مواجهة الفاسدين

كامل سلمان

لا تقف في طريق الإنسان الذي عنده طموح كبير إذا لم يكن لديه اخلاق ، سيزيحك عن دربه بأقذر الاساليب ، لأنه اساساً ليس لديه اخلاق ، اما كيف يمكنك ان تعرف انه ليس لديه اخلاق ؟ انظر الى طموحه وانظر الى حجمه العقلي والى الطريق الذي يسلكه ستجد الفارق الكبير في كل شيء عن حقيقته ، ستكون عندك اشارات الى عدم وجود الاساس الاخلاقي الذي من المفروض ان يكون مقروناً بالطموح . ويمكنك ان تجد ذلك بوضوح عند من قفز الى العمل التجاري الكبير دون المرور بالعمل التجاري الصغير ، تجده عند السياسي الذي لم يدرس ابجديات السياسة ، ولم يكن في يوم من الايام يعيش هموم الناس وآلامهم ، وكل ماكان يعيشه احلام السلطة والمال وفي غفلة من الزمن اصبح رمزاً سياسياً ، تجده عند من انخرط بعمل معين بعيداً عن اختصاصه ومثال ذلك رجل الدين عندما ينخرط بالعمل السياسي او العمل الحزبي ، تجده عند من تعاملاته كلها بالعنف والقوة . هؤلاء الاصناف لا تتوقع منهم غير الشر إذا ما فكرّت يوماً الوقوف في طريقهم او الاعتراض على مسيرتهم ، او انك فعلاً تكون بمستوى التحدي لتتحدى سلوكياتهم وتقف في طريقهم بكل جرأة ، ولكن يجب عليك ان تتذكر ان هؤلاء فقدوا كل عناوين الشرف والاخلاق ولم يتركوا لأنفسهم خط رجعة ، لا أمام أنفسهم ولا أمام المجتمع ولا أمام الله . هؤلاء يقتلون ويبيدون من يعترضهم دون تردد ، هؤلاء يختبئون وراء أجندات خارجية وهم لها طاعة وولاء ، وهذا لا يعني السكوت على تجاوزاتهم واجب بل العكس ، الواجب ان تحرض نفسك والناس على ضرورة ايقافهم عند حدهم ومحاسبتهم دون اللجوء الى لغة الانتقام والعنف ، الثقافة يجب ان تنطق مثل هذه المواقف ، صوت الحق يجب ان يعلوا ، صرخات المحرومين يجب ان تسمع من فقد حاسة السمع . . الحياة اليوم لا قيمة لها بدون وجود حكم القانون ، الحياة بلا قانون يعني القبول بالفوضى ، يعني القبول بالظلم ، يعني حياة الغابة البقاء للأقوى …..
اصعب موقف يمر على الإنسان الحر الواعي هو ان يكون في الوسط بين عدو حاقد وصديق متخلف جاهل ، فهو يتلقى الضربات من كلا الجانبين بنفس القوة ، لا يستطيع الاستناد على الصديق الجاهل الاعمى ليرد كيد العدو الحاقد ولا يستطيع اعطاء ظهره للعدو لتصحيح موضع الصديق ، هذا هو شكل الموقف الصعب الذي يمر به كل إنسان مثقف واعي في مجتمعاتنا . فهو متيبس جامد في مكانه لا يستطيع تقديم شيء لنفسه ولمجتمعه لأنه تحت مرمى الاصدقاء والاعداء . . . نعم يا أخوتي معاناتنا كبيرة وكل يوم تزداد كبرا ، السيئون هم السادة الاشراف في بلدي ، يأكلون ويتمتعون كالانعام ، وقد اعتاد عامة الناس الخوف والاختباء وهم يرون حقهم نهبا ، وكرامتهم سلبا ، فالاعداء كثيرون ولهم مداخل كثيرة ، فمرة يدخلون من ابواب القومية ومرة يدخلون من ابواب الدين ومرة يدخلون من ابواب الإنسانية ومرة يدخلون بالسيف والعنف والقوة .
لم يعد الفاسدون في بلادي مجاميع تختبىء ، بل اصبح الناس ترتعد منهم و تختبىء ، الشريف هو الخائف ، صاحب الحق هو المختبيء ، الساحة مباحة لكل سيء ، والشرفاء يخرجون للساحة فقط في عتمة الليل لعلهم يحصلون على قوتهم من مخلفات القمامة والنفايات . الاطفال يبكون جوعاً وكل طموحهم في الحياة لا يتعدى لقمة العيش . .
مواجهة الفاسدين مجرد خيال حتى تخيله حرام ، ، اتدرون لماذا يحدث كل هذا للناس وهم ساكتون خانعون ؟ لأن الحقيقة ان نفوسهم وقبلها عقولهم فسدت عندما تقبلت افكار الفاسدين التي هي اليوم عنواننا ومنها اناشيدنا ومنها مناسباتنا وافراحنا واحزاننا . لا يوجود فرصة للفاسد ان يتسيد المجتمع الا وتجد الناس عقولها ونفوسها فسدت ، فالفساد يصبح تحصيل حاصل ولكن الناس لا يعلمون ان عقولهم فسدت ، عقول الناس فسدت عندما اتبعوا الوعاظ الذين يحثونهم على دعاء الله للقضاء على الفاسدين وهم تحت عباءة الفساد . عقول الناس فسدت عندما فرح الناس شماتة بما اصاب اهل ديرتهم بما اصاب الكوردي ، بما اصاب السني والشيعي بما اصاب اليهودي والمسيحي ، هكذا يفرح الناس بما يصيب بعضهم من سوء وكان يمكن لهم ان يمنعوا السوء ولكنهم لم يفعلوا . تلك العقائد والمذاهب جعلت الناس اعداءاً بدل ان تجعلهم اخواناً واحباباً فهي مدخل الاعداء للهيمنة على نفوسنا وتحطيم دواخلنا ، . . لا نلوم سلطة الفاسدين ، فهذا تحصيل حاصل لما اصاب عقولنا من فساد ، فلو كنا احراراً لما تجرأ الفساد من دق بابنا ! مشكلتنا دائماً نعيش الوهم بأننا احرار ولم نكن كذلك في يوم من الايام .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here

By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close