مع محمد شياع السوداني ينزل الدولار

نجاح محمد علي

كان قدر السيد محمد شياع السوداني وهو يتحمل أعباء تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات ، بعد عام من الاضطرابات والعنف والانسداد السياسي، أن يواجه تحديات تضعه وجهاً لوجه أمام قوت الشعب وكرامته.
كان يتعين على السوداني والإطار التنسيقي الذي راهن عليه، اقتناص اللحظة الحالية لكسر الحلقات المزمنة من عدم الاستقرار ، وتحقيق الإنجازات بعد عام من التوترات والخلافات السياسية ، وأن يحيي الأمل ويجسر الهوة بين الشعب والحكومة التي كبرت لعدة أسباب منها أداء الحكومات السابقة خاصة حكومة مصطفى الكاظمي التي توصف بأنها الأكثر فسادً. يكمن قدر السوداني في أن تبدأ الحكومة الجديدة بمعالجة العديد من القضايا الملحة هيكليًا.

يدرك السوداني أن حل جميع الأزمات ومواجهة كل تحديات العراق التي ظهرت بعد الغزو العسكري الأمريكي عام 2003 غير ممكن بين عشية وضحاها، وأن إحداث تغيير ذي مغزى سيستغرق وقتًا ، لأن هذا لا يمكن أن يحدث في ظل نظام سياسي قائم على التوافق والمحاصصة يتطلب إصلاحًا اجتماعيًا واقتصاديًا منهجيًا ، ومؤسسات أقوى وحوكمة أفضل على جميع المستويات.

يعلم السوداني ومن يدعمه في مهمته الصعبة، أن أخطاء الحكومات السابقة و إرث النظام السابق وتحديات مابعد الاحتلال العديدة ستستغرق وقتًا ؛ إذ لا يمكن لرئيس الحكومة أن يمضي قدماً بمفرده ، وينبغي بالتالي أن تعطي الأحزاب السياسية والجهات الفاعلة الأخرى داخل ائتلاف “إدارة الدولة ” الأولوية لمصالح البلاد والعباد قبل كل شيء . في نهاية المطاف ، إنها مسؤولية مشتركة ولا تزال كذلك.

بعد اندلاع أزمة الدولار التي تأكد أنها “مفتعلة” لتحقيق أهداف سياسية وتأجيل بعض الملفات الملحة مثل التفاوض على تحرير الأموال العراقية ، الأرصدة والدولارات من عائدات النفط ، وخروج القوات الأمريكية من البلاد تنفيذاً لقرار البرلمان في 5 يناير كانون الثاني 2020 ، كان على السوداني أن يُذكر قيادات ائتلاف “إدارة الدولة ” بأن الأزمة يمكن أن تتفجّر أكثر إذا ما انتهى الأمر بتشديد القيود التي يفرضها الاحتياطي الفيدرالي على تحويلات الدولار إلى العراق ، أو حتى البدء بمسلسل فرض عقوبات على المصارف بزعم أنها تنشط في مجالات التهريب.

لفتت خطوات السوداني الاصلاحية الانتباه إلى المجالات المثيرة للقلق و الضغوط اليومية على الشعب ، والاي سببتها “ورقة” مصطفى الكاظمي “البيضاء” وتعهداته بتنفيذ الأجندة الدولية (الأمريكية) . من هنا ، فإن الاستعجال في الإصلاح الاقتصادي ذات الصلة بقوت المواطن الذي تشتد الحاجة إليه ، يشكل التحدي الملموس، وهو ما نجح به حتى الآن عندما صادق مجلس الوزراء يوم الثلاثاء، على قرار بتعديل سعر صرف الدولار إلى ما يعادل 1300 دينار، من 1460 دينارا حاليا.
كان البنك المركزي العراقي، أكد الجمعة، أن الخزانة الأميركية أبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق “الأهداف المشتركة”، والاتفاق على مواصلة التنسيق والتعاون خلال الاجتماعات المقبلة المقررة في واشنطن الشهر الجاري، وذلك عقب اختتام محافظ البنك المركزي علي العلاق والوفد المرافق له في تركيا اجتماعاته مع مساعد وزير الخزانة الأميركية براين نيلسون والوفد المرافق له.
وكان محافظ البنك المركزي علي العلاق أعلن، يوم الاحد، أن حزمة ثانية ستصدر منتصف الشهر الجاري للسيطرة على سعر الصرف، فيما أكد عدم وجود أيّة قيود داخلية أو خارجية على التحويل الخارجي أو البيع النقدي للدولار.

والأهم من ذلك، فإن حل هذه الأزمة سوف يسارع في خطط حكومة السوداني لتخفيف الأعباء عن كاهل الشرائح الفقيرة والمهمشة ، و تقديم خدمات وإقامة مشاريع كبرى ، فإن تلك الخدمات والمشاريع سوف تتحول إلى أسلحة قوية لمحاربة الفساد ودعم الاقتصاد ، وتعود بالتالي المليارات المسروقة الى الحسابات الحكومية.

• نجاح محمد علي هو صحفي استقصائي مستقل من العراق يكتب عن قضايا السياسة والمجتمع وحقوق الإنسان والأمن والأقليات. ظهرت أعماله في Swiss info و BBC العربي والفارسي ، و RT Arabic ، وقناة العربية ، وقناة الجزيرة ، و رأي اليوم ، و القدس العربي ، و انترناشيونال بوليسي دايجست ، من بين العديد من المنافذ الإعلامية الأخرى. خبير في الشؤون الايرانية والإقليمية لمتابعته على تويتر @najahmalii

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here