اختفاء القاتل في مجتمعاتنا

قلم ( كامل سلمان )

شرذمة من المنحرفين الفساد يسرقون اموال الشعب والدولة فيؤدي سلوكهم هذا الى عرقلة إنشاء المشاريع وبناء المستشفيات والدوائر الخدمية ، وعندما يموت احد المواطنين بسبب فقدان الرعاية الصحية وشحتها وبسبب هذا النقص الحاصل في الخدمات العلاجية تتوجه اصابع الاتهام الى الله الذي استعجل في اخذ روح الفقيد وانه هو ارسل ملك الموت ليؤدي عمله ، والكلام كله يدور عن قدرة الله وقدر الله دون الاشارة للقاتل الحقيقي الذي ازهق روح المجني عليه وسرق الاموال وترك الناس بلا خدمات صحية وجعلهم عرضت للموت.. مهندس معماري ومقاول يبني عمارة سكنية بمواد مغشوشة ورخيصة الثمن ، وعندما تتعرض البناية الى الانهيار بسبب حادث عرضي او هزة ارضية بسيطة ، يموت العشرات بل المئات من الابرياء ، ثم يخرج الينا من لا ضمير ولا شرف له ليتهم الضحايا بأن ذنوبهم ومعاصيهم سبب هلاكهم دون ان يذكر القاتل الحقيقي ذلك المهندس والمقاول الفاسد الذي استخدم المواد التالفة لبناء العمارة السكنية .. يستوردون ادوية مغشوشة مسرطنة تؤدي الى هلاك العشرات من الابرياء ، فتقام مراسم العزاء التي تؤكد الاجل والاجل المسمى ومستسلمين امام قدر الله غاضين النظر عن القاتل المخفي ذلك المستورد الجشع الفاسد ، وقد يكون ذلك التاجر احد الحاضرين في مجالس العزاء ليعزي ذوي الفقيد ، هكذا هو مجتمعنا نسارع الى الحزن والالم ونصبر انفسنا بالغيبيات دون ان نعطي لأنفسنا الوقت في البحث عن مكمن العلة لأن البحث عن مكمن العلة يعني الكفر والفسوق ونكران لإرادة الله ، اما الاسباب فهي مجرد اسباب كان لابد من حصولها لكي تكتمل سيناريوهات الهلاك ، كل الاسباب عند هؤلاء الربانيون زوراً تنتهي الى سبب واحد حسب اعتقادهم هو تمرد الناس وعصيانهم للرب فتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالاحاديث والروايات التي تشرح تلك النتائج الحتمية لضعف الايمان ثم يأتوك بالروايات كيف ان الرسول ع ذكر مثل هذه الاحداث قبل ١٤٠٠ عام ، اما السراق والقتلة الحقيقون فكان دورهم ثانوي ومجرد سبب له ضرورة زمانية او مكانية ليتم سيناريو الهلاك …. نعم هذه هي ثقافتنا ، وان من يقف وراء هذه الثقافة هم انفسهم القتلة ومن وراءهم رجال الدين المستفيدين من المال الحرام والمتعة الجنسية .. اية فاجعة او كارثة سيعكسونها في النهاية الى انحراف الناس وخروجهم عن الصراط وان الرب لهم بالمرصاد ليعذبهم اشد العذاب وان الاطفال والرضع يتحملون وزر الاباء ويرسمون الدراما البشعة بشكل تشمئز النفوس من هذا الرب الدموي ، لأن حقيقة الرب الذي يصوروه لنا هو الذي يمثل عقلياتهم النتنة وهو ليس افضل منهم ومن دمويتهم..
لا يوجد رب بهذه المواصفات البشعة الا في نفوس وعقول الفاسدين المنحرفين ، اما من يقف بالضد من هؤلاء ومن الرؤى التي يفرضونها فليتبوا مقعده من النار ، طبعاً هنا المقصود نار الدنيا قبل نار الآخرة ، نار الاغتيال ونار الملاحقة والتصفية ، نعم يريدونها بهذا الشكل لأن بضاعتهم لا يمكن ان تروج في عقول الناس الا بهذا الشكل فذلك هو حجمهم الحقيقي وليس لديهم اكثر من ذلك .
يقطعون المياه والانهر عن الناس ثم يعيرونهم بأن الله قطع عنهم المطر ولم يستجب دعواهم لأنهم قوم فاسقون .
يعيشونهم عيشة ضنكا ثم يشمتون بهم و بهزالة دينهم لأن ولاءهم منقوص لساداتهم و لكبرائهم ، ومهما فعلوا فلن يرضوا عنهم .
هذا الصنف من البشر وهذا الصنف من العقول والشهوات المفتوحة إذا تسلطت وتسيدت على شؤون الناس والمجتمع فأكتب على المجتمع السلام ، لأن شهوتهم لا تشبع وعقولهم لا تنفع ولا تجمع ولا تتقبل عقولهم غير السوء .
لنا مع الحياة دروس وعبر ، وأسوأ الدروس مع من لا يخاف العاقبة ولا يكترث لها ولا يخاف الله ولا تهمه الا نفسه . . هؤلاء المرضى يتصورون انهم شجعان ولا يدرون ان التهور والعدوانية تأتي احياناً من شدة الخوف والجبن ، يتصورون انهم اذكياء ولا يدرون ان الذكاء يجب ان يكون مصحوباً بالعطاء الإنساني ومقروناً بالانتاج ، يتصورون انهم رساليون ثوريون ولا يدرون انهم مجموعة لصوص ، يأخذهم العجب وهم مجرد اوعية فارغة . . . لقد ابتلينا بمن هو سيء ولا يدري انه سيء ، رائحته نتنة ولا يشعر بذلك ، يرى نفسه فقط وغيره عدم . همه بالدنيا ان يرضي نوازعه ، وذلك الرب البشع المترسخ بدمه مع كل سوء . هذا الصنف مفروض علينا شئنا ام ابينا ، والسبب لأننا ضعفاء ، ولأن قيمة وجودنا لا ترقى الى القيمة الحقيقية للإنسان ،، ولأننا ضحية مجتمع يرفض التعديل ، فهل نتأمل التغيير ينزل هبة من السماء ؟ ام ان أمرنا كان قدراً مقدورا او ان نصحو من هذا السبات ونستوعب الواقع بشكل صحيح ولا نمازح انفسنا اكثر من هذا المزاح السيء ، فالقاتل الحقيقي يعرفه الجميع ويجب ان يساق للعدالة .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here