هل تقف (إسرائيل) وراء هجوم بمسيرات على منشأة عسكرية إيرانية؟

نجاح محمد علي

تقول إيران إنها أحبطت هجومًا بطائرة بدون طيار على ورشة عسكرية في ليلة زُعم أنها شهدت حرائق وانفجارات مزعومة في عدة محافظات.
ولم توجه طهران اللوم رسميًا عن غارة الطائرات بدون طيار في مدينة أصفهان بوسط البلاد. ومع ذلك ، صدرت تكهنات أن أوكرانيا قد نشأت على أنها من بين الجناة المحتملين، وحذرت الجهة الإعلامية التابعة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من “عواقب وخيمة” ما لم تنأى الحكومة الأوكرانية بنفسها عن الهجوم. في غضون ذلك ، يزعم آخرون أن آذربيجان – التي أُغلقت سفارتها في طهران مؤخرًا وسط توترات متصاعدة – ربما لعبت أيضًا دورًا إلى جانب إسرائيل.

• التفاصيل أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية في 28 يناير كانون الثاني أنها أحبطت هجومًا على إحدى منشآتها في أصفهان .
• وقالت الوزارة إن ثلاث طائرات مسيرة صغيرة استخدمت لاستهداف المنشأة لكن واحدة أسقطت وتحطمت طائرتان.
• ووقع الهجوم في حوالي الساعة 11:30 مساءً بالتوقيت المحلي ، ولم يسفر عن وقوع إصابات ، ولم يسفر إلا عن “أضرار طفيفة” بسقف المنشأة ، بحسب بيان الوزارة. أكدت اللقطات التي بثتها وسائل الإعلام الحكومية أن الضرر كان ضئيلاً ، على ما يبدو بسبب تعزيز أمن الموقع.
• ولم توجه وزارة الدفاع اللوم لكنها أكدت أن “هذه الأفعال العمياء لا تؤثر على تقدم البلاد”.

• التحليل :
ثلاث طائرات مسيرة محملة بالقنابل استهدفت مصنع دفاع إيراني في مدينة أصفهان بوسط البلاد خلال الليل ، لم تسبب في أضرار بالمصنع ، لكنها فاقمت من التوترات الإقليمية والدولية مع استمرار الحرب الأوكرانية ، ومحاولات عراقية للحد من انخفاض قيمة الدينار وضبط عمليات تهريب الدولار الى دول في المنطقة منها تركيا .

يأتي الهجوم الفاشل بعد أن أعلنت وزارة المخابرات الإيرانية أنها أجهضت مؤامرة لاستهداف مواقع حساسة حول أصفهان وقامت بتفكيك أكثر من اثني عشر خلية تجسس ترتبط بالموساد.وبثت التلفزة الايرانية اعترافات عناصر في كوله الكردي الايراني الانفصالي ومقره الآن في أربيل ، بأنهم خططوا لاستهداف منشأة جوية عسكرية في أصفهان بعد أن دربهم جهاز استخبارات الموساد الصهيوني ..كما يأتي بعد يوم من اندلاع أزمة ديبلوماسية جديدة بين طهران وباكو يرى الكثيرون أن فيها أصابع الموساد.

رفع الهجوم من منسوب التوترات بين جمهورية أذربيجان وإيران التي قامت في اكتوبر تشرين أول الماضي بمناورة عسكرية بالقرب من حدود جارتها التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني، ويتواجد الموساد بكثافة فيها ، واشترت طائرات بدون طيار إسرائيلية الصنع لجيشها، ولايستبعد أن يكون لها دور في الهجوم الفاشل .

ومهما يكن من أمر ، فإن هذا الهجوم يأتي رداً على اخفاقات إسرائيل والولايات المتحدة والأوروبيين مقابل النجاحات التي حققتها ايران وحلفاؤها، وله صلة مباشرة بالتطورات المثيرة في فلسطين المحتلة بعد عملية القدس البطولية ، واستمرار الاحباط الأمريكي الأوروبي من تحقق تقدم ملموس لصالح الناتو في أزمة أوكرانيا.

من هنا ،يبرز هذا التطور أيضاً بعد التصعيد اللافت في فلسطين لصالح محور المقاومة، والتوتر في علاقات الكيان الصهيوني مع أمريكا والتحديات الرئيسية التي تواجه هذا الكيان في عام 2023، اضافة الى مستقبل برنامج إيران النووي فيما لو انهارت الصفقةبين ايران والقوى العالمية المعروفة بخطة العمل الشاملة المشتركة.

في هذا الواقع تزداد التوقعات أن تزداد حدة المواجهة داخل فلسطين المحتلة، لكن يبقى برنامج إيران النووي “أخطر تهديد خارجي لإسرائيل”، الى جانب أن انهيار العلاقات بين إسرائيل وأمريكا هو التحدي الثالث الذي يواجه هذا الكيان الوظيفي الذي تم تاسيسه لخدمة مصالح الدول التي ساهمت في ايجاده على أرض فلسطين. إذاً ، اشتداد الاستقطابات الداخلية بعد مجيء حكومة بنيامين نتانياهو المتطرفة يضعف الأمن الاجتماعي.

وتعيد عملية أصفهان الفاشلة الى الواجهة مخاوف تحدث عنها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي بشأن الفرص لمواجهة التحديات هذا العام 2023 ، وأولها تعزيز التعاون الدفاعي والأمني والتقني مع أمريكا ودول أوروبا الغربية ودول في الشرق الأوسط ، فضلاً عن زيادة الصادرات العسكرية. أوصى المعهد أن تعمد الحكومة الإسرائيلية الى إجراءات لحماية علاقتها الخاصة مع أمريكا والبقاء على وفاق مع واشنطن في كافة القضايا المتعلقة ببرنامج إيران النووي خاصة وان ايران صرحت لأول مرة ، أنها قد تنسحب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية كرد على الاستفزازات الأوروبية
كما أوصى المعهد بأن تحافظ الحكومة الإسرائيلية على علاقاتها بالسلطة الفلسطينية ، وأن تزيد من استعدادها لمواجهة محتملة مع حزب الله اللبناني.

في هذا الواقع ، يبقى من نافلة القول إن آي تصعيد يقدح شرارته هجوم أصفهان ، و يخرج عن قواعد الاشتباك الراهنة ، سيضع المنطقة كلها على برميل كبير من المتفجرات الحارقة التي ستدمر الجميع لن يفلح التحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق في التخفيف من تبعاته.
أعلن التحالف، أنه أجرى “مناورة عملياتية” كجزء من مناورة تدريبية. وعلى حد قول المتحدث باسمه الذي كشف بشكل مفاجيء بعد ساعات من الهجوم على المنشأة العسكرية في أصفهان ، أن أنظمة الدفاع في قاعدة عين الأسد بالأنبار، والتي تتواجد فيها القوات الأمريكية ، أسقطت طائرة مسيرة بالقرب من القاعدة يوم الأحد ، وقدمت مصادر عسكرية عراقية والتحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة روايات متضاربة عن الحادث.
وقال التحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة في بيان إنه أجرى “مناورة عملياتية … تضمنت الاشتباك مع منظومة جوية بدون طيار” في قاعدة عين الأسد كجزء من تمرين تدريبي. ومع ذلك ، أشارت مصادر عسكرية عراقية إلى أن الطائرة المسيرة كانت لها نية عدائية ، قائلة إنه لم يتضح ما إذا كانت في مهمة مراقبة أو ما إذا كانت تحمل أي متفجرات. ويجري تكتم شديد على الإصابات و الأضرار.

هذا المشهد دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الى التحذير من التأثير السلبي للتوتر مع ايران على العراق ، واعلانه الاستعداد للقيام بدور مباشر مع واشنطن ، قال أنور قرقاش ، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة، الامارات العربية المتحدة إن التصعيد الإسرائيلي في جنين خطير ومقلق ويقوض المساعي الدولية للدفع بأولوية أجندة السلام.، مشيراً الى أن هجوم أصفهان يمثل حدثًا آخر في “التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة”. واستُهدفت الإمارات العام الماضي بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة العام الماضي تبناها أنصار الله في اليمن . وكتب قرقاش على تويتر “ليس في مصلحة المنطقة ومستقبلها”. على الرغم من أن مشاكل المنطقة معقدة ، فلا بديل عن الحوار. وبالتأكيد ، هذا مافعله أيضاً وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -في ختام محادثات جرت الأحد في طهران- بعد هجوم أصفهان بساعات ، عن المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي والعلاقات الثنائية والأمن الإقليمي.
وقال وزير الخارجية الإيراني -في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري- إن طهران تسلمت رسائل من الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي عبر قطر {المقصود هنا من أمريكا لأن قناة الاتصال الأوروبية ماتزال مفتوحة مع طهران عبر منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل} .
ذكر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنه شدد خلال لقائه مع نظيره الإيراني على أهمية تعزيز الأمن الإقليمي، وضرورة خفض التصعيد في المنطقة ، وذلك يصب في صالح العراق.

• نجاح محمد علي هو صحفي استقصائي مستقل من العراق يكتب عن قضايا السياسة والمجتمع وحقوق الإنسان والأمن والأقليات. ظهرت أعماله في Swiss info و BBC العربي والفارسي ، و RT Arabic ، وقناة العربية ، وقناة الجزيرة ، و رأي اليوم ، و القدس العربي ، و انترناشيونال بوليسي دايجست ، من بين العديد من المنافذ الإعلامية الأخرى. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية لمتابعته على تويتر @najahmalii

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here