عقدة الفوقية والاستنكاف في الاعلام الرياضي الغربي.. دراسة حالة: خليجي 25 في البصرة

عقدة الفوقية والاستنكاف في الاعلام الرياضي الغربي
دراسة حالة: خليجي 25 في البصرة

أ.د عبودي جواد حسن
برفسور الترجمة الاعلامية سابقا\جامعة عجمان \الامارات

درج الاعلام الغربي على التعالي على بقية دول العالم ومحاولة اتباع سياسة الالغاء(cancellation ) لما يحدث رياضيا وفنيا في آسيا وافريقيا و القارات الاخرى ويؤخذ عليه ايضا افتقاده للشمولية(Inclusiveness) في تغطية هذه الاحداث والفعاليات وذلك باعتقاد اعلامييه بمرجعية الغرب حتى في الرياضة وفي المقابل يؤخذ على الاعلام الرياضي في دول العالم الثالث وخاصة العربية منها بعقدة الدونية واعتبار الغرب ليس انموذجا في التغطية الاعلامية ولكن مرجع وعلى وذلك جاء التقليد الببغائي من طرف اعلاميي دول العالم الاخرى وبالاخص الدول العربية منها.
بعد خروج الاستعمار الكولونيالي والامبريالي من العالم الثالث في القرن العشرين ومجيء العسكرتياريات ( Juntas) على قمة السلطة حاول العسكر الهاء وتخدير الشعوب وابعادها عن السياسة باستجلاب النشاطات الرياضية والفنية التي كانت سائدة في الغرب كما هي وجعل الناس يتخذون من الغرب المرجعية في كل نشاط وفعالية تقريبا. وقام العسكرواتباعهم في بداية الامر بتعريض شرائح من شعوبهم للافكار القومية او الدينية وخاصة المتطرفة منها فتشكلت الاحزاب الدينية والقومية المستندة على ايديولوجيات عالمية متضاربة ( اشتراكية وليبرالية وديمقراطية ….الخ ) وحاول العسكر تسخيرها لتحقيق اهداف ديكتاتورية حتى ولو كان باستخدام العنف والتعتيم والتغطية على استفرادهم بالسلطة وعدم الالتفات للشعوب المسحوقة. وكان الاعلام الذيلي سند لهم في ذلك.
الا انه في الالفية الثالثة يبدو ان وعي الشعوب اصبح اقوى وادركت هذه الشعوب المخططات وحاولت الاجتهاد والتجديد. وبدأ الغرب يضعف وتضعف قوته وظهرت على مستوى العالم قوى اخرى متعاظمة النفوذ اقتصاديا وسياسيا وحتى عسكريا كالصين وروسيا وبعض الدول الاخرى مثل تركيا وايران والسعودية وقطر والامارات. الا ان الهيمنة الغربية تأكلت وهرمت وبدات تحاول تفرض نفسها بشكل اخر وبشكل اكثر خبثا متبعة الاساليب الناعمة بنشاطات وحملات تحت مسميات تبدو انسانية شكليا ومدعية بنشر العدالة والمساواة مثل الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق المرأة والدفاع عن المثلية ( LGBTQ)والاجهاض والقتل الرحيم ( Mercy Killing) واستنساخ الاحياء (Cloning) وتأجير الارحام (ٍSurrogacy).
وبالرغم من الضعف الذي بدأ يدب في اوصال الدول الغربية وخاصة في الولايات المتحدة بدات هذه الدول باتباع اساليب اخرى في فرض همينتها وذلك باظهار عقدة الفوقية والاستنكاف(Superiority Complex) من الدول الصغيرة تلك الدول التي بدأت تصنع الامجاد بنشاطاتها المتميزة وذلك باستخدام اعلامها القوي الذي ورثته اثناءها تحكمها بالعالم بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية.
من يتابع الاعلام الرياضي الغربي مثلا وخاصة البريطاني والامريكي المرئي والمسموع والمقروء يلاحظ هناك تغافل وتغيب متعمد لاحداث رياضية اقليمية مهمة عبر المصادر الاعلامية الرئيسة المستعملة للغة الانجليزية ذات النفس الدولي مثل تغيب هذه المصادر لبطولة الخليج العربي 25 التي جرت خلال الشهر الحالي 2023 في مدينة البصرة العراقية التي شاركت فيها ثمان دول خليجية مهمة . غاب الحدث حتى ولو بذكر خبر قصير عنها . فيما نرى هذا الاعلام بركز على لعبة غير معروف وغير شعبية على نطاق العالم مثل لعبة ال ( Curling) الاسكتلندية وهي لعبة على الجليد التي قلما يسمع عنها الجمهور الرياضي العالمي. ما هذا التعالي والاستنكاف من بطولة رياضية اقليمية بكرة القدم الا دليل على الافلاس الرياضي وتغييب مساهمة شريحة من شرائح سكان العالم من هذا النشاط الرياضي. وما هو الا دليل على فشل الاعلام الرياضي الغربي في الهيمنة على الاعلام الرياضي الدولي وعدم القدرة على مجاراة نظيره الاعلام العربي الذي اصبح لم يعد اعلاما ببغائيا كما كان في القرن الماضي.
وبايجاز ان هذا الاغفال الذي يبدو مبرمجا ما هو الا عجز عن مجاراة ما تقوم به دولا قد تكون احيانا صغيرة نهضت بعد معاناة من القوى الاستعمارية والاحتلالات التي غدت هذه الدول الاستعمارية الان غير قادرة على مواصلة تفوقها واصبحت في هذا الزمن تلعن حظها العاثر و تستجدي العون من دول كانت تعيش منذ عهد ليس بقصير دولا غير معروفة. ولاستعادة امجادها فكرت هذه الدول الاستعمارية خطأ بالتعالي الذي اصبح لايجدي نفعا في عصر تكون الغلبة فيه في التكيف للواقع والسعي الجاد واستشراف المستقبل وعدم النظر الى الوراء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here