استقرار سعر صرف الدولار يتوقف على نتائج مفاوضات الوفد العراقي اليوم في واشنطن

بغداد/ تميم الحسن

طبع العراق 5 تريليونات دينار في غضون الاشهر الثلاثة الماضية بسبب شحة العملة المحلية فيما يتوقع ان يصل العجز السنوي من الدينار الى أكثر من 60 تريليون.

وتعول بغداد على نجاح التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن تخفيف القيود على تداول الدولار عبر وفد حكومي رفيع يفترض ان يصل واشنطن اليوم.

وتشكك مصادر مطلعة في امكانية ايقاف تهريب العملة الصعبة الى دول الجوار خاصة إيران حتى مع فرض القيود الامريكية بسبب عملية «تدوير الدينار».

بالمقابل بدأ الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة بالتمهيد لقبول خيارات كان يعتبرها «خطوطا حمراء» في السابق خاصة تلك المتعلقة بالتفاوض مع الولايات المتحدة.

وتدور التسريبات عن ضغوط أميركية لمنع الفصائل من استهداف قوات التحالف وفرض شراكات اقتصادية على العراق مع دول مجاورة مقابل تخفيف قيود الدولار.

ويطمح العراق للحصول على تأجيل لعدة أشهر لحين التكيف مع الاشتراطات الامريكية التي وضعت لمراقبة حركة الدولار.

ويقول مصدر مطلع في حديث لـ(المدى) ان «هناك ازمة نقد بالعملة المحلية اضطرت العراق للضغط على مطابع بريطانيا وفرنسا التي يطبع فيها الدينار، الى طبع عملات اضافية».

ووفق المصدر الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه انه «في الثلاثة اشهر الاخيرة طبع العراق 5 تريليونات دينار لسد النفقات وخاصة الرواتب».

وبحسب بيانات الحكومة ان الرواتب السنوية قد تصاعدت الى أكثر من 60 تريليون دينار سنويا مع زيادة عدد الوظائف.

ويقدر المصدر «نفقات العراق السنوية بنحو 100 تريليون دينار وقد تتصاعد في موازنة 2023 المرتقبة، بينما مبيعات البنك المركزي من الدولار 24 مليار دولار سنويا (بحسب اخر بيانات للبنك) ما يعادل 36 تريليون دينار».

وتراجعت مبيعات البنك المركزي خلال الاشهر الثلاثة الماضية من 250 و300 مليون دينار يوميا الى ما بين 50 و60 مليون دولار بحسب بيانات البنك.

ويعتقد المصدر وهو مطلع على السياسة النقدية ان «الفارق بين النفقات ومبيعات البنك المركزي ستعوض من طبع العملة الجديدة»، مبينا ان «العراق لا يعوض الدينار المطبوع الجديد لان الايرادات غير النفطية (رسوم، ضرائب) لا تعادل سوى 5‌% فقط من الايراد الاجمالي».

ويحذر المصدر من «زيادة طبع العملة الذي سيؤدي الى تدهور قيمة الدينار العراقي واتساع التضخم وارتفاع السلع».

وبدأت اسعار الصرف في الاشهر الثلاثة الماضية في تصاعد تدريجي حتى وصلت الذروة الاسبوع الماضي الى 1750 دينارا لكل دولار واحد قبل ان تنخفض قليلا بفعل عوامل سياسية.

ويقول المصدر ان «عمليات التهريب الى إيران مستمرة وربما لن تتوقف حتى مع القيود الامريكية».

ويوضح المصدر: «العراق يدفع بالدينار مستحقات الغاز والكهرباء الى إيران والسؤال: ماذا تفعل إيران بالدينار العراقي؟!».

ويجيب المصدر المطلع: «بالتأكيد سوف تعيد طهران هذه المبالغ مرة اخرى الى العراق وتشتري بها دولارات وتستمر عملية تدوير العملة».

وفي قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»، الذي صوت عليه البرلمان العام الماضي، خصصت 4 تريليونات دينار لتسديد المديونية الخارجية ومن ضمنها ديون استيراد وشراء الغاز والطاقة».

وكان لقاء جمع الرئيس الجديد للبنك المركزي علي العلاق مع وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية الامريكية بريان نيلسون الجمعة الماضية في اسطنبول، قد اوقف تصاعد الدولار، بحسب ما تصفه وسائل اعلام غربية.

وبدأ الهبوط في قيمة العملة العراقية بالتوقف بعد أن قال البنك المركزي عقب اللقاء إن «وزارة الخزانة الأمريكية أعربت عن استعدادها لإبداء المرونة اللازمة من أجل تحقيق الأهداف المشتركة».

وكان نيلسون قد أثنى في بيان له، على «سعي العراق المستمر إلى تحسين التزامه بالمعايير الدولية، وحرصه المستمر على عرض التعاون في تحديث القطاع المصرفي».

ويقول نبيل المرسومي استاذ الاقتصاد في جامعة البصرة في حديث لـ(المدى) ان «الدولار سيواصل الصعود إذا ما فشل العراق في جولة المفاوضات الجديدة في واشنطن».

وتفرض الولايات المتحدة منذ أكثر من شهرين قيودا صارمة على حوالات الدولار، حيث يقول المرسومي انه «في يوم واحد تم ارجاع 80‌% من الحوالات ويوم اخر كانت الحوالات صفر».

وبحسب تصريحات سابقة لرئيس الحكومة محمد السوداني فان وفدا برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين ورئيس البنك المركزي سيزور واشنطن يوم 7 شباط (اليوم) من اجل التباحث حول ازمة الدولار.

وتزامنت هذه التصريحات مع اشراك جون بايدن الملك عبد الله الثاني ملك الاردن بالمكالمة الهاتفية الاولى مع السوداني الاسبوع الماضي، والتي فسرت من قبل اطراف في الاطار التنسيقي على ان واشنطن قد فرضت المملكة الاردنية كشريك اقتصادي للعراق.

وبدأ «اطاريون» على اثار تصاعد الانتقادات ضد الحكومة بمحاولة تخفيف اعتراضاتهم السابقة على خط انبوب البصرة- العقبة والذي يعتقد بانه ضمن صفقة تخفيف قيود الدولار.

كما كتب مدونون مقربون من «الإطار» ومعروفون بعدائهم للولايات المتحدة، كلاما دبلوماسيا عن «التفاوض بيد ورفع السلاح بيد ثانية».

وكانت هذه الاطراف قد شجعت في اوقات سابقة قصف السفارة الامريكية في بغداد واعتبرتها «ثكنة عسكرية» وليست جهة دبلوماسية قبل ان تتوقف الهجمات منذ استلام التحالف الشيعي للسلطة، كما وصفت فصائل الأنبوب النفطي الى الاردن بانه «تطبيع مع اسرائيل».

وكانت مكالمة بايدن –السوداني قد اشارت الى رفض استهداف قوات التحالف، التي أكد رئيس الوزراء لاول مرة بانها (القوات) موجودة بـ «طلب من الحكومة».

بالمقابل ان الإطار التنسيقي تبنى بشكل رسمي الاجراءات الاخيرة للحكومة، وقال في بيان انه استمع مساء الاحد الى شرح رئيس الوزراء «لإجراءات البنك المركزي مع البنك الفيدرالي الامريكي في اسطنبول قبل يومين والحزم الاصلاحية التي اصدرها البنك».

واعتبر البيان المعالجات التي تقدم بها البنك المركزي بانها «تأتي ضمن عملية الاصلاح المالي والمصرفي».

أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء ضياء الناصري انه سيتم تخفيض سعر صرف الدولار وفقاً لمقترح البنك المركزي.

وقال الناصري في تغريدة له على تويتر تابعتها (المدى) انه «سوف يتم تخفيض سعر صرف الدولار بحسب مقترح مقدم من البنك المركزي العراقي إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني».

وكشف مصدر مسؤول، أمس الاثنين، ان البنك المركزي العراقي أكمل دراسته بشأن خفض سعر صرف الدولار وقدمها الى رئيس الوزراء.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here