الشاباك يدخل على خط الأزمة في الكيان الصهيوني


علي علاء الدين
رغم تكثيف الدعوات لفتح قنوات “الحوار الداخلي”، وفي موازاة اتساع رقعة التحذيرات الأمنية من عواقب الخطاب السياسي والجماهيري العنيف، لازالت الفجوة تتّسع بين مؤيّدي خطة الحكومة القضائية ومعارضيها. الأمر الذي عبّر عن نفسه في تعثّر انطلاق المسار التفاوضي الذي دعا إليه الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ، والدعوة إلى تزخيم الاحتجاجات والتظاهرات، ذلك في موازاة التشكيك وتبادل الاتهامات بين الطرفَين حول صدق نوايا كلّ طرف بشأن الحوار الداخلي حول الخطة التي تصرّ المُعارضة على وقف مسارها “التشريعي” كشرط للشروع فيه، بينما يندفع الإئتلاف في “إجراءاته التشريعية ويرفض أيّة شروط مسبقة من المُعارضة”.

ووسط استمرار السجال العام والمتشعّب، سُجّل دخول المستوى الأمني بزخم أكبر على خط التهدئة، وكُشِف عن جولة اتصالات أجراها رئيس الشاباك، رونن بار، مع المستوى السياسي، بُغية شرح مخاطر الخطاب السائد، وبعث 456 عنصراً سابقاً من الشاباك برسالة إلى وزير الزراعة في الحكومة ورئيس الشاباك سابقاً، آفي ديختر، أعربوا فيها عن احتجاجهم الشديد ضدّ “الإصلاحات القضائية” التي تدفع بها الحكومة

سجال سياسي مستمر
أقرّت الهيئة العامة للكنيست بعد منتصف ليل الإثنين- الثلاثاء بالقراءة الأولى، إثنين من قوانين الخطة الحكومية التي يدور الخلاف حولها، الأمر الذي أضفى المزيد من التوتّر الداخلي وأجّج لغة الخطاب بين مؤيّدي ومعارضي الخطة.

وفي أعقاب إقرار الكنسيت، بالقراءة الأولى، لما سُمّي المرحلة الأولى من “خطة الإصلاحات القضائية”، هاجمت المعارضة في الكنيست بشدّة الحكومة وأعضاء الإئتلاف. في المقابل، أعرب أعضاء الإئتلاف بمن فيهم رئيس الحكومة عن رضاهم من استمرار عملية “الإصلاحات القضائية” ورغم اشتداد الخلاف بين الحكومة والمعارضة واصل الائتلاف الحكومي في الكيان الصهيوني العمل على إقرار جملة من التعديلات القانونية المثيرة للجدل، حيث تم الأربعاء إقرار تعديل ما يعرف بـ “فقرة التغلب” إلى جانب قانون “درعي 2″ و”قانون الخميرة” وسط جدل كبير وصخب أحدثه نواب المعارضة، لا سيما على ضوء عدم إجراء أي نقاشات بين الائتلاف والمعارضة قبل التصويت، وفي نفس الوقت اعتبرت المعارضة ذلك الإجراء بمثابة “إطلاق الرصاص للتأكد من قتل أي أمل للحوار”.

الرئيس الصهيوني هرتسوغ
وغامزاً من قناة نتنياهو، وصف الرئيس الصهيوني، إسحاق هرتسوغ، الشعور السائد بأنّه “شعور حزين يعترينا في يوم صعب”. وأضاف: “هناك شعور بالحداد، وليس بالاحتفال”. وكرّر هرتسوغ دعوته الإئتلاف الحكومي التريّث قليلاً بشأن التعديلات لتهدئة الأجواء المشحونة، ودعا الأطراف إلى الجلوس على طاولة الحوار.

في المقابل، شكّكت مصادر المعارضة، ومعهم بعض المُعلّقين، بجدّية دعوات نتنياهو وفريقه للبدء فوراً بالحوار حول “الإصلاحات القضائية” للتوصّل إلى تفاهمات تهدّئ الأجواء المتوتّرة، ذلك من دون شروط مسبقة (أي من دون وقف المسار التشريعي الذي يسير به الإئتلاف الحاكم). ورأى مُعلّقون في دعوة نتنياهو للحوار “عملية خداع”، و”فخّ كلامي”، بغية إضعاف قوّة الاحتجاجات وإسقاط المُعارضة، ورأوا أنّ “محكّ اختبار نوايا نتنياهو وفريقه هو الإستعداد لتجميد الإجراءات التشريعية فوراً”.


امنيون يطالبون بالغاء “التشريعات القضائية”
التطوّر البارز الذي سُجّل خلال الأيام القليلة الماضية تمثّل في دخول المستوى الأمني بزخم أكبر من السابق على خطّ التهدئة بين الفرقاء السياسيّين، الأمر الذي جاء بغطاء التحذيرات والكشف عن معلومات إستخبارية عن مخاطر إستمرار الأجواء المشحونة.

وفي هذا السياق، كشف الإعلام الصهيوني عن جولة محادثات “إستثنائية”، قام بها رئيس الشاباك، رونن بار، مع عدد من سياسيين، بينهم رئيس المعارضة يائير لابيد، ورئيس “معسكر الدولة” بني غانتس، بموازاة اجتماعه برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وعلى هذه المحادثات علّق خبراءُ بالقول إنّ هذا “أمر إستثنائي وغير عادي بوجهٍ خاص، ونبّهوا من أنّ الخطاب السائد يمكن أن يؤدّي إلى حالات عنفٍ أيديولوجي، كما حصل عشية إغتيال رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين.

ووسط استمرار السجال بين مؤيِّد ومعارض، دعا رئيس الأركان الأسبق وعضو الكنيست من “معسكر الدولة”، غادي آيزنكوت، إلى وقف “التشريعات القضائية”. وأشار إلى أنّه من “المدهش رؤية الطريقة التي تستعدّ فيها حكومة إسرائيل إلى أكبر حدثٍ دراماتيكي في آخر 50 سنة. في شهرٍ متفجّر جداً، الإستعداد لعملية في إيران في وقت تنفيذ إنقلاب قضائي يلحِق الضّرر بالتضامن في إسرائيل، بالأمن، بالإقتصاد، وبالعلاقات مع الولايات المتحدة”.

رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو

نتنياهو: “مجلس حقوق الانسان يا له من سخافة”
وفي موقف لافت، دعا منسق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، حكومة نتنياهو إلى تعليق مشروعَي قانونَين صادقت عليهما الكنيست، الليلة الماضية، خشية تأثيرهما على حقوق الإنسان واستقلالية القضاء. وقال تورك، في بيان، ” إن خطة الإصلاح القضائي قد تضر بحماية حقوق الإنسان، وتحتاج إلى الانفتاح على نطاق أوسع من النقاش والتفكير”. وأضاف تورك، ” إن هذه التغييرات تخاطر بإضعاف حماية حقوق الإنسان للجميع “، مشيراً إلى أن المقترحات التي تنظر فيها الكنيست “ستقوّض بشكل كبير قدرة القضاء على الدفاع عن الحقوق الفردية”.

وتعقيباً، قال مكتب رئيس الحكومة الصهيونية إن “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو جهة منحازة وغير مؤثرة. بدل إدانة الخروقات المتكررة لحقوق الانسان في إيران، وسوريا، والسلطة الفلسطينية، وفي أماكن أخرى في العالم، هناك في المجلس من قرر اليوم انتقاد إسرائيل على قرارنا إجراء إصلاحات تعزّز الديمقراطية في إسرائيل. يا لها من سخافة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here