المرتزقة بطانة وأصدقاء الحكام عبر التاريخ

المرتزقة بطانة وأصدقاء الحكام عبر التاريخ، نعيم الهاشمي الخفاجي

الارتزاق ظاهرة سيئة ومنذ قديم الزمان، كان للشعر في الحضارات والازمنة القديمة دور مهم وفعال، حيث لم توجد صحف بذلك الوقت، يكتبون مقالات ارتزاقه، للكسب المادي على حساب القيم والمبادئ، مع تطور الأنظمة الحاكمة تطور شعر المديح والارتزاق، سجلت كتب التاريخ الكثير من الشعراء المنخرطين في فئة الشعراء المرتزقة التي تحيط بالحكام، شعرهم يعتمد على أسلوب المديح و التمجيد والتطبيل.

في العصر الجاهلي ابدع الكثير من الشعراء الجاهليون من أحفاد عدنان وقحطان في كتابة القصائد الشعرية للثناء على الزعماء القبلتين والحكام، جاء الإسلام ونزلت آية قرآنية تذم هذا الصنف المرتزق من البشر بقول الله عز وجل { والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}،(سورة الشعراء).

ورغم تحذير الإسلام لهذه الفئة من البشر لكن سوق الارتزاق أصبح رائج بعد تولي الضال معاوية بن أبي سفيان مقاليد الحكم، فتح خزائن الأموال لكل شخص يكذب على الله عز وجل ورسوله في وضع أحاديث مزيفة للنيل من الإمام علي ع وال البيت ع من خلال وضع روايات مكذوبة على رسول الله ص لوضع كرامات إلى أشخاص لم يقل تلك الأحاديث رسول الله ص، بل تم وضع أحاديث تسيء إلى الرسول ص وال بيته بطرق قبيحة، وايضا تم فتح خزانات بيت المال للشعراء من فئة المرتزقة لمدح معاوية وال ابي سفيان، حتى ان شاعر أموي مدح عبدالرحمن بن ملجم قاتل الإمام علي بن أبي طالب ع اسمه عمران حطان، يا ضربة من تقى ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا.

لكل عصر وزمان يوجد شعراء والان يوجد مع الشعراء فيالق من الإعلاميين والصحفيين وشيوخ دين يمتنهنون مهنة الكذب ومديح الحاكم الظالم المستبد، ويتم الغدق عليهم في أموال طائلة ويحملوهم بالذهب والهدايا من سيارات حديثة وبيوت وأراضي، يمتهن الشعراء من فئة المرتزقة صياغة ابيات النفاق والكذب بالعصر القديم والحديث، أين ماوجد المال وجد النفاق، وقد سجلت كتب التاريخ وجود شعراء يمدحون الحاكم، وإذا سقط الحاكم يمدحون الحاكم الجديد، شاعر العرب الكبير أبو العلاء المعري ذم هذه الفئة التي تمتهن الارتزاق بقوله، بني الآداب غرتكم قديماً .. زخارف مثل زمزمة الذباب

وما شعرائكم إلا ذئابٌ .. تلصص في المدائح والسباب.

ياسبحان الله بكل عصر وزمان يسجن الشرفاء من قبل الأنظمة ويتم تقريب السفهاء والمرتزقة واغداق الأموال عليهم، بالعصر العباس سجن وقتل أئمة من آل البيت ع الإمام موسى بن جعفر الكاظم والإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد الجواد والإمام علي الهادي والإمام الحسن العسكري وهم أحفاد الرسول ص و خيرة عباده الصالحين.

بينما تجد البلاط العباسي يسرح ويمرح به المتملقين والدجالين، منهم أبو دلامة كتب ابيات الشعر في تمجيد خلفاء بني العباس وأخذ منهم أموالا طائلة .

شخصية أبو دلامة تمتهن النفاق بدرجة جدا كبيرة، متمرس في التملق للحاكم العباسي، بينما الأئمة عليهم السلام يعيشون في السجون المظلمة، ابو دلامة كان صديق الخليفة العباسي المهدي، صديقه المقرب، مهنة أبو دلامة يكتب الشعر ليضحك الخليفة، وذكرت كتب تاريخية أن أبا دلامة كان في حالة سكر ذات ليلة فأُتي به إلى المهدي لكي يعطيه هدية ثمينة، فشاهده سكران فأمر بأن يحبس في بيت الدجاج، بعد ان صحى بالليل من سكره، ورأى نفسه بين الدجاج، فصاح، يا صاحب البيت، فأجابه السجان قائلاً، ما لك يا عدو الله، قال له، ويلك، من أدخلني مع الدجاج، قال، أعمالك الخبيثة، أُتي بك إلى أمير المؤمنين وأنت سكران، فأمر بتمزيق طيلسانك الذي كان قد أهداه إليك، وبحبسك مع الدجاج، قال أبو دلامة، أوتقدر على أن توقد سراجاً وتجيئني بدواة وورق، فأتاه بدواة وورق، فكتب إلى المهدي أبياتاً يمدح بها المهدي وفي اليوم الثاني بعث عليه المهدي بعد ان مدحه بهذه القصيدة

أمير المؤمنين فدتك نفسي/ علامَ حبستني وخرقت ساجي

أُقاد إلى السجون بغير ذنب/ كأني بعض عمال الخراج

ولو معهم حُبست لهان وجدي/ ولكني حُبست مع الدجاج

المهدي قال إلى ابو دلامة أين بت الليلة يا أبا دلامة، قال، مع الدجاج يا أمير المؤمنين، قال فماذا كنت تصنع، قال، كنت (أقاقي) معهن حتى أصبحت، فضحك المهدي وأمر له بهدية ثمينة.

انا شخصيا عاصرت حقبة نظام البعث، حيث قام صدام الجرذ في تقريب كل من هب ودب من الشعراء والصحفيين والمطربين وكل شخص سواء كان ذكر أو أنثى يجيد مهنة قراءة الأناشيد أو إلقاء قصاىد شعرية تمجد صدام الجرذ، واغدق عليهم بالاموال، بينما تم إعدام الملايين من العراقيين بسجون صدام المظلمة، من الشعراء الذين امتهنوا مهنة الارتزاق لدى صدام الجرذ على سبيل المثال، فلاح عسكر واقبال فليج، وعباس جيجان، جيجان طلب لجوء ادعى ان صدام أراد اعدامه، لكن بعد سقوط نظام صدام الجرذ القى قصيده يمدح بها صدام الجرذ وقربه شيوخ الإمارات ومارس إلقاء قصائد ارتزاقية في مدح نظام حكم الإمارات وتم إعطائه جنسية اماراتية، عبدالرزاق عبدالواحد بغض النظر سواء كان شاعر كبير، انا رأيت له مواقف مدح بها صدام الجرذ وفي إحدى قصائده اسماه ابو الضيم، للعلم الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد القى عليه البعثيين القبض في انقلاب عام ١٩٦٣ وامروه في شرب مياه مرافق صحية، الشاعر السياب شاعر كبير وله اسماء كبيرة، وقف ضد الشهيد الخالد عبدالكريم قاسم لأسباب عرقية بغيضة، وجاء البعثيين للحكم هرب إلى الكويت ومات في الكويت، تم إحضار جثمانه لدفنه بالبصرة، وجدت عاىلة بدر شاكر السياب أن بيتهم مصادر من قبل سلطات البعث، لكن للحق لم أجد قصيدة إلى السياب يمدح بها نظام البعث، عندما انا عارضت نظام البعث قبل ٣٣ سنة رأيت مواقف لعراقيين مشرفة أمثال موقف رأيته إلى المرحوم الشيخ كاظم ال ريسان شيخ مشايخ حجام، صدام ارسل له شخص من أقاربه يقول له ان صدام قد عفى عنك وارجع للعراق، رد عليه شيخ كاظم، اسمع قل إلى صدام خليه يطلب منا عفو وليس هو من يعطينا عفو، انا شخصيا تواصل معي عملاء واحذية لنظام البعث، وقالوا لي عندك عفو وابقى بالدنمارك وتستطيع تسافر للعراق، قلت لهم هيهات هيهات، نحن لم نزور العراق بظل وجود صدام رئيس، وفعلا بقيت صامد أفضح بنظام البعث في وقت كان الكثير يغطون رؤسهم في الرمال، ومن المؤسف الشخص الذي فاتحني بزيارة العراق بحقبة نظام البعث، الآن احتسب بقانون الفصل السياسي وحصل على تعويض تجاوز ٣٠٠ مليون دينار عراقي بينما انا لم أحصل بالقليل العودة لوظيفتي، معاملة الفصل الخاصة بي حدثت بها مماطلات وأخطاء عجيبة غريبة، لا اريد ان ألوم احد، والانكى سجنت في رفحاء اربع سنوات بسبب الأخوة المنتفضين، وعندما شرعوا قانونهم الدكتور حسين السلطاني مدير مؤسسة السجناء استكثر علينا شمولنا براتب تقاعدي أسوة بالطفل الذي ولد برفحاء، والعجيب مرة كنت اتكلم مع حسين السلطاني قال لي اكتب لي تظلم وانا اساعدك، قلت له بالقليل يا أخي اريد تعويض عن فترة السجن الأربع سنوات، قال لي اطمأن القانون يحميك هههههه عجبا ياله من عجب، لامكان للشرفاء والمناضلين في العراق الجديد، انا سواء شملت بالقانون أو لم أشمل وسواء تم اعادتي إلى وظيفتي بوزارة الدفاع أو لم يتم اعادتي، أصبح عمري ستين عاما وحتى عندي مشاكل في القلب ولا أظن نعيش فترة طويلة، وقسم بالله انا غير نادم، يكفي انا سلكت طريق النضال والجهاد ضد نظام البعث، ووقفت بكل قوة ضد القوى البدوية الوهابية الناشرة للارهاب، رغم عروضهم المادية المغرية التي عرضوها علينا من خلال سماسرتهم، مثلي الأعلى المظلوم الأول بالإنسانية الإمام علي بن أبي طالب ع، نحمد الله ونشكره ولايسعني سوى أن اشكر الله ابقاني حي لكي اعري وافضح نظام البعث واذنابهم، وهذه اكبر نعمة، تبا وتعسا لكل مرتزق سواء من مرتزقة عصرنا هذا أو المرتزقة الهالكين بالعصور الماضية، كثير مثلي ضحوا وناضلوا من أجل العراق وشعبه لكن مشكلتهم مذهبهم شيعي والله لو كان مذهبي سني لقام ساسة أحزاب شيعة العراق في كسب ودي.

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

19/1/2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here