توقعات بعودة التظاهرات.. “سانت ليغو” المعدّل يثير جدلاً في العراق ودعوات لرفضه

يحذّر مختصون من مخاطر العودة إلى نظام سانت ليغو المعدل في توزيع المقاعد النيابية بانتخابات مجالس المحافظات أو النيابية، مؤكدين أنه يخالف الرغبة الشعبية الرافضة لهذا القانون وهيمنة الأحزاب.

ويؤكد المختصون أن العودة إلى نظام سانت ليغو المعدل يمثل “نكسة كبيرة” في التزامات القوى والأحزاب السياسية وشعاراتها بالإصلاح وتراجعاً خطيراً في الآليات الديمقراطية، ما قد يحفز على التظاهر ومقاطعة العملية الانتخابية المقبلة.

في المقابل؛ ترى كتلاً سياسية أن المصلحة هي مع العودة إلى قانون سانت ليغو المعدل، لكونه يمنح فرصة للكتل الكبيرة والصغيرة أو المتوسطة ليكون لها تمثيلاً في مجالس المحافظات أو في مجلس النواب العراقي.

وفي هذا التوجه يرى مختصون أن الانتخابات الأخيرة التي جرت وفق الدوائر الصغيرة أو المتوسطة أحدثت خللاً في التنظيم السياسي وفي عملية التصويت، وكذلك في عودة المناطقية والعشائرية إلى مجلس النواب.

نكسة كبيرة

عد رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، العودة إلى قانون سانت ليغو “نكسة كبيرة في التزامات القوى والأحزاب السياسية وشعاراتها بالإصلاح، خصوصا إذا ما علمنا بأن هذا القانون لم يعد يلبي طموحات القوى الجديدة النخبة، حتى الناخب يبحث عن قانون يمكن أن يدفع بمن يمثله إلى قبة البرلمان”.

ويرى الشمري في حديث أن “هذا القانون يعكس مدى القلق بالنسبة للزعامات التقليدية في قضية عدم قدرتهم على الإمساك والتحكم أولاً بالنواب التابعين لهم، خصوصاً في ظل قانون الدوائر الانتخابية، والأمر الآخر رغبتهم بالاستمرار بالهيمنة على المشهد السياسي، وبالتالي عملية إقرار هذا القانون من قبل ائتلاف إدارة الدولة يمثل تراجعاً خطيراً في الآليات الديمقراطية”.

العودة إلى الشارع

لا يستبعد المحلل السياسي، مناف الموسوي، من احتمالية عودة القواعد الشعبية إلى الشارع، في حال العودة إلى قانون سانت ليغو المعدل أو التصويت عليه، مبينا أن “هذا القانون يعمل على بقاء الأحزاب بعد أن شهدت الانتخابات الأخيرة تغييراً واضحاً في الخارطة الانتخابية وبينت أهمية الحفاظ على صوت الناخب”.

ويضيف الموسوي، أن “العودة لهذا القانون هي رغبة حزبية تخالف الرغبة الشعبية الرافضة له ولهيمنة الأحزاب، وهو ما قد يزيد من أزمة الثقة ومن مقاطعة الانتخابات المقبلة”.

دعوة لرفضه

دعا الباحث بالشأن السياسي، الشيخ صفاء البغدادي، أعضاء البرلمان الحالي إلى “رفض أي تعديل على قانون الانتخابات بشكل قاطع، لكونه خدم شريحة كبيرة من المستقلين والحركات الناشئة، وفي حال أصبحت المحافظة دائرة واحدة فلن يكون لهم وجود في البرلمان المقبل”.

ويتابع البغدادي خلال حديثه أن “هذه الطبقة السياسية تريد أن تعود مرة أخرى إلى المشهد ويبقى الفشل دائماً، فبعد أن خسر الإطار في الانتخابات الأخيرة عند تطبيق قانون الدوائر المتعددة ولم يحصل على العدد الكافي من الأصوات، يحاول الآن إرجاع القانون السابق”.

قضايا الخلاف

يتضمن مسودة قانون الانتخابات الحالي قضايا خلافية، بعضها أساسي وآخر جزئي، بحسب عضو الإطار التنسيقي، حسن فدعم، “أما الأساسية فهي موضوع الدوائر المتعددة والدائرة الواحدة لانتخابات مجلس المحافظة ومجلس النواب، وكذلك هناك خلاف بشأن الفائز الأعلى ونظام القوائم الانتخابية، وفي معدل احتساب الأصوات بين 1.4 أو 1.7 أو 1.9”.

ويوضح فدعم لوكالة شفق نيوز، أن “هناك خلافاً في بطاقة الناخب بين الاعتماد على البطاقة الوطنية أو طباعة بطاقة أخرى للانتخابات، وكذلك هناك خلاف بين القوى الكردية والسنة حول آلية سجل الناخبين في كركوك وعلى طبيعة قانون انتخاباتها”.

ويشير إلى أن “القوى السياسية في حال لم تتفق على صيغة واحدة لوجهات النظر المختلفة هذه خلال مدة شهر، فإنه من الصعب إجراء الانتخابات في 2023، بل سوف ترحّل إلى 2024، وهو المرجّح”.

قرار نهائي

يرى المحلل السياسي المستقل، سعد المطلبي، أن “الكتل السياسية المتمثلة في مجلس النواب، ترى المصلحة مع العودة إلى قانون سانت ليغو المعدل، لكونه يمنح فرصة للكتل الكبيرة والصغيرة أو المتوسطة بأن يكون لها تمثيلاً في مجالس المحافظات أو مجلس النواب”.

ويضيف المطلبي، “على اعتبار أن الانتخابات الأخيرة التي جرت وفق الدوائر الصغيرة أو المتوسطة أحدثت خللاً في التنظيم السياسي وفي عملية التصويت، وكذلك في عودة المناطقية والعشائرية إلى مجلس النواب، لذلك تعتقد الكتل السياسية في مجلس النواب بضرورة العودة إلى قانون سانت ليغو المعدل، وهذا هو القرار النهائي”.

وأنهى مجلس النواب القراءة الاولى لمقترح قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 والمقدم من لجنتي القانونية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم أمس الاثنين.

وذكر بيان للمجلس أن التعديل جاء من أجل تنفيذ قرارات المحكمة الاتحادية بالعدد (43/ اتحادية/2021) و(159/اتحادية/2021) و(103/اتحادية/2019) و”لغرض إجراء انتخابات حرة نزيهة وعادلة لمجلس النواب العراقي ومجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم والارتقاء بها ومشاركة شرائح المجتمع كافة”، بحسب البيان.

واعتمد نظام سانت ليغو المّعدل في توزيع المقاعد النيابية في العراق، بعد أن صوت مجلس النواب في (4 تشرين الثاني 2013)، على فقرة تقضي بتوزيع المقاعد على القوائم المتنافسة ضمن قانون الانتخابات العراقي.

وسانت ليغو طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة هي توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، وتقلل من العيوب الناتجة بين عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها.

وهو عيب تستفيد منه الأحزاب الكبيرة على حساب الكتل الصغيرة، أما سانت ليغو المعدل فهو صورة معدلة الغرض منها توزيع المقاعد بطريقة أكثر عدالة.

وتم استخدام هذه الصيغة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية العراقية عام 2014 وتم من خلال هذه الصيغة توزيع المقاعد النيابية في العراق، وكذلك انتخابات مجالس المحافظات للدورة نفسها.

وكان من نتائجها أن حصلت القوائم الصغيرة على مقاعد في البرلمان العراقي ومجالس المحافظات، وولدت الفوضى والانقسام في الكتل والائتلافات السياسية، بسبب تذبذب مواقف هذه الكتل الصغيرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here