خبراء قانونيون: المحكمة الاتحادية ليست دستورية و”تجاذبات سياسية” وراء قرار ايقاف المستحقات المالية لاقليم كوردستان


معد فياض

اجمع خبراء قانونيون على ان:”المحكمة الاتحادية غير دستورية وبالتالي فان قراراتها غير قانونية وغير ملزمة التنفيذ”. مؤكدين في احاديث منفردة لشبكة رووداو الاعلامية الاربعاء، 25 كانون الثاني 2023، على :”ضرورة تشكيل محكمة اتحادية وفقا للدستور العراقي والغاء المحكمة الحالية.”

وكانت المحكمة الاتحادية قد اصدرت اليوم الاربعاء، 25 كانون الثاني 2023، قرارا بوقف تحويل مبلغ 200 مليار دينار عراقي الى حكومة اقليم كوردستان لتسديد مستحقات رواتب موظفي الاقليم عن شهر كانون الاول الماضي، بناءا على شكوى قدمها النائب مصطفى سند.
ودعا الرئيس مسعود بارزاني في رسالة إلى الرأي العام العراقي والكوردستاني، اليوم، الأربعاء 25 كانون الثاني 2023، الحكومة العراقية والأطراف المكونة لائتلاف إدارة الدولة إلى:” إظهار مواقفهم من انتهاكات المحكمة الاتحادية ضد مصالح العراق وإقليم كوردستان، وذلك بعدما ألغت المحكمة كل قرارات مجلس الوزراء بتحويل الأموال إلى إقليم كوردستان”. مؤكدا :”أن المشاركة في ائتلاف إدارة الدولة وتشكيل الحكومة الجديدة “كانت قائمة على برنامج واضح ومفصل متفق عليه بين جميع الأطراف”. مشددا على أن “إستحقاقات إقليم كوردستان هي حق مشروع لشعب كوردستان، وجزء من البرنامج الذي تم الاتفاق عليه”.

واعتبر الرئيس مسعود بارزاني:” قرار المحكمة الإتحادية اليوم قبل أن يكون ضد إقليم كوردستان، هو قرار ضد العملية السياسية وضد الحكومة العراقية وبرنامج إئتلاف إدارة الدولة نفسه”. مضيفا:”من المستغرب، أنه كلما سنحت الفرصة نحو جو إيجابيّ بين إقليم كوردستان وبغداد، وظهرت فرصة لحلحلة المشاكل، عملت المحكمة الإتحادية على الفور على إجهاض تلك الفرصة بقرار عدائي، مما أدى الى تعقيد المشاكل”.

ووصف الرئيس مسعود بارزاني المحكمة الاتحادية بانها:” تنفذ أجندة مشكوك فيها، فقد حلت محل محكمة الثورة في النظام السابق”. داعيا:”الحكومة العراقية والأطراف المكونة لائتلاف إدارة الدولة إلى بيان مواقفهم تجاه هذه الإنتهاكات والمواقف المعادية التي تتبناها المحكمة الاتحادية ضد مصالح العراق وإقليم كوردستان”.

غياب السند الدستوري
القاضي رزكار أمين، قال ” ليس من حق المحكمة الاتحادية التدخل في مثل هذا القرار وهو عبارة عن اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان، واتسائل ما هو السند القانوني او الدستوري الذي اعتمدت عليه المحكمة لاصدار قرار ايقاف ارسال مستحقات القليم كوردستان المالية؟ من الواضح ليس هناك اي سند دستوري”.

واضاف القاضي رزكار أمين قائلا:”بالنتيجة ان شعب أقليم كوردستان العراق شريك في ثروات البلد، لا علينا بالامور العالقة بين بغداد وأربيل، فهذه الخلافات تعالج سياسيا او قانونيا لكن منع الموارد عن الشعب امر مرفوض وهذه حالة حصار ضد الكورد العراقيين، لا يجوز لبغداد ان ان تضع شعبنا في وضع مساومة او صراعات او مزايدات سياسية ولا يمكن استخدام الشعب وسيلة او ورقة للضغط السياسي”. مشددا على ان:”الكورد عراقيين، وثروات العراق للعراقيين ولهم حق مثلما لاي عراقي آخر حقوقه في ثروات بلده ولا يمكن قطع الرواتب عن الموظفين والمتقاعدين وهذا امر غير دستوري وغير وانساني على الاطلاق”.

ونبه القاضي أمين الى ان :” القانون الذي تشكلت بموجبه المحكمة الاتحادية غير دستوري ، فالمادة 92، ثانيا من الدستور العراقي تقول تتشكل المحكمة الاتحادية من قضاة وفقهاء في الدين وخبراء في القانون، وهذا ما لم يتحقق في هيكلية المحكمة الحالية التي تشكلت وفق الامر رقم 30 في فترة الحكم الانتقالي وليس وفقا للدستور العراقي والتعديل الذي تم عليه مؤخرا ليس دستوريا ، ولا يجوز تعديل قانون المحكمة الذي سن في فترة الحكم الانتقالي، وبالتالي فان قرارات المحكمة غير دستورية كون المحكمة مشكلة بقانون غير دستوري، ولا بد من اعادة تشكيل محكمة اتحادية وفقا للدستور العراقي المعمول به”.

الخبير القانوني الاكاديمي محمد الشيخلي، مدير المركز العربي للعدالة في المملكة المتحدة، أوضح حول دستورية قرار المحكمة الاتحادیة بإیقاف تحویل المبالغ المتفق علیھا بین بغداد واربیل إلى إقلیم كردستان، قائلا:”بعد الآطلاع على قرار المحكمة ألآتحادیة العلیا والمرقم (170 /أتحادیة / 2022 ) والمؤرخ ( 25/01/2023 ) وجدت أن المحكمة ألآتحادیة قد ذھبت في قرارھا الى ألغاء قرارات مجلس الوزراء العراقي المرقمة 194 و 226 و257 و335 و 401 لعام 2021 والقرار رقم 8 لعام 2022 ، وأوردت المحكمة شرحھا لما ورد في أحكام الدستور العراقي وألتزمت بالنص الدستوري والتفسیر القانوني المجرد بعیدآ عن روح قرارات مجلس الوزراء ومسبباتھ الآنسانیة لقراراته المتعلقة بالمعالجة الفوریة للآوضاع الآنسانیة التي یعیشھا المواطن في أقلیم كوردستان , والتي تطلبت التدخل العاجل من الحكومة ألاتحادیة أستكمالآ لما ورد بقانون الموازنة ومسؤولیة الحكومة ألآتحادیة بالتعاون مع حكومة أقلیم كوردستان للمحافظة على الحیاة الكریمة للمواطن وضرورة توفیر مصدر العیش لكل مواطن”. مؤكدا بان:” قرار ات مجلس الوزراء الاتحادي لم تخرج عن فقرات الموازنة العامة للدولة وأنما أرجأتھا الى اللجان المشتركة لدیوان الرقابة المالیة في الحكومة ألآتحادیة وحكومة أقلیم كوردستان لغرض أجراء (المقاصة المالیة بین ما ورد في تخصیصات أقلیم كوردستان بالموازنة العامة وبین الموارد المالیة لآقلیم كوردستان من غیر العوائد النفطیة، وبالتالي فأن ھذه السلف من الآموال ستعود الى خزینة الدولة )، وھذه المقاصة المالیة لا تؤثر على المیزانیة العامة للدولة لآنھا وردت على شكل ( سلف مالیة إضطراریة ولأسباب أنسانیة ) تستقطع لاحقآ حال أكمال تدقیقات لجان دیوان الرقابة المالیة، وبالتالي ذھاب الحكومة الى معالجة الوضع الآنساني العاجل ولظروف أستثنائیة یتعرض لھا أقلیم كوردستان”.

وأضاف الشيخلي قائلا:” إن أشكالیة الطعن في قرارات مجلس الوزراء أنھا لم تجعل ھذه التخصیصات ألآستثنائیة بطلب الى مجلس النواب لتعدیل قانون الموازنة وأنما ذھبت الحكومة الى أستخدام صلاحیتھا التنفیذیة في معالجة وضع أنساني عاجل حیث كان علیھا وللآبتعاد عن أي طعون برلمانیة ( ولأغراض سیاسیة ) أن تطلب من مجلس النواب أقرار تعدیل عاجل لقانون الموازنة لعام 2021 “. مشيرا الى ان:” أن التجاذبات السیاسیة للقوى العراقیة دائمآ ما یذھب ضحیتھا المواطن حیث أن الطعون من قبل بعض أعضاء مجلس النواب أمام المحكمة الآتحادیة لا تخلوا من دوافع سیاسیة تخدم تلك القوى والكتل السیاسیة التي لیس من ھمھا المواطن ومعاناته الآنسانیة وأنما تحقیق مصالحھا السیاسیة وتسجیل أنتصارات تتعارض ومضلحة المواطن سواء كان المواطن في زاخو أو في الفاو، وھذا ما نجده واضحآ وجلیآ في كثیر من الطعون بالقوانین والقرارات أمام المحكمة الاتحادية”.

وفيما يتعلق بدستورية المحكمة الاتحادية، قال الخبير القانوني الاكاديمي محمد الشيخلي، مدير المركز العربي للعدالة في المملكة المتحدة، أن:” أشكالیة المحكمة ألآتحادیة تكمن في أن قانون تأسیسھا صدرعن سلطة ألآئتلاف المؤقتة (سلطة الآحتلال ) بالرقم 30 المعدل من قبل الجمعیة الآنتقالیة لعام 2005 ، كما أن تشكیلھا یتعرض الى التوافقات السیاسیة للقوى السیاسیة العراقیة داخل البرلمان العراقي، بسبب أن المصادقة على رئیس وأعضاء المحكمة الآتحادیة یكون من قبل مجلس النواب العراقي والذي تمارس الكتل السیاسیة فیه موازنة مصالحھا مع وجوب المصادقة، وأنني أرى ضرورة أبتعاد ترشیحات رئیس وأعضاء المحكمة ألآتحادیة عن موازنات القوى السیاسیة في البرلمان العراقي وضرورة تعدیل قانون المحكمة ألآتحادیة وفقآ لمبدآ ( الفصل بین السلطات ) لغرض أن تتوفر الآستقلالیة الكاملة للسلطة القضائیة العراقیة عن بقیة السلطات التشریعیة والتنفیذیة، وبالتالي تكون السلطة القضائیة بكل تشكیلاتھا مستقلة بمؤسساتھا وتشكیلاتھا وأیضآ قراراتھا” .

قرارات غير دستورية

تجاذبات سياسية
ويرى الخبير القانوني الاكاديمي هاوري كمال،المستشار القانوني لوزارة المالية والاقتصاد في حكومة اقليم كوردستان، ان:”المحكمة الاتحادية العليا، عكفت، مؤخرا بدق مطرقة العدالة من خلال اصدارها عدد من القرارات باسم الدستور وبحجة حمايتها للدستور العراقي، لكن المفارقة هنا هي أن المحكمة، الاتحادية العليا، غير دستورية أصلا، واي قرار تصدره بالتالي غير دستوري، والقرار الذي اتخذته المحكمة الاتحادية اليوم، وكل قراراتها السابقة وفقا لذلك هي قرارات غير دستورية”. موضحا:”ان المحكمة الاتحادية العليا تشكلت بأمر من الحاكم المدني الاميركي بول بريمر، والذي كان يصدر قراراته باسم قوات الاحتلال الاميركي، وقبل كتابة وإقرار الدستور العراقي المعمول به حاليا، بموجب الأمر (الاحتلالي) رقم (30) تحت اسم قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 والذي نشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 3996 في17/3/2005″.

وستطرد الخبير القانوني هاوري كمال بقوله:”بعد مضي سبعة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون في 15/10/2005 صوت الشعب العراقي في استفتاء عام على الدستور الحالي، والذي ينص في الفقرة ثانيا من مادته 92 على أن: “تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون، يحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب، من هنا يبرز السؤال الجوهري، ألا وهو: أين هذه المحكمة التي نص عليها الدستور؟ اذا كان جواب البعض ان المحكمة الاتحادية العليا الحالية هي نفس تلك المحكمة التي نص عليها الدستور، فأين هم خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون الذين نص عليهم الدستور لتأسيس المحكمة؟ ولماذا فقط نرى تسعة قضاة يشكلون المحكمة؟”.

يضيف قائلا:”الحقيقة المؤسفة هي ان ما يجري في العراق هو عبارة عن تراكم من الإجراءات اللادستورية، فبدلا من ان يصححوا المسار الدستوري والقانوني يأتون بحلول يزيدون بها( الطين بله)، ففي العام 2021، وبعد ان احيل عدد من قضاة هذه المحكمة على التقاعد وتعطل عملها واصبح العراق في فراغ قضائي دستوري قام مجلس النواب العراقي بخرق اخر للدستور حيث سنوا قانون رقم (25) لسنة 2021 وهو قانون التعديل الاول للامر رقم (30) قانون المحكمة الاتحادية العليا واعطوا للمحكمة اللاشرعية واللادستورية، شرعية الاستمرار مرة اخرى، وذلك بحجة ان الأطراف السياسية لم تصل الى حل حول خبراء الفقه الاسلامي وفقهاء القانون، والمفارقة هنا انهم توصلوا الى اتفاق لموضوع غير دستوري وقاموا بالتعديل الذي تطرقنا اليه ولكنهم لم يتوصلوا الى اتفاق حول تشكيل محكمة بموجب الدستور، أي قاموا بحل مخالفة دستورية بمخالفة دستورية أخرى”.

وشدد هاوري كمال، المستشار القانوني لوزارة المالية والاقتصاد في حكومة اقليم كوردستان، على :”ضرورة تشكيل محكمة اتحادية وفقا للدستور العراقي، وان تقوم المحكمة الجديدة التي ستشكل وفق المادة 92، ثانيا، من الدستور العراقي، بمراجعة قرارات المحكمة الحالية والمصادقة عليها او الغائها او تعديلها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here