اتضح الآن من هم ” الجوكرية ” في حقيقة الأمر ..

اتضح الآن من هم ” الجوكرية ” في حقيقة الأمر ..

بقلم مهدي قاسم

لا أظن إنه يوجد ثمة عالم اجتماع أو سيكولوجي ، حتى ولا محلل سياسي بارع يستطيع أن يتكهن بطبيعة التفكير المتقلبة دوما ، كبوصلة سفينة في بحر عاصف لطغمة سلطة الفساد في العراق وسرعة الولاء العشوائي إلى هذه الجهة أو لتلك ..

فالتقارب العراقي ــ الأمريكي الحالي والملفت للأنظار و الذي مهدت له تحركات السفيرة الأمريكية النشطة في بغداد وكثرة لقاءاتها مع قادة الأحزاب و التنظيمات “الشيعية ” ) ، و تحديدا بعد تعيين محمد السوداني رئيسا للحكومة العراقية ممثلا عن الأحزاب الموالية للنظام الإيراني ، بدا وكأن هذه العلاقة قد أخذت بعدا سياسيا جديدا من تعاون وتطوير ! ..

و الذي تمخض في نهاية المطاف عن زيارة وفد عراقي كبير إلى واشنطن ..

نقول تحديدا …

لإن ميليشيات هذه الأحزاب والتنظيمات كانت ــ وبشكل منتظم والمتواصل ـــ تقصف السفارة الأمريكية الواقعة في المنطقة الخضراء في عهد حكومة الكاظمي متهمة إياها بالخضوع والانبطاح للسياسة الأمريكية..

وما سبق ذلك من توجيه اتهامات من قبل هذه الاحزاب و الميليشيات ضد المتظاهرين التشرينين الذين تظاهروا من أجل فرص العمل و الإصلاح ب” الجوكرية ” أي بالعمالة للحكومة الأمريكية ، إضافة إلى الترويج لمزاعم كاذبة مفادها : أن غاية التظاهرات التشرينيبة هي كسر وتحطيم العصا السحرية و المتجسدة في عرقلة عملية تحقيق وتنفيذ مشاريع طريق الحرير الصينية التي كانت ستنقل العراق ــ حسب مزاعمهم ــ إلى صفوف البلدان المرفّهة و السعيدة بقيادة البطل المغوار والسياسي النزيه جدا جدا ـــ صاحب مليون دولار نثريات ـــ و قاتل المتظاهرين عادل عبد المهدي ..

حسنا .. لنضع كل هذا الهراء عن طريق مشروع الحريري الصيني جانبا ..

لنرّكز فقط على مسألة ” مذكرة تعاون بين العراق و شركة جنرال إلكتريك الأمريكية ، فضلا عن زيارة الوفد العراقي إلى واشنطن لبحث مسألة أزمة الدولار وأمور مالية واقتصادية أخرى ، لنرى مدى خطورة هذه المسألة من الناحية السياسية و الأمنية ( ولن نضيف السيادية لعدم إيمان هؤلاء بسيادة العراق بحكم ولائهم المطلق للنظام الإيراني ) و كذلك لا ندخل في تفاصيل طرح أسئلة مشروعة من قبيل : لماذا ليس التعاون مع شركة سيمنز الألمانية ــ مثلا وليس حصرا ــ المعروفة بدقة العمل والنزاهة لتطوير الطاقة في العراق ، و الإصرارعلى عقد اتفاق مع شركة إلكتريك الأمريكية ؟..

بل و حتى عقد اتفاق مع الصين التي يتباكى و يتحسر بعض الكتاب والإعلاميين المحسوبين على أحزاب سلطة الفساد واللصوصية على إضاعة فرصة مشروع طريق الحرير !!..

بينما هذه الفرصة ــ أي إحياء مشروع طريق الحرير ــ لا زالت قائمة ومتاحة أمام السوداني أيضا ، لو شاء و أراد ..

إنما وفقط نود أن نُشير إلى إن الإدارات الأمريكية تستغل وجود شركاتها العاملة في بلدان أخرى لممارسة ابتزازات و ضغوط سياسية مع أية حكومة لا تسير في ركبها و لا تنفذ سياستها الساعية إلى الهيمنة على العالم بشكل مطلق ، و ذلك من خلال فرض عقوبات اقتصادية على هذه الدولة أم تلك ، بغية إجبار الشركات الأمريكية على الانسحاب من تلك البلدان وترك العمل هناك ، مثلما فعلت مع كوبا وفنزويلا وإيران و روسيا وغيرها من دول أخرى رفضت قيود التبعية للسياسة الأمريكية ..

ومن ثم ماذا عن دماء أبو المهندس وسليماني، فأليس الحكومة الأمريكية هي التي قضت عليهما بصواريخ موجهة و اعترفت بذلك علنا وأمام الملأ ..

و يبقى نقول : نحن لا نكتب هذه التعليقات العاجلة انطلاقا من كوننا نأخذ هؤلاء الساسة والمسؤولين بمحمل جد واعتبار ، فصحوة ضميرهم الوطني أو أمر إصلاحهم فكل ذلك مسألة ميؤوس منها تماما ، لقد تيقنا من هذه الحقيقة من زمن بعيد، إنما لنسأل هؤلاء الكتّاب والإعلاميين المدافعين ـ لأسباب مذهبية ــ عن سلطة أحزاب الفساد واللصوصية :

ــ فمن هم الجوكرية واقع الأمر ؟ .. هل هم أولئك الشباب الفقراء المحرومين الذين خرجوا إلى الشارع بصدور عارية و بشعور عراقي نقي ، مطالبين بفرص العمل والخبز والإصلاح وحماية السيادة العراقية ؟

أم هؤلاء الممثلين لأحزابكم و تنظيماتكم الطائفية الذين يلتقون بين أسبوع وآخر مع السفيرة الأمريكية في بغداد و يوقعون عقودا ضخمة مع شركات أمريكية لإدامة مظاهر الفساد و نهج اللصوصية المنظم ؟..

هامش ذات صلة :

مذكرة تعاون بين العراق وجنرال إلكتريك الأميركية لتطوير قطاع الطاقة

أعلن مصدر في الحكومة العراقية أن العراق تم اليوم (16 شباط 2023) توقيع مذكرة مبادئ تعاون مع شركة جنرال إلكتريك الأميركية “بهدف معالجة المعوقات التي واجهت اجراءات تنفيذ المشاريع التي سبق وأن تم إدراجها في مذكرات التعاون الموقعة بين وزارة الكهرباء والشركة سابقاً” ــ نقلا عن صوت العراق .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here