قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة! [الجُزءُ السَّادس]

قراءاتٌ جريئةٌ في قَضايا خِلافِيَّة!

نــــزار حيدر

[الجُزءُ السَّادس]

٢٦/ ما يُثيرُ الشَّفقَة هوَ أَنَّك عندما كُنتَ تناقش [الإِطاريِّين] بأَعداد المصوِّتينَ لكلِّ قائمةٍ وكيفَ أَنَّهُم يسرقونَ أَصوات القوائِم الصَّغيرة والمُستقلِّينَ، عندما كانَ المعمُول بهِقانون [سانت ليغو] كانُوا يردُّونَ؛ لا نكترِث بالأَرقام فالمُهم الذي يعنينا هيَ النَّتيجة وعدد مقاعِد كُلِّ كُتلةٍ!.

أَمَّا اليَوم فقد انقلبت الآية بسببِ هزيمتهِم السَّاحقة بالإِنتخاباتِ الأَخيرةِ، فعندما تُحاججهُم بأَنَّ [التَّيَّار] هو الفائِز الأَكبر بأَعلى عددِ المقاعِد حسبَ القانُون! يردُّونَ عليكَبالقَول؛ لكنَّنا حصلنا على أَصواتٍ أَكثر! علماً أَنَّ [التيَّار] عنوانٌ واحدٌ و [الإِطار] عناوينَ شذَر مذَر!.

منطقهُم يعتمدُ قاعدة [تريدُ أَرنب خُذ أَرنب، تريدُ غزال خُذ أَرنب].

لم نفهم على ماذا يعتمدُونَ في تحديدِ الفائزِ الأَكبر؟! على النَّتيجةِ حسبَ القانون أَم على عددِ الأَصوات الإِنتخابيَّة؟!.

٢٧/ إِنَّ تجربة الإِنتخابات النيابيَّة الأَخيرة أَفرزت حقيقتَينِ مُهمَّتَينِ وخطيرتَينِ كانتا السَّبب في إِصابةِ الديمقراطيَّة بمَقتلٍ؛

الأُولى؛ إِنَّ [المُستقلِّينَ] الذينَ عوَّلَ عليهِم الشَّارع، فشلُوا فشلاً ذريعاً في حجزِ مكانتهِم كقوَّةٍ ثالِثةٍ تحتَ قُبَّةِ البرلمان! ليلعبُوا دَوراً مُتميِّزاً في إِنجازِ التَّغييرِ والإِصلاحِفي العمليَّةِ الإِنتخابيَّةِ والسياسيَّة، ولَو بنسبةٍ معقُولةٍ! ما أَصابَ الشَّارعُ بالإِحباطِ.

والأَسبابُ كثيرةٌ خُلاصتُها أَنَّهم لم يحسبُوا الأُمور بشكلٍ صحيحٍ، ولقد حذَّرتهُم وقتها بأَنَّ قيمتهُم الرياضيَّة ستكونُ صِفراً على الشِّمال إِذا لم يغتنِمُوا الفُرصة لإِثباتِقُدرتهِم على التَّأثيرِ في الإِنجازِ، فعندما يتَّفقُ [الكِبار] لم يبقَ في قوسهِم منزعٌ، كما يُقال، وهذا ما حصلَ بالفِعل.

الثَّانية؛ إِنَّ القُوى السياسيَّة المُمسكة بالسُّلطة منذُ التَّغيير ولحدِّ الآن مُصمِّمة على الإِمساك بها مِن تلابيبِها بأَيٍّ ثمنٍ، فهي لا تكترِثُ بنتائجِ صندُوق الإِقتراع، لأَنَّها لاتكترِثُ بالدُّستور وتوقيتاتهِ والقانُون ونصوصهِ، ولهذا السَّبب غابت مُصطلحات [المُنتصر والمهزُوم والفائِز والخاسِر والكُتلة الأَكبر والأَصغر] في كُلِّ انتخاباتٍ والمعمُولُ بهافي ديمقراطيَّات العالَم، إِذ اتَّفقت [العِصابة الحاكِمة] على الإِستمرارِ في تبنِّيها مبدأ [كُلُّ البرلمان يشترِك في تشكيلِ الحكومةِ] من خلالِ اعتمادِ مبدأ [النَّتائج الإنتخابيَّةالمُتوازِنة] التي لا تعتمد على عددِ مَقاعدِ كُلِّ كُتلةٍ وإِنَّما على أَساسِ أَوزانِ الكُتل في العمليَّة السياسيَّة عندما هندسها الغُزاة أَوَّل مرَّة.

وإِذا أَضفنا إِلى ذلكَ نسبةَ المُشاركة المُتدنِّية في الإِنتخاباتِ [أَقل من ٢٠٪؜] والتي تُدلِّل على عَميقِ شكِّ العراقيِّينَ وعدمِ إِيمانهِم بمُجملِ العمليَّة والنِّظام السِّياسيويأسهِم من جدوائيَّة المُشاركة في الإِنتخابات لإِصلاحِ الأُمور وتغييرِ الواقعِ، إِذا أَضفنا هذهِ إِلى تَينَك النُّقطتَينِ فهذا يعني أَنَّنا أَمام نكبةٍ، إِذ سيفقُد النِّظام السِّياسيشرعيَّتهِ كَون الدُّستور نصَّ في المادَّة [٥] على أَنَّ [الشَّعب مصدر السُّلُطات وشرعيَّتها].

٢٨/ هذان الأَمران جعلا من العمليَّة الإِنتخابيَّة مشهد شَكلي وصُوَري وفولِكلُوري بائس أَقرب إِلى كونهِ عمليَّة إِلهاء ومَوسم تِجارة، فمهما كانت نتيجة صُندوق الإِقتراعومهما تغيَّرت وتبدَّلت أَحجام القُوى السياسيَّة تحتَ قُبَّة البرلمان، فالنَّتيجةُ معروفةٌ سلفاً؛ كُلُّ القُوى الفائِزة، وحتَّى غَير الفائزة رُبما، ستحجز لنفسِها وِزارةً في الحكومةِشاءَ مَن شاء وأَبى مَن أَبى، ولعلَّ من أَبرزِ مصاديقِ هذهِ الحقيقةِ المُرَّةِ ثلاث؛ المجلِس الإِسلامي الأَعلى وتيَّار الحِكمة وتيَّار الفُراتَينِ!.

٢٩/ تأسيساً على ذلكَ فإِنَّ جَوهر مُشكلة العمليَّة الإِنتخابيَّة ليست في شكلِ القانون الإِنتخابي وإِنَّما في شكلِ التَّوافُقات السياسيَّة الحاكِمة حتَّى على الدُّستور،فالقانُون الإِنتخابي سيكونُ ذا تأثيرٍ على العمليَّة الإِنتخابيَّة إِذا أَجمعت كُلَّ القُوة السياسيَّة في البِلادِ على احترامِ النَّتائج التي تفرزها صناديق الإِقتراع، أَمَّا اذا استقرَّتوافقهُم على تجاوز النَّتائج مهما كانت، فما فائِدة طبيعة القانُون الإِنتخابي إِذن؟!.

إِذا لم يُعلِنُوا التزامهُم واحترامهُم لنتائجِ الإِنتخابات واعتمادِ عددِ المقاعدِ النيابيَّةِ حصراً كمعيارٍ أَوحدٍ لحسابِ أَوزانِ القُوى السياسيَّة عند تشكيلِ الحكومةِ، فلا معنىلصندُوق الإِقتراع والعمليَّة الإِنتخابيَّة برُمَّتِها.

إِنَّ كلمة سرِّ صندُوق الإِقتراع في النُّظم الديمقراطيَّة في قدرتهِ على مُكأَفاة ومُعاقبة القُوى السياسيَّة، ولا يتحقَّق ذلكَ إِلَّا إِذا احتكمت كُلَّ الأَطرافِ السياسيَّة إِلى نتائجالإِنتخابات دونَ اعتمادِ نظريَّة [النَّتائج المُتوازِنة] التَّافهة التي تُسقط مبدأ الثَّواب والعِقاب بحقِّ السياسيِّين!.

٣٠/ وإِنَّما تريدُ بعض القُوى السياسيَّة إِعادةِ العمَل بقانُون [سانت ليغو] من أَجلِ أَن يعودَ زعيم القائِمة يتحكَّم بالفائزينَ في قائمتهِ كَونهُ وليُّ نعمتهِم، على اعتبارِ أَنَّالمُرشَّح يفوزُ بأَصواتِ القائِمة التي تحملهُ لتخطِّي العَتَبة الإِنتخابيَّة، أَمَّا القانُون الحالي فالمُرشَّح يفوزُ بأَصواتِ النَّاخبينَ ما يمنحهُ فُسحةً من حريَّة التَّفكير والقرار عندَالتَّصويتِ.

٣١/ أَمَّا قولُ البعض؛ أَنَّ القانون الحالي حوَّلَ مُهِمَّة النَّائب إِلى ما يشبه [مُختار المحلَّة] فهذهِ ليست مُشكلة القانُون وإِنَّما مُشكلة النَّائب الذي يجهل واجباتهِومسؤُوليَّاتهِ الدستوريَّة والقانونيَّة، وإِلَّا؛ لماذا لا يكونُ النَّائبُ كذلكَ في عشراتِ الدُّول الديمقراطيَّة التي تتبنَّى نفس النِّظام والقانُون الإِنتخابي؟! كالولاياتِ المُتَّحدةوبريطانيا وغيرِها؟!.

٣٢/ في الأَعوامِ [٢٠١٨ و ٢٠١٩ و ٢٠٢٠] شنَّ المرجِعُ الأَعلى حملةً شعواءَ ضدَّ قانون الإِنتخابات القديم [قانون سانت ليغو] الذي يعتمدُ العتبةَ الإِنتخابيَّة والدَّائِرةالواحدة، واصِفاً القانون بالظَّالِم الذي [لا يرعى حُرمة الصَّوت الإِنتخابي] ودعا مجلس النوَّاب إِلى تشريعِ قانون إِنتخابات [عادلٌ يرعى حُرمة أَصوات النَّاخبين ولا يسمحبالإِلتفاف عليها].

والدَّعوةُ جاءت وقتها [بخُطَبِ صلَواتِ الجُمُعةِ وعندَ زيارةِ المبعوثةِ الأُمميَّة للنَّجفِ الأَشرفِ] كتعبيرٍ عن رأي الشَّارع الذي رأَى أَنَّ [القانون الظَّالِم] أَداةٌ للإِستحواذِ علىالسُّلطةِ من قِبَلِ [العِصابةِ الحاكمةِ] وأَنَّ مِفتاح التَّغيير بتغييرِ قانونِ الإِنتخابات.

وقتها [رحَّبت] كُلَّ القُوى السياسيَّة و [الرِّئاسات الثَّلاث] بذلكَ وتمَّ بالفعِل مُغادرةِ القانون الظَّالِم وتمَّ تشريع القانون الجديد [الحالي] الذي تمَّ بهِ إِجراء الإِنتخاباتالنيابيَّة المُبكِّرة الأَخيرة.

الآن؛ يسعى [الإِطارُ] للعَودةِ إِلى القانونِ [الظَّالم] بسببِ الهزيمةِ التي مُنيَ بها في الإِنتخاباتِ النيابيَّةِ المُبكِّرةِ الأَخيرةِ، ظنّاً مِنهُ بأَنَّ النَّجف الأَشرف في غفلةٍ عنهُم،وأَنَّ الشَّارع سيبقى يتفرَّج من دونِ أَن يُحرِّكَ ساكِناً لإِسقاطِ مسعاهُم القاضي بالعَودةِ إِلى المُربَّعِ الأَول!.

مُخطِئُون، لا تلعبُوا بالنَّار، لا تفتحُوا أَبوابَ جهنَّمَ عليكُم!.

سيفضحُ التَّعديلُ المُرتقَبُ لقانونِ الإِنتخابات، المُنافقينَ الذين يرفعُونَ شِعارَ [تاج تاج على الرَّاس] بالعلنِ، لكنَّهُم في السرِّ يجتهِدونَ لكسرِ رأي النَّجف الأَشرفوتوجيهاتِها!.

إِنَّهُ اختِبارٌ آخرَ للنَّوايا!.

٢٨ شباط ٢٠٢٣

لِلتَّواصُل

www.tiktok.com/@nhiraq

‏Telegram CH; https://t.me/NHIRAQ

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Skype: live:nahaidar

‏Twitter: @NazarHaidar5

‏WhatsApp, Telegram & Viber: + 1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here