كيف يتعرض صيادو الحيتان الى الهلاك ؟ (*) د. رضا العطار
.لقد حدث لربان سفينة Essxes لصيد الحيتان كارثة حقيقية، بعد ان انقطعت بهم السبل لأنقاذ حياتهم و الوصول الى شاطئ الامان، حيث لم يبق لديهم من المؤن الا القليل، ففي البداية كان الواحد منهم يحصل على نصف بسكويتة ومقدارا من الماء، وبعد عشرة ايام قلت المؤن اكثر فاكثر، وبفعل اشعة الشمس المحرقة انهكت اجسادهم وارواحهم بشدة، وبعد مضي شهرين في البحر وهم في حالة اليأس المطلق.
وعندما روا الحيتان يحيطونهم من كل جانب شعروا بالخوف الشديد، وعندما سمعوا الاصوات المرعبة التي يحدثها زفير الحيتان فزعوا جدا، واخيرا شاهدوا ذيولها و اشكالها المخيفة تضرب صفحة سفنهم، تعرضها لخطر الغرق. .
وبعد مرور شهرين لم يبق شيء إلا جلود الملاحين وعظامهم، وعندما هلك احد الملاحين، وهو (ايزاك كول) جوعا، احاط به الاخرون لتكون جثته طعاما لهم بدل ان يرموها في البحر، والتهم الملاحون قلبه ثم قاموا يتجفيف لحمه ليتناولوه في الايام القادمة. ولم يبقى في النهاية سوى اربعة ملاحين الذي قاموا بدورهم بعمل قرعة، تسببت في اطلاق النار على احدهم وهو (اوين كوفين) واكلوه.
وعلى الرغم من ان موقع صيادي الحيتان كان محترما في مجتمعهم، لان مهنته تتطلب تضحيات كثيرة فضلا عن الحذاقة والمهارة، إلا ان هذا العمل في الواقع كان عمل كريه وليس مجلبة للثناء. فأغلب الرجال الذين يخرجون الى رحلة واحدة في عمل صيد الحيتان، لم يحبوا ثانية ليقوموا بهذا العمل.
فالمشارك اما ان يكون مجنونا او ثملا وإلا فإنه احمقا او قديسا.
لكن لو كتب الحظ وتمكن الصيادون من الوصول بقاربهم الى مسافة ميل واحد من مكان الحوت بعد ان تمكنوا من تحديد موقعه. وغالبا ما يتم عبر رؤيتهم عمود البخار المتصاعد من منخر الحوت المرتفع الى سطح الماء.
وعندما يصدر الامر الى موجه الدفة ليقف ويواجه الطريدة، عليه ان يمسك الحربون، وهو معدن قاتل له نصل على شكل ورقة الشجر ليخترق الاعضاء الداخلية الحيوية لجسم الحوت، في هذه الاثناء ينادي مساعد الربان عبارة (المدخنة تحترق) عندما تصيب الحربة هدفها. الذي غالبا ما يكون القلب او الرئتين، ويصبح الزفير بلون الدم. القاني.
وكثيرا ما كان هذا الدم يتناثر على الرجال في القوارب الذين يفخرون بما عملوا ويبتهجون.
كانت السموم تستخدم في بعض الحضارات لتسريع موت الحوت. فكان صيادو الحيتان من جزر كودرياك يضعون سم الافوتين على رماحهم وهو سم مستخرج من الجذور لنبات (خانق الذئب)، ويتطلب السم ثلاثة ايام لقتل الحوت. وينتظر الصيادون انجراف جثته نحو الشاطئ.
واسترضاء لروح الحوت يقوم الصيادون باقامة طقوس حداد تدوم ثلاثة ايام وتنتهي هذه الشعائر عادة بالرقصات والولائم.
* مقتبس من كتاب الحوت التاريخ الطبيعي والثقافي لمؤلفه د. جو رومان، ترجمة ايزميرندا حميدان، ط 1 ، 2913 هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة و(الكلمة).
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط