رواية غرباء في الحب للكاتب الايطالي / العراقي يونس صديق توفيق


“قصة شرقية تدور أحداثها في تورينو الحاضر. رواية قاسـية كما الجريمة، مكتوبة بالشـعر والخيال”
الطاهر بن جلون

صدرت للروائي الايطالي -العراقي يونس صديق توفيق اولى رواياته باللغة العربية – غرباء في الحب – عن دار ملتقى الطرق في المغرب بعد اعمال روائية عدة بالايطالية نالت انتشارا واسعا لدى القارىء الايطالي.

أحداث رواية “غرباء في الحب” الرئيسية تدور في مدينة تورينو الإيطالية والجانب الآخر منها يتمحور بين الشرق الأوسط حيث أصول المهندس والمغرب حيث موطن أمينة وتناوب الأحداث يأتي حسب السياق الروائي.

هي قصة حب مستحيلة بين مهندس من أصل عراقي، مهاجر منذ زمن طويل من أجل الدراسة في الجامعات الإيطالية لكنه ولأسباب عديدة استقر هناك، زواجه من سيدة ايطالية لم يدم طويلا حيث انتهى بالفشل.

في الجانب الآخر هناك قصة فتاة مغربية فقيرة اختارت الهجرة من أجل البحث عن العمل لكن ظروف الغربة وهجر زوجها لها حال وصولهما الى ايطاليا، حيث وجدت نفسها وحيدة وكل الأبواب مقفلة في وجهها فاضطرت للعمل على قارعة الطريق، ثم يتم اللقاء العرضي بالمهندس.

الحديث عن الوطن البعيد واسترجاع ذكريات الماضي وأيام الطفولة الشاقة ورواية احداث شخصية أحدهما للآخر تصبح السبب في يقظة الحنين والشعور بالوحدة والغربة خاصة لدى البطل، بعد سنوات طويلة من البعد عن البلد الأم. الغريبان يرويان لبعضهما قصص الطفولة وأحداث دارت بين أحضان الأرض والأهل وذكريات عديدة تأخذهما إلى البحث عن الأصول والجذور المنسية. تظهر على السطح أحداث ثلاثين سنة أثرت في حياة العرب وصراعات الشرق الأوسط مع إسرائيل مثل النكسة عام 1967 وما تلاها من حروب وسياسة القمع والترهيب التي تلاحق المهندس حتى في منفاه.

يتم سرد أحداث وظروف ما بعد النكسة والوضع الاجتماعي العربي عبر الأغاني، التي تشكل عامل ربط بين الأحداث وتمتد كخيط درام
للتواصل، إضافة إلى استرجاع الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى الهجرة خاصة من بلدان شمال أفريقيا.

الحب يكون من جانب واحد والمهندس لا يريد مبادلتها نفس الشعور بسبب نوع من الرفض الاتي من الحكم الذكوري المسبق خاصة وأنها امرأة عربية تمنح جسدها للغرباء مقابل المال. النهاية الدرامية للبطلة نفسها يشد القاريء ويجعله يتعاطف معها حيث تجعله يجري وراء أحداث الرواية حتى النهاية.

أمينة بعد أن تجد نفسها عاجزة عن إيقاظ مشاعر الحب في روح المهندس، حيث لجأت إليه بعد أن عاد زوجها من غيبته الطويلة واكتشف نوع عملها فينقض عليها ضربا وركلا لكنها في يوم ما وفي غفلة منه تتمكن من الهرب وتذهب إلى دار الذي تحب والذي يستقبلها بلطف ويدعوها لشرب الشاي، هي تطلب منه أن يسمعها أغنية “بعيد عنك” وتحاول جذب اهتمامه لكنه لم يتوصل إلى فهم حقيقة شعورها ولا حتى مساعدتها للخروج من محنتها عن طريق العطف والحنان الذين كانت بحاجة ماسة اليهما. أمينة حينها تطلب منه أن يجلب لها كأسا من الماء وما أن يذهب هو إلى المطبخ حتى تكتب له رسالة صغيرة فيها بضعة كلمات: “افتكرلي مرة غنوة يوم سمعناها سوا”، تتركها على المنضدة وتخرج بهدوء من الباب.

بعد ذلك تقرّر أن تغيّر مسار حياتها وتبدأ بالبحث عن عمل مناسب حتى تجده رغم كل الصعوبات التي تلاقيها. سيدة إيطالية تمنحها عملا رغم أنها لا تحمل تصريح إقامة قانوني وتبدأ حياتها الجديدة كعاملة تنظيف في مجزرة.

المهندس وبعد أشهر من غيابها يفتقدها ويبدأ بالبحث عنها حيث ينمو في داخله شعور غريب وقوي بالحب تجاه امرأة أهملها بسبب الخوف من الوقوع في الحب من جديد.

المهندس وفي حالة من اللاوعي الزمني يستمر في البحث عنها أي عن هويته وأرضه المفقودة حتى ينتهي ذات صباح تحت شجرة مرتفعة في ساحة أمام محطة القطار وسط البلد. وهو يقف تحت تلك الشجرة ناظرا إلى الأعلى يتذكر طفولته حينما كان يتسلق شجرة التوت الشاخصة في صحن داره ليأكل من ثمارها. يبتسم وبين الحقيقة والخيال يبدأ بتسلق الشجرة الى الأعلى كي يرمي بنفسه فاتحا يديه كجناحين في الفراغ، ليطير في فضاء الحرية والعودة إلى الماضي، الى دارالطفولة.

الرواية تتبع خطا سرديا يعتمد “عمل المرآة” في عكس الأحداث التي تسمح للأبطال بسرد قصصهم بالتكامل وبتفاعل متشابك يمنح بدوره فعلا دراميا يمتد حتى النهاية.
الزمان

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here