تشويه التأريخ!!

الساحة الثقافية والإعلامية تعج بمشوهي التأريخ , الذين يكتبون بمداد مشاعرهم السلبية ودماملهم النفسية , وهذا إثم وإجرام بحق الحياة والضمير والإنسانية , لأن ما يكتبونه أضاليل وأكاذيب وتهيؤات وتصورات عدوانية سافرة , مجردة من المنطق والتحليل العلمي الموضوعي المعزز بالأدلة والبيانات والإحصاءات , وإنما هو تعبير عن تسويق لأمراض مزمنة متقيحة في أعماقهم.

وبسبب الفهم المنحرف للديمقراطية , تحولت الصحف والمواقع ووسائل الإعلام إلى واجهات مدمرة للحقيقة , ومشوشة للوعي والإدراك المنصف الصحيح , فاختلط صالحها بطالحها , وما عادت هناك قدرة على التمييز , وهذا هو المطلوب لتمرير ما هو مطلوب.

ولهذا تجدنا نقرأ كتابات كاذبة , لكنها تتكرر لتصبح شائعة ويتم تصديقها وخداع الناس بها , وهذه الإفتراءات والإدعاءات ليست ذات صلة بالديمقراطية , وإنما حولتها إلى حصان أعمى تركبه وتدور في ذات المكان , حتى تخور وتتهالك قواها فتبرك وكأنها فازت بصيدٍ سمين.

وبإسم الديمقراطية المذبوحة بأقلامنا وأفكارنا , فقدت الكلمة دورها وقيمتها ومسؤوليتها ورسالتها , وتحولت إلى وسيلة للتعبير عما يجيش في الأعماق النكداء الجاسية المتخشبة الضمير , والمعدومة الحس الوطني والإنساني.

إن الدوران في الفلك التخريبي التدميري العدواني , وبعد إستيراد الديمقراطية المفصلة على قياس المصالح والأهداف الإقليمية والعالمية , يشير إلى أن المأساة ستتواصل والعدوان على الذات والموضوع والتأريخ سيتعاظم.

ولابد للأقلام أن تكون صاحبة ضمير وترى الدنيا كما تبدو للبشر المتحضر , لا كما تمليه عليها عيون الآثام والخطايا وتصفية الحسابات , التي تؤدي لمزيد من الويلات والآلام , ولكي يخرج الناس من هذه الدائرة المفرغة السقيمة , عليهم أن يستحضروا قيمهم ومبادئهم القويمة الصحيحة التي تربت عليها الجيال , وأن لا يستلطفوا دور الأداة والآلة الكفيلة بإنجاز ما تم برمجتها للقيام به , دون أي تحسب وتقدير لمآلات الفعل والعمل.

فما يصيبنا من فعل أيدينا , وأنفسنا الأمارة بالسوء الفاعلة فينا , ولا نلومن سوانا , فقد طفح الكيل ووصل سيل العيب الزبى!!

وتبا للذين يتصورون بأنهم سيشوهون التأريخ والحاضر ويبخسون المستقبل , فإرادة الحياة ستلفظهم كالزبد في رمال الهوان والإذلال , ولن يبقى إلا ما ينفع الناس , ولو فعل ما فعل كل مكّار مخاتل مخادعٍ , متستر بألف قناع وقناع من تراث ذاته البائس المشين!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close