صناعة الجهل وسياسة إلهاء الشعوب …

صناعة الجهل وسياسة إلهاء الشعوب …
حقُّ الإنسان في امتلاك عقله الذي وهبه إياه خالقه ليفكر كما يشاء، لا كما يريد له الآخرون !

أننا لم نجد فرحة سابقة في وجوه الجماهير والمتفرجين وعلى اختلاف قومياتهم واديانهم واعمارهم وخلفياتهم الطبقية كما رأيناها عندما حقق المنتخب السعودي فوزه على نظيره الأرجنتيني وكذا عند فوز المنتخب المغربي بعد تغلبهم على اسبانيا والبرتغال في بطولة العالم / مونديال قطر كما لم نجد مثل تلك الفرحة ومنذ أكثر من نصف قرن على وجوه العراقيين بعد فوزهم بكأس الخليج /25 ..
إنه من الطبيعي ان يفرح جميعنا لفرح الناس وزرع الابتسامة على وجوههم وهو نوع من التنفيس إذا فاز منتخبهم في كرة القدم ! وكما تغنت بها الفنانة الراحلة نور الهدى ايام زمان ( ياريت كل الناس فرحانة ) ، لكننا نرى ان بعض الحكومات والأنظمة والنخب الفاسدة في العالم والتي تعمل بالضد من مصالح شعوبها تستغل رياضة كرة القدم بكل مهارة ودهاء ومكر كبديل تخديري لتلهي الناس بمباريات كرة القدم وأفلام العنف، والجنس، والجريمة أو المسلسلات القصيرة، اتباعا لتنفيذ استراتيجية إلهاء الشعوب ،التي كتب عنها المفكر الأمريكي (نعوم تشومسكي ) بقولهم “حافظوا على اهتمام الرأي العام بعيدًا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، اجعلوه مفتونًا بمسائل لا أهمية حقيقية لها. أبقوا الجمهور مشغولًا، مشغولًا، مشغولًا، لا وقت لديه للتفكير، وعليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات”)،، لا خلاف أن رياضة ومباريات كرة القدم التي يصرفون عليها مبالغ خيالية هي لعبة يستمتع بها الناس لمدة( 90 دقيقة ) تنسيهم خلالها تعاستهم وبؤسهم وهمومهم إلا انها تستخدم كوسيلة (تلهية ) لتحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل الحقيقية والتغيرات السيئة التي تقررها النخب السياسية ، أن فوز هذا المنتخب الوطني او ذاك لن يحل مشاكل الفقراء والبؤساء واللاجئين تحت الخيام ولن توقف الحروب الظالمة ! ان الفوز الحقيقي لا ينتهي و صافرة الحكم ! وكرة القدم( كبديل تخديرى ) لم يعد يقتصر على الشعوب العربية والمسلمة بل هناك ،منها مثلا ذلك الحدث التاريخى الذى تم فى الأرجنتين عام 1978 حيث كان النظام السياسى هناك نظاما قمعيا دمويا يقتل ويعتقل الالاف ،ومع ذلك تم السماح له بتنظيم مباريات كأس العالم على أرضه لإكسابه الشرعية ، وقد أقيمت المباراة النهائية لكأس العالم 1978 على بعد ميل واحد من سجن يضم آلاف المعتقلين السياسيين المعارضين لنظام الحكم القمعى هناك ، حيث طغى هدير المفتونين بالفوز ، على أنات وآلام وصرخات المسجونين المقبورين تحت الأرض و الذين لم يلتفت لهم أحد،كذلك أيضا لعبت كرة القدم دورا آخر فى الأرجنتين نفسها عام 1986 عندما نجح النظام الحاكم هناك في إقناع الجماهير بأن فوز المنتخب الوطني على إنجلترا فى مونديال عام 1986 يُعتبر تعويضًا مجزيا وكافيا عن الهزيمة العسكرية المذلة التى ادت إلى التفريط فى جزر فوكلاند الأرجنتينية والتى تم التنازل عنها لإنجلترا بشكل مخزى !
من الطبيعي ان نفرح. اذا فاز منتخبنا الوطني ، لكن فرحتنا ستزداد وستكون دائمة إذا فزنا بحق على الأنظمة الظالمة والفقر والجهل والفساد والتمييز بين المواطنين بسبب القومية والدين والمذهب والجنس ! عندئذٍ سيكون فوزنا حقيقيا ومثمرا ومجديا وسيسعدنا ذلك أبدًا…

فاروق جواد رضا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close