قصيدة جديدة
” السارد الفذ ”
إلى صديقي أمجد توفيق
…..
أحفظُ الأبجدياتِ عن ظهر قلبٍ
كما يحفظُ البيتُ أسراره
أنتَ مَنْ أيقظ الوعيَ بي
كُنتَ أخبرَ مني،
تعلّمتُ منكَ التأمّلَ في المستريب
وبالصبحِ أطوي المساءَ
وأفتحُ بابَ التغاريدِ في العندليبِ
وأرنو إلى زبدِ البحرِ في موجهِ
قبل أن تستفيقَ الأماني .
وعرفتُ التغرّبَ فتكًا يباغتُ ..
قُلتَ: فهل تستجيبُ
إلى النفحِ في الأقحوانِ.
قد تعلّمتُ منك التعفّفَ
حتّى أصونَ لساني .
وأواري بصمتي حروف المعاني.
ثم أسمو على الجاحدينَ
وكيف أقاوم غدر الجبانِ.
……
كلما أُستضامُ وحين تضيقُ الدُنا
يلجأ القلبُ لك .
وفي أي وقتٍ تعانق ُروحي
تبلسمُ أنت بما تستطيبُ جروحي .
كنتَ ملح اصطباري على العاديات .
تتّقي ما تراهُ من المغريات .
ثم تصرخُ.. إياكَ أن تنتقي السوءَ في خلسةٍ
فالمثالبُ لا تغتفر
……
صاحبي نصفُ قرنٍ مضى
وصداقتُنا ساعةٌ مالها عقربان
فلماذا يغار ُعليها ومنها الزمان ؟
….
أنتَ تعلمُ عمقَ الأسى
في السنين العجاف
كم صبرتُ..
– فأين المفر .
قد تقول بأنَّ المطر .
سيبلّ الجفاف .
ويغيّرُ لونَ الحصى في الضفاف .
……
صخبٌ وترى الرعبَ خيلًا
من الرعد تصهل حين يحلّ الظلام .
والشوارع ميّتةٌ رغم هذا الزحام .
والبلاد التي لا تنامُ
استعارت لها شجرًا من رخام .
…..
صاحبي .. أيها السارد الفذ
مَنْ سوف يقرأ
أو يسمع النوح .. ؟
هذا دمي يستغيثُ
ألا تسمع النبض في دمك المستكين؟ .
قد سكتُّ .. فغرّ السكوت الحواة .
إنها الوحشةُ المشتهاةُ
فدعني أغنّي وأبكي
لعلّ الغناء يهدهدُ ما أبتغي من نجاة .
و لأعلنَ : أنّك نفسي
الذي يسبغ الضوء وهج البريق
وإذا تهتُ في زنقةٍ
كنتَ بوصلتي للهدى في الطريق .
هل أبحتُ السرائر قبل
هطول المطر؟.
هذه الأرضُ مغسولةٌ بالضياء
والمحطاتُ مشغولةٌ بالأكفّ
التي لوّحت في الوداعِ
فهل يستعيدُ الصباح القمر .
انت تعرفُ ما يفرحُ الشمس
في ظلمةٍ
حين تبزغُ حالمةً عند فجرٍ أغر.
نصفُ قرنٍ مضى
والعصافير تنسجُ أعشاشها
في غصون الشجر .
وكلانا ارتدى وجهَ صاحبهِ في السفر.
……
” عبد المنعم حمندي “