عندما تتحول مراكز التجميل إلى مشارح للموت في العراق: من المسؤول؟


صلاح حسن بابان

باتت عمليات التجميل من أكثر الجراحات ازدهارا وانتشارا بين النساء في العراق مع وجود أكثر من 200 جراح تجميل وتقويم متوزعين في كافة أنحاء البلاد وتحديدا في العاصمة بغداد ومدن اقليم كوردستان.

ورغم ما تحملها هذه العمليات من مخاطر وسلبيات تؤدي أحيانا إلى الوفاة أو تشوهات في الوجه، فبدلا من الحصول على الجمال، يحصلن على الموت.

وتعد عمليات تجميل الأنف وشفط الدهون وتشوهات الأذن وشد الجفون وحقن “الفيلر” و”البوتكس” للوجه والشفاه، وإذابة شحوم البطن والأرداف والفخذين والذراعين والتي عادة ما توحي بأن صاحبها أصغر من عمره الحقيقي ببضع سنوات، من أكثر عمليات التجميل المنتشرة في العراق.

ومثل هذه العمليات لم تك مألوفة في السابق، إلا أنها شهدت زيادة سريعة وملحوظة خلال السنوات الماضية وبالأخص بين النساء، مع تسجيل حالات وفاة بصورة مستمرة نتيجة لأخطاء طبية أو لأسباب أخرى.

وأكثر ما يدفع المرأة إلى اجراء عمليات التجميل في مظهرها هو ما يتفق عليه خبراء في علم النفس والاجتماع ان المجتمع العراقي يبني نظرته تجاه المرأة عادة على مظهرها الخارجي، وكلما تزايد اهتمام المرأة بمظهرها وهندامها سواء في الوظيفة أو الأماكن العامة لفتت الانتباه أكثر.

ومن الأسباب الأخرى التي تزيد من هوس النساء بعمليات التجميل عدم تقبل الزوج لمظهر زوجته بعد تقدمها في السن او امتلاء وجهها بالتجاعيد وتزايد وزنها وغيرها.

ومن الأسباب التي زادت من عمليات التجميل في العراق أيضا هو انخفاض تكاليفها، اذا تتراوح ما بين (300 – 4000) دولار أميركي، وفق شهرة الطبيب المتخصص، على عكس بعض الدول التي تصل تكاليف تلك العمليات الى أضعاف مضاعفة.

وساهمت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لعمليات التجميل وانتشارها وتعزيز فكرة الجمال والتغيير وملاحقة الموضة والتركيز على الجوانب الإيجابية التي تسببها هذه العمليات من زيادة في الثقة بالنفس وتغيير الشكل.

لكن الزيادة الواضحة في مراكز التجميل أدت إلى ظهور بعض السلبيات التي أثرت على بعض طبقات المجتمع العراقي، إذ أفرزت تلك الزيادة العديد من المشاكل الاجتماعية والصحية ولاسيما مع تغيب القانون، نتيجة وجود بعض المراكز غير المرخصة من وزارة الصحة لممارسة هذه المهنة.

وعادة ما تمنع الأسباب التجارية تسليط الضوء على مخاطر عمليات التجميل، لأن التجارة دخلت حتى في الطب، وهذا أكثر ما تنتقده الباحثة الاجتماعية والنفسية شهرزاد العبدلي وهي تؤكد أن الخطورة الموجودة، لكن لا يتم تسليط الضوء عليها من قبل الاعلام، الا في القليل النادر، فالأغلبية تظهر صورة الفنان والفاشنيستات أو حتى الناس الاعتياديين قبل العملية وكيف أصبحت أجمل أو أصغر بكثير بعدها دون اظهار السلبيات.

وتشير العبدلي في حديثها الى ان المرأة بطبيعة الحال كلما بدت أجمل وأصغر تكون سعيدة وحالتها النفسية تكون متوازنة وراضية عن حالها، وهذا العامل يدفعها باتجاه اجراء عمليات التجميل، وذلك لأن أي خلل في وجهها خاصة أو في جسمها يسبب لها توترا نفسيا ونوعا من الخجل وعدم الرضا عن النفس، في حين لو اجرت العملية تكون أجمل وسوف ترتاح نفسيا وتكون راضية بشكل عام عن مظهرها وشكلها ووضع جسمها.

وتؤكد الباحثة الاجتماعية ان عمليات التجميل تيار لايمكن الوقوف بوجهه، وهو في زيادة مستمرة حتى لو كانت فيها مخاطر.

وبالانتقال إلى الجانب القانوني، وفي تعليق منه على حالات الوفاة التي تحدث أثناء اجراء عمليات التجميل، يقول الخبير القانوني علي التميمي ان قانون حماية الأطباء رقم 26 لسنة 2013 أوجب عند حصول خطأ طبي أو رفع شكوى أمام المحاكم وقبل اتخاذ أي إجراء قانوني، تشكيل لجنة مختصة من وزارة الصحة لبيان الخطأ من قبل أهل الاختصاص، وهل هو متعمد أم لا، وهل كان بسبب المخدر أو الأجهزة أو الطبيب الجراح.

وبموجب ذلك قد يحال الملف إلى محكمة التحقيق وفق المادة 411 القتل الخطأ أو 310 الخاصة بإحداث عاهة في حالة عدم الوفاة أو المادة 340 التي تختص بالاهمال المتعمد، وقد يغلق التحقيق وتعتبر الحادثة قضاء وقدرا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here