د . خالد القره غولي
قطعة خشبٍ صغيرة كُتبَ عليها بخطٍ رديء ووضعت بخجل في زاوية ميتة
( مقبرة المعتدين الغزاة ) في وسط مدينة السلام بغداد الحبيبة , هذه القطعة المتواضعة كانت تشير إلى مئات جنود الاحتلال البريطاني منذ احتلالهم بغداد في عام ( 1917 ) الذين قتلوا في العراق على أيدي العراقيين المجاهدين الإبطال , ومن مات من الحر أو القهر أو المرض أو الانتحار ؟! هؤلاء خَصصت لهم حكومة الاحتلال البريطاني قطعة أرض , بمساحة كبيرة بين منطقتي الوزيرية وباب المعظم في الطريق المؤدي من كلية الفنون الجميلة إلى مجمع الكليات ، سُيجت بإتقان وأصبحت مَعلماً يطلق عليه البغداديون اسم ( مقبرة الانكليز ) القليل من المارة يلتفت إلى المقبرة ,
وتحديداً إلى القبور المرصوفة بانتظام وهي كثيرة جداً أو بقايا كنيسة وشواهد أخرى غطاها العاكول وبضعة قبور مميزة يبدو أنها لقادة الجيش المحتل أكلت الأملاح ملامحها وهي مقبرة متروكة لم تطأها قدمٌ منذ عقود أو هكذا يبدو , بعد عام 2003 رُفعت هذه القطعة وبقي مكانها فارغاً لكن القبور ما زالت شواهدها قائمة وصامتة مثل أصحابها ، البريطانيون لا ينقلون حتى موتاهم إلى مقابرهم في بريطانيا العظمى ؟ عكس الأمريكيين الّذين يسارعون إلى إقامة مراسم احتفالية لكل جندي أو شبه جندي يسقط في العراق ، وفي الفترة ما بين أعوام ( 2003 – 2012 ) زادت أعدادهم فأصبح الاحتفال بقتلى المحتل جماعياً , ومادام الاحتفال جماعياً , أقترح على قيادة قوات الاحتلال وجناب الرئيس الامريكي بمناسبة وصول عدد قتلاهم في العراق إلى الآلاف من القتلى , من الذين دفنوا في صحراء الانبار غرب مدينة الرطبة أي في وادي حوران , من الفلول المجرمين من المرتزقة والعصابات الأمريكية مضاف إليهم المعوقين والجرحى والمنتحرين والمصابين بالكآبة .
والفارين أن يبادروا أسوةً بحليفهم الأكبر بريطانيا العظمي إلى تقديم مقترح إلى الحكومة العراقية ليتم عرضه على مجلس النواب بتخصيص قطعة أرض في أحد المناطق النائية أو الصحاري لإقامة لهم مقابر جماعية لقتلاهم بدلاً من دفع هذه الملايين من الدولارات لنقل قتلاهم إلى أمريكا وإجراء مراسيم التشييع التمثيلية , ورصد الكثير من الأجهزة ووسائل الإعلام لنقل صورة الجندي الأمريكي المقتول دفاعاً عن الديمقراطية الكذابة , كما أقترح على البريطانيين , ما دام رفات قتلاهم في العراق تحولوا إلى ترابٍ تدوسه الحيوانات السائبة في كل يوم أن ينقلوا جثث موتاهم إلى بريطانيا .
وأهمس بأذن الذي أمر أو قام برفع القطعة , أن ما قمت به عار عليك وعلى الجهة التي تتبناك يا عار , وصدق الرسول الكريم محمدٌ صلي الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف قالت الأمم : إذا كنت لا تستحي فأصنع ما شئت ؟ ولله – الآمر