أنا إبن العراق!!

أنا إبن بلدٍ عريق مسافر في مديات الأزل الإنساني , ومجسدٍ لإرادة الحياة الحضارية السامية , التي وضع لبناتها الأولى أجدادي الأباة في وادي الرافدين.

أنا إبن الكلمة المشرقة الصادقة المكتوبة الناطقة , التي حفظت الأفكار والتصورات الإبداعية , وابتكرت آليات التواصل المعرفي عبر العصور والأجيال.

أنا إبن الذين إكتشفوا الزراعة ورغيف الخبز , وأوقدوا النار لتكون مصدرا للدفئ وطهو الطعام , وتجاوزوا مراحل الصيد إلى الإستقرار في مدن الأرض الأولى , المشيدة بإرادتهم وتطلعهم الإبتكاري الجديد.

أنا إبن الدستور والقانون والنظام والعدل والمساواة بين الناس , حيث رفع أجدادي رايات أول دستور فوق التراب وحكموا وفقا لضوابطه , ووضعوا معايير التفاعل البشري بدقة وفهم متقدم وخالد في الأذهان.

أنا إبن الإنتماء للرسالات والأديان , لأنها أوجدت منطلقاتها وأسسها الجوهرية فوق أرض بلادي , فأبو الأنبياء من وطني , والذي حمل طاقات أجدادي وفجرها في عقيدة التوحيد , وأرسى معالم العبادات الكبرى ليسير على هديها الناس بعد الناس.

أنا إبن الأدب واللغة والمعرفة والعلوم , فالشعر إبتدأ في ديارنا والمسرحية والقصة والرواية والموسيقى والرسم , والفنون الأخرى التي وثقها الأجداد في لوحات الكهوف والصخور , وما أبدعوه من الأدوات والآلات والعجلات والتماثيل , في المعابد والقصور والمسارح والمدن , وما تشير إليه دلائل التفوق الحضاري الأصيل.

أنا إبن دجلة الخالد والفرات الرائد , اللذان يجريان من عيون الأزل إلى خلجان الأبد , وفي واديهما إنطلقت الحياة وتحققت أمجاد البشر , وتعلم فنون البقاء وقوانين الصراع والحفاظ على الأصلح للنماء وتحقيق الأمل والرجاء.

أنا إبن النخيل الباسق وبساتين البرتفال والنارنج والرمان والعنب والتفاح , والمشمش والخوخ والإجاص والتكي والعرموط والتين.

أنا إبن مزارع الرقي والبطيخ والشمام والطماطم والخيار والخس والباذنجان , والحنطة والشعير والذرة وعبّاد الشمس المتوهج بالأمل.

أنا إبن الفاو وزاخو , والبصرة ودهوك والسليمانية وأربيل وكركوك والموصل وصلاح الدين والأنبار , وديالى وبغداد والحلة والنجف وكربلاء والناصرية والعمارة والسماوة والبصرة الفيحاء , ومدن وقرى العراق.

أنا العربي الكردي التركماني المسلم المسيحي اليزيدي , أنا إبن الطوائف والمذاهب والأديان , وأكتنز كل الألوان.

أنا إبن العراق , الوطن الحبيب , البعيد القريب , المريض الطبيب الذي يعاني من جراحات المغيب.
أنا العراقي , الشامخ الصامد المعاند الواعد بالأمل الجديد.
أنا الذي يعشق العراق , بمياهه ونخيله وأبنائه أجمعين.

أنا العراقي , الذي لا يرى أجمل من ألوان العراق وصوته وإرادته الإنسانية الظافرة , المباركة بالحق والإقدام والإحترام والإلتزام بالأخلاق النبيلة السامية.

أنا العراقي , أحب أخي العراقي وأسعى للأخوة والألفة والتكاتف والتكافل , والعمل من أجل سيادة الفضيلة ونماء الأمل.

أنا العراقي , ولا أريد عنوانا آخر بديلا عن عراقيتي , فالعراق بيتنا الجامع , وما دونه عدونا القامع.

فكن عراقيا ليبتسم العراق.

عراقي , عراقي , وتبقى بلادي , حياتي وروحي , ونبض فؤادي , ففيها جذوري , وأفق امتدادي!!

د-صادق السامرائي
12\12\11

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close