الموسيقى والغناء في العراق ، الجالغي البغدادي

الموسيقى والغناء في العراق ، الجالغي البغدادي * د. رضا العطار

كلمة تركية تعني جماعة الطرب او الطاقم الموسيقي، ويبدو ان لفظة جالغي في نظر البغداديين كانت ذات مفهومين :

المفهوم الاول : هو حفلة غنائية تقام في الاماسي وخلال مناسبات الافراح والاعراس والختان وغيرها. وغالبا ما تدار كؤوس الخمرة بين المشاركين فيها، وقد اعتاد اصحاب تلك المناسبات دعوة مقرئي المقام العراقي وتخصيص مكان خاص بهم وجماعتهم اعضاء الجالغي من الذين ينشرون المتعة والسرورفي نفوس الحاضرين. ومحبي هذا اللون من الغناء الذي رافقته فرقة الجالغي ليلا في المقاهي القديمة حيث كانت العادة ان يخصص صاحب المقهى – تختين – ( والتخت في اللغة التركية تعني قطعة الخشب تعلو قليلا عن الارض) ويرصف فوق التختين كراسي فيكون اشبه بمسرح بدائي يجلس عليه مقرئ المقام وعازفو الجالغي لاداء مقامات وبستات ووصلات غنائية.

والمعروف ان طقوس الجالغي في المقاهي كانت تتم بعيدا عن الخمرة. فرواد تلك المقاهي كانوا من يحضرون لسماع المقام وطلبا للراحة والمتعة الخالصة – – – فكانت المقاهي في ذلك الزمان بديلا عن القاعات في الوقت الحاضر. وكان التخت بديلا للمسرح وكان للمقام وقع خاص واثر في نفوس العراقيين،وكان لقراء المقام محبوهم ممن يتابعون نشاطهم الغنائي، فكان ابرز من ظهر من قراء المقام حتى اواخر الثلاثينيات من القرن العشرين هم الذين سنذكر اسمائهم في القسم الخاص بمدارس المقام

غير ان متغيرات الحياة وبوادر التطور التي بدات تتحقق في العراق منذ الاربعينيات من القرن العشرين وظهور الوان غنائية ووسائل لهو جديدة قد ادى بالتدريج الى توزع اهتمامات العراقيين بفنون الغناء والموسيقى مما ادى الى تقلص حجم المناسبات والاماكن التي كانت تؤدي فيها المقامات حتى اقتصرت المناسبات على ايام شهر رمضان المبارك فكان مقهى الشابندر – مقابل مدخل سوق السراي من جهة المحاكم – آخر مقهى شهد طقوس المقام فكان المرحوم رشيد القندرجي آخر المقرئين فيها هذا.

المفهوم الثاني : الجالغي البغدادي هو الفرقة الموسيقية الصغيرة التي كانت وما تزال ترافق قراء المقام في مناسبات اجتماعية معينة وهذه الفرقة تتألف من عازفي الالات الموسيقية التالية: السنطور والجوزة والطبلة والرق (اي الدف الزنجاري) والنقارة. ويفترض بعازفي الجالغي ان يلموا بطريقة اداء الاتهم ويعرفوا تقنيتها الخاصة في حدود الاداء الملائم لابعاد المقام والبستات والمقطوعات الموسيقية البسيطة التي كانت تؤدي كوصلات خلال المجالس. وكان يشترط بعازفي الات الجالغي ان يكونوا ممن يتمتعون بجمال الصوت لان مهمتهم كانت تتعدى العزف الى ترديد البستات التي كانت تغنى في ختام المقام

ولقد اشتهر عدد كبير من عازفي الالات في فرق الجالغي وذلك في النصف الاول من القرن العشرين وكان العازفون مسلمين – – – وفي هذا الصدد يقول جلال الحنفي في كتابه (المغنون البغداديون والمقام العراقي) ما نصه : ( مما لاحظته ايضا من امر المواسقة والالاتية في بغداد الذين عرفوا واشتهروا بالعزف على الجالغي البغدادي في القرن الماضي انهم كانوا من المسلمين جميعهم ثم تراجعوا عن ذلك الى اليهود)

فان – جوكي بتو- المولود في بغداد عام 1848 قد اخذ صناعة العزف على السنطور من محمد صالح السنطورجي وكذلك اخذ عنه حسقيل بن شمولي، وكان ناحوم بن يونة وهو من مشاهير العازفين على الكمان (الجوزة) قد اخذ صناعته من نسيم بن كحيلة وهذا اخذها من لطفي بن زريج وهذا تلقاها من بكرة الكردي.

· مقتبس من كتاب حضارة العراق للباحث عادل الهاشمي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here