العثور على حانة في مدينة لگش الأثرية يبلغ عمرها 4700 سنة

العثور على حانة في مدينة لگش الأثرية يبلغ عمرها 4700 سنة
عضيد جواد الخميسي

اكتشف علماء الآثار حانة كبيرة يعود تاريخها إلى حوالي عام 2700 قبل الميلاد في موقع مدينة لگش القديمة جنوب العراق . حيث لوحظ أن الحانة تحتوي على مكان للجلوس ( مصطبات)، و تنّور من الطين ، وجرار فيها بقايا طعام ، و زير مخصص لمشروب البيرة ، وهو وعاء فخاري قديم مدفون في حفرة للحفاظ على برودة البيرة (ثلاجة) ، ويُعد هذا الاكتشاف استثنائياً للغاية .

لقد صرّحت البروفيسورة “هولي پيتمان” ، الأستاذة في قسم تاريخ الفن / جامعة بنسلفانيا ، ورئيسة قسم الشرق الأدنى في متحف بنسلفانيا ، ومديرة مشروع لگش ؛ حسب البيان الصحفي الذي صدر من جامعة بنسلفانيا ، بالتصريح التالي:

“إنه مكان شعبي لتناول الطعام يعود تاريخه إلى عام 2700 قبل الميلاد، جزء منه مكشوف في الهواء الطلق ، والجزء الآخر مسقّف بضمنه حيّزاً للمطبخ “.

مدينة لگش القديمة

مدينة لگش؛ المعروفة اليوم باسم (تل الهبا) ، تقع شرق مدينة أوروك الأثرية، وهي على بعد 22 كيلومترا شرق مدينة الشطرة في محافظة ذي قار. ويُعتقد أنها قد تأسست ما بين عام 2900 وعام 2600 قبل الميلاد . وهذا ما جعلها واحدة من المدن الأقدم في بلاد الرافدين .

لقد مضى أكثر من 40 عاماً منذ أن بدأت أولى أعمال التنقيب في لگش مدينة الأهوار . وكانت الجولة الأخيرة من التنقيبات في عام 2019 ، وعلى الرغم من التوقفات الناجمة عن وباء الكورونا ، إلاّ أن العمل قد استؤنف في أربعة مواسم مكثّفة .

لقد اُستخدمت أساليب متطورة في هذه الاستكشافات الجديدة ، بما في ذلك التصوير باستخدام الطائرات بدون طيار، والتصوير الحراري thermal imaging ، والقياس المغناطيسي magnetometry ، الذي يسجل الكثافة المغناطيسية للهياكل والآثار المدفونة ، وأجهزة سحب العينات الطبقية الدقيقة ؛ التي هي تقنية حفر دقيقة جداً . حيث تساعد طريقة استخراج عينّات الرواسب في دراسة التطور البيئي لمدى يصل إلى آلاف السنين .

نُقل عن پيتمان في البيان الصحفي لجامعة بنسلفانيا UPenn قولها: “على مساحة تزيد عن 450 هكتاراً ، كانت لگش واحدة من أكبر المواقع في جنوب العراق خلال الألفية الثالثة. كان للموقع أهمية سياسية واقتصادية ودينية كبيرة. ومع ذلك ، نعتقد أيضاً أن لگش كانت مركزاً سكانياً مهماً ، ومنفذاً للوصول إلى الأراضي الخصبة وأسواق الحرفيين”. وشبهت پيتمان لگش بـ “ترينتون ـ نيوجيرسي” ؛ التي كانت ذات يوم مركزاً للصناعة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة ، وأضافت: “بهذه الطريقة ربما كانت المدينة لها شأناً عظيماً مثل ترينتون التي جعلت العالم يأخذ عندما تصنع “.

بعثات لگش الأخيرة التي قام بها فريق جامعة بنسلفانيا UPenn والذي ترأسه البروفيسورة “هولي پيتمان” ، والمدير الميداني البروفيسور العراقي ” زيد الرّاوي ” من جامعة شيكاغو ، وبالاشتراك مع جامعة “پيزا Pisa” ؛ قد ركزّت على الحياة اليومية لعامّة الناس الذين كانوا يعيشون في الأحياء الحضرية من المدينة منذ حوالي خمسة آلاف سنة ، وذلك لإعادة بناء تسلسل الأحداث .

لقد كتبت صحيفة “ميامي هيرالد” ؛ ” أثناء الحفر في أحد هذه الأحياء العشوائية ، قامت البروفيسورة (سارة پيزيمنتي) ، الأستاذة المشاركة في جامعة پيزا والمديرة الميدانية للمشروع ، بحفر موقع فيه آثار حريق ، فاتضح أنه فرن في مساحة من أفران الفخار، حيث تم العثور على العديد من أفران الفخار القديمة المحترقة في المنطقة . وبالقرب من هذا الموقع كان هذا المكان يختلف فيه مطبخ وفرن للطهي ، يحيط به عدد من الجدران وبداخله عدد من المصاطب ، وأربعة من الرفوف المنهارة ، كلها مكدّسة بأوعية من الطعام . وعلى الجانب الآخر من المطبخ كان هناك هيكل دائري كبير مصنوع على شكل إناء كبير وتحيط به طبقات من بقايا الفخارالمكسور؛ تعرّفت پيتمان على الهيكل النصف المدفون على أنه “زيرzeer” ، وهو مخزن تبريد تحت الأرض يستخدم مثل الثلاجة للحفاظ على الأطعمة والمشروبات باردة .

لقد اتضح لأعضاء الفريق أنهم عثروا على مطعماً شعبياً يعود تاريخه إلى عام 2700 قبل الميلاد. ونقلت صحيفة ميامي هيرالد عن پيتمان قولها: “أطلقنا عليه وعلى الفور اسم (الحانة ) . حيث عثرنا على عظام للأسماك والدجاج في الأطباق من الرفوف المنهارة . وبصرف النظر عن أي شيء ، فإن ذلك المطعم كان يقدم مشروب البيرة والخبز والطعام في وجباته.”

كما كشفت التنقيبات في الحيّ أيضاً عن الشوارع والأزقة والمنازل وأفران الفخار، والعديد من القطع الأثرية مثل؛ الأختام الفخارية والأدوات الحجرية والتذكارات المميزة ، والخرز، وسدادات الجرار ، وما يقرب من 37000 قطعة فخارية في فترة التنقيب من خريف عام 2022 .

المصدر :المركز الصحفي ــ جامعة بنسلفانيا UPenn press

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here