إخراج القوات الأميركية .. بين قرار مجلس الشعب وحسابات الحكومة !

مجتبى علي حيدري

قرار مجلس الشعب العراقي بطرد القوات الأمريكية من بلاد الرافدين بعد اغتيال الشهيدين سليماني و المهندس على يد الولايات المتحدة ما زال يراوح مكانه.

الأحزاب السياسية الشيعية كانت تعزو ذلك إلى عدم تأثيرها في حكومة الكاظمي لكن بعد تشكيل الحكومة الجديدة باتت تقدم ذرائع جديدة منها أن ثمة أولويات يجب تحقيقها قبل الخوض في ملف قرار المجلس و أن إبقاء قوات الرد السريع الأمريكية ضرورة تؤكدها قاعدة دفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر بحجة أن العراق لم يزل يقع تحت تهديد التنظيمات الإرهابية.

وهذه الذرائع تبين بوضوح أن الكتل السياسية التي دعمت قرار مجلس النواب آنذاك تراجعت عن مواقفها الثورية بل كانت ردود أفعالها الحماسية، مؤقتة لا أكثر حيث إنها أصبحت اليوم تستمع لتوجيهات السفارة الأمريكية بإبقاء موضوع إخراج القوات الأمريكية في إطار المؤتمرات الخطابية و الإعلانية فقط ما جعلنا نسمع في الأيام القليلة الماضية خطابات تشيد بدور قادة النصر من دون التطرق إلى القاتل وذلك لمصالح سياسية و مسؤوليات مستقبلية!

رئيس الوزراء العراقي أيضا يرى نفسه محرجا فهو يعتبر بمستوى مدير عام في تمشية أمور الحكومة حتى إجراء الانتخابات القادمة لذا عليه أن يعمل على نقطتين لتعزيز مكانته كرئيس للوزراء الأولى قبول الأطراف الإقليمية و الثانية إحداث تغيير في الخدمات ولاسيما الكهرباء فدخل على خط الخدمات بقوة و بدأ بمشروع كهربائي كبير مع إيران في البصرة و بمشروع كهربائي ضخم آخر مع الألمان لكن المشكلة تكمن في الملف الأمني فمحمد شياع السوداني يرى أن بقاءه في السلطة و قبوله من قبل الأمريكان أمران يُحوِجانه إلى أن يكون مستقلا ظاهريا عن محور المقاومة لذلك بدأ بتصريحات اختلافية كالخليج العربي وأخرى تطالب بقاء القوات الأجنبية في بلاده علاوة على حجبه المعلومات المتعلقة بيوم عملية اغتيال قادة النصر و منعه استجواب 18 متهما بالعملية لكي لا يقحم حكومته الفتية في هذا الملف بيد أن مراقبين يرون أن هذا النهج لن يؤتي أكله فقد كان حيدر العبادي قد خاض تجربة إرضاء الأمريكان من قبلُ غير أن حكومته لم تحظ بولاية ثانية مع أن كثيرين كانوا مقتنعين بأنه افضل خيار لتلك المرحلة. فهاهو العبادي يكشف في كتابه النصر المستحيل عن مذكرة تفاهم تحمل رقم 14.01328 وقعت عام 2014 بين بغداد و واشنطن بشان بقاء القوات الأجنبية في العراق لكن الإدارة الأمريكية _بعد قرار مجلس الشعب العراقي بخروج هذه القوات_وقعت مع الكاظمي وثيقة جديدة لشرعنة بقائها على الأراضي العراقية.لكن في ظل الحكومة العراقية الجديدة و التغييرات الإيجابية لدى الجيش و الشرطة و القوات الأمنية وفي ظل وجود قوات رسمية عقائدية (الحشد الشعبي) المطلوب حاليا كخطوة صغيرة وفاء لدماء قادة النصر هو تشكيل لجنة متابعة من قبل الكتل النيابية (الإطار) لمطالبة الحكومة باتخاذ خطوات عملية باتجاه تنفيذ قرار مجلس الشعب لاستعادة سيادة العراق الذي لا يحتاج اليوم إلى وجود أي قوات أجنية على أرضه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here