العرض والطلب) للدولار في السوق المحلية”، لافتا إلى أنه “لا توجد مشكلة في مسألة احتياطي البنك المركزي بل أنها تسجل زيادة يومية بسبب ارتفاع أسعار النفط العالمية حتى وصل الاحتياطي الى (100) مليار دولار نهاية عام 2022”.

واضاف أنه “رغم محاولات البنك المركزي تعزيز السوق بالبيع النقدي المباشر إلا أن كميات البيع لم تغط الطلب لغاية اليوم، إذ عزز المركزي كميات البيع من حدود 20 مليون دولار لكل جلسة وصولا لـ 60 مليون يوميا، ورغم تلك الزيادة إلا ان مجمل مبيعات نافذة العملة ما زالت منخفضة الى حدود 100 – 130 مليون دولار في حين تبقى تقديرات الحاجة اليومية تقارب 180 مليون دولار او اكثر”.

في إطار معالجة مشكلة الدولار والخروج من سيطرة البنك الفيدرالي الأمريكي أوضح الخبير الاقتصادي محمد سعد طالب أنه “من الآن تستطيع الحكومة استلام إيرادات النفط في بنوك مركزية في أوروبا وآسيا وليست مضطرة للاقتصار على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك وبوسع البنك المركزي أيضا إدارة حسابات لاحتياطياته هناك وإجراء تحويلات عليها”.

وأشار إلى “ضرورة ان يتم الاهتمام بمعالجة الحوالات وليس النقد كونها تشكل النسبة الأكبر في نافذة بيع العملة فهي شكلت نسبة 84% من نافذة بيع العملة في العام 2022 بينما لم يشكل النقد الا 16% وبذلك تتم معالجة الحوالات والعودة الى الاعتمادات المستندية التي تعد واحدة من أهم الأدوات في عملية التجارة الخارجية التي ساهمت بشكل كبير في تيسير عملية الاستيراد والتصدير”.

ويؤكد أيضا “إذا أبقت الحكومة على استلام موارد النفط في مكان وحيد فهي التي تتحمل مسؤوليته ومسؤولية تبعاته على البلاد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here