شباط الأسود

شباط الأسود
بيان من الاتحاد الديمقراطي العراقي

تمر هذه الأيام الذكرى الستون لانقلاب 8 شباط 1963 الفاشي الذي أعاد العراق للعهود المظلمة، ستون عاما مضت على تلك الجمعة المروعة لدخول مجرمي البعث بعربات تقودها مخابرات الدول الامريكية والأوربية والإقليمية. لينقضوا على منجزات ثورة الرابع عشر من تموز ونهجها الوطني الديمقراطي وانحيازها لفقراء العراق وعموم أبنائه.
وبالرغم من أن الضحية الاولى كانت الشيوعيين واليساريين العراقيين، عن طريق البيان رقم 13 سيئ الصيت، والذي دعا الى قتل الشيوعيين وابادتهم، لكن من دفع ثمن تلك التسعة أشهر السوداء ايضا هم بنات وأبناء العراق من اقصاه الى اقصاه وبكل مكوناته وفئاته. وأوقف ذللك الانقلاب التطور والتقدم الواعد لوطننا وكفاءاته العلمية والبشرية المدنية.
لقد اغرق الانقلابيون شوارع البلاد وسجونها ومعتقلاتها بدماء وآلام عشرات الآلاف من خيرة بنات وابناء شعبنا، من وطنيين وديمقراطيين ومستقلين شرفاء. وجرى تحويل مدارس وملاعب رياضية ومبانٍ حكومية كثيرة في اجزاء واسعة من البلاد الى سجون ومعتقلات لتستوعب تلك الاعداد الهائلة من المعتقلين والسجناء الابرياء، الذين لا ذنب لهم سوى حبهم لشعبهم ووطنهم.
لقد مضى ستون عاما على جريمة شباط الأسود التي شكلت عملية اجهاض واسعة لأفاق تطور اجتماعي اقتصادي عمراني سياسي شامل وواعد، دشنته بلادنا بعد الرابع عشر من تموز، وقصمت تلك الردة الفاشية ظهر العراق جراء ما لحق البلاد من خسارة للألاف من خيرة ابنائها وكوادرها بين شهيد وسجين ومطارد ومشرد ومفقود. ولا تزال بلادنا حتى اليوم تدفع الثمن الباهظ الذي كلفها اياه ذلك الخراب المريع، خصوصا وان البعثيين عادوا مجددا الى السلطة بعد سنوات من تلك الصفحة السوداء، واكملوا في عهد المقبور صدام حسين ما لم تسعفهم فترة حكمهم القصيرة الاولى على تحقيقه كاملا.
لقد اظهر البعثيون وحلفاؤهم في انقلابهم الدموي ذاك، مدى حقدهم على كل ما هو خيّر واصيل ونزيه في ارض الرافدين، وسجلوا ريادتهم وتفوقهم، وبامتياز، في ادخال مفاهيم وقيم وسلوكيات القتل وسفك الدماء وانتهاك الحرمات والتصفيات الجسدية في التعامل مع خصومهم السياسيين، وادخلهم التاريخ جراء تلك الريادة من اوسع ابوابه في سجله المخزي الأسود.
اليوم ونحن نستذكر بأسى وحزن عميقين احداث 8 شباط 1963، الدامية وطيوف شهدائه وضحاياه الخالدين، وصور البطولة النادرة التي سجلوها في مواجهة الجلادين، علينا أن نتعلم ونستعيد العبر والدروس، لكي نخرج من اعقد الأزمات السياسية والاجتماعية التي يمر بها الوطن اليوم.
إن غياب الديمقراطية الحقيقية والتعددية السياسية والحزبية والحياة الدستورية الصحيحة في العراق، والتجاوز على الحريات العامة، والميل للانفراد بالسلطة، وتهميش الآخرين من القوى الوطنية واغفال تضحياتها، والاستمرار بنهج المحاصصة الطائفية البغيضة، والاستهانة برأي الجماهير، وعدم الاستماع لأصوات التشرينيين والكشف عن قتلة شهدائهم وتعويض جرحاهم، ان هذا كله كفيل بخلق الاجواء للاستمرار بتدمير النسيج الاجتماعي العراقي وتحويل العراق الى مستنقعات خلفية لدول الجوار، ومنعه من التقدم والتعافي ليواكب شعوب العالم في النمو والازدهار.
المجد لشهداء الوطن
الاتحاد الديمقراطي العراقي
8 شباط 2023

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here