الأمّ الجريحة

مهداة لزوجتي التي صبرت و ضحت بعد ما تركت حياة الرغد و الترف في بيت أهلها, و قبلت أن تشاركني حياة ملئها الآلام الكبيرة و الغربة التي لا يتحملها أقوى المخلوقات خصوصا حين تحمل بين جنباتك الحب و العشق للجمال .. أهدي كلماتي هذه و حكاية (النمر الجريح) لها و لجميع أخواتي الصابرات :
سلمى؛ إيمان؛ زينب؛ فاطمة؛ أمل؛ أحلام, و آلكثير من الأمهات الصابرات اللواتي طوين العمر بآلآهات و الحسرات و الظلم و ألأجحاف ممّن لم يفهموا معنى الحُب .. و قلّ مَنْ تجده في العراق و عالم اليوم يفهم مسالك الحبّ و أسرار العشق بسبب ثقافة الأحزاب التي علّمت الناس على الفساد والسرقة و النفاق!؟
لكنّنهن رغم كلّ المأسي و الأجحاف و الّلارجولة من أشباه الرّجال ؛ صبرن على المُرّ و الظلم لأجل أبنائهنّ و ما طمعن بمال أحد ولا أحسان غريب .. بل كانت عيونهنّ ناظرة للسماء حتى الآخر على طول الخط ..
و هكذا هو الشرف و معنى الصبر حين يمتطى ظهر جواد أصيل .. يسموا و يعلو برضا الرب لتحيا المحبة وسط الأشوال و عربدة أشباه الرّجال, و هي تنطق بقوة و و ثقة ضد الكراهية و الغيبة و القسوة ..
و هل يخلد في هذا الوجود إلا الصابر الذي عرف الحُبّ و صمد على نهجه حتى الموت و :
أبداً لنْ يموت الذي أحيا قلبه بآلعشق ..
أنّهُ مؤكّدٌ خلودنا في هذا الوجود..

ألأم دائماً هي التي تخسر كل شيئ .. لكنها لا تشكو ولا تمنّ .. خصوصاً حين ترى حولها نجاح أبنائها .. تنسى كل شيئ و تقلب وراء ظهرها كل تلك الصفحات السوداء من أجل سعادتهم .. يا لها من تضحيات و عطاء أتحدى كل الصداميين و الهتلرين و الأمريكيين و الشرق والغرب أن يأتوا بصورة من مثلها!؟
قلبي على أمّ .. حاولت ترتقي و لم تفلح لترى نجاح أبنائها .. و ما إستطاعت بسبب الاقدار التي يتقدّمها الجّهل عادة ..
لتبقى قصّتها كذاك النّمر الجريح حين فقد كلّ شيئ بفقد نابها في معركة غير متكافئة :
لقد خسرت ألأمّ نابها في معركة طاحنة مع حيوان آخر كان سيعتدي على إبنها بدعوى أنه ملك الغابة،
الخسارة كبيرة و الألم كبير ..ولكن إبنها لا يفهم هذا الأمر و لا ينظر حتى إليها كي يرى كسر الظهر و الدّماء و الآلام التي بُذِلت من أجل الحفاظ على حياته!!؟ لكنه يشعر بالأمان ، و سَيُكمِل حياته المعتادة و كأن شيئا لم يكن .. سيلعب ويقفز ويعلو صوته في كل حدب و صوت ..
لن يفهم ماذا دفَعَت الأم من أجله !؟ ولا يفهم معنى الحب الذي قاد الأم لتَفدي إبنها بحياتها.
ليس كل حب نُقَدِّمه للآخرين يفهمونه و يقدرونه !
كثير من الناس لم يصل مرحلة النضج العقلي و العاطفي .. كي يفهم حبنا له و أحترامنا لشخصه في زمن الجفاف و الهجر،
وليس كلّ حُبّ قدّمناه يُفهَم ويُقَدَّر .. حتى بعد الموت و كشف الحقائق للعالم ..
وهنا تكمن محنة الأنسان خصوصاً أؤلئك الذين لا يشكرون و يكفرون ..
ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here