اعتبرها خطوة إيجابية : رفع سمة الدخول عن المواطنين اللبنانيين

اعتبرها خطوة إيجابية :رفع سمة الدخول عن المواطنين اللبنانيين *

بقلم مهدي قاسم

لم يحدث إلا نادرا جدا أن قمتُ بإشادة أو ثناء على قرار إيجابي أصدرته إحدى الحكومات الطائفية والمحاصصتية المتعاقبة حتى الآن ، طبعا ، ليس كرها أو خبثا منا ، وإنما ، وبكل بساطة ، لأنه لا يوجد ما يستوجب الإشادة والثناء من قرارات أو خطوات إيجابية وعملية ملموسة ومثمرة تخدم المواطن العراقي ..

إلا إن قرار الحكومة العراقية الحالية برفع سمة الدخول عن المواطنين اللبنانيين ، حفزني على أن أكتب هذه السطور ، مدفوعا بعرفان الجميل للشعب اللبناني ، و كنوع من قبول و استحسان وتثمين لهذا القرار ــ حصريا ــ لكونه قد يسهل مخففا من وطأة الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الشعب اللبناني بعد هيمنة حزب الله على مصير لبنان وتخريبه و إفلاسه طبعا بتواطؤ مخجل من حزب ميشال عون ..

و ليس هذا فقط ، وإنما كرد جميل من قبلي ، حيث أقمتُ في لبنان ما بين منتصف السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي في بيروت الغربية (هذا كان اسمها آنذاك ــ أبان الحرب الأهلية اللبنانية ) عاملا ــ كمحرر ثقافي في صحف عديدة كانت تصدر في بيروت حينذاك ، حيث كانت تربطني علاقات صداقة ودية ـــ وبعضها كانت وثيقة ــ مع كتّاب وشعراء وصحفيين ونقاد ، من مختلف المكوّنات اللبنانية ــ كنت أنشر معظم نصوصي في الملحق الثقافي لجريدة النهار البيروتية ) بل كنتُ محل ترحيب واهتمام طيبين و نبيلين من قبلهم وقد استقبلوا مجموعتي الشعرية الأولى ــــ الصادرة عن دار العودة 1982 ــ ، باهتمام نقدي واسع أبرزهم : الشاعر والناقد عباس بيضون ، الشاعر الناقد عبده وازن ، الشاعر و الناقد الراحل بسام حجار ، الشاعر أحمد فرحات و غيرهم أيضا ..

بالطبع ليس فقط هؤلاء الكتاب والشعراء وباقي المثقفين ، إنما حتى كثيرين من اللبنانيين ” العاديين ” أيضا كانوا يشملونني بنفحة دافئة من عطفهم و لطفهم وطيبتهم تصل لدرجة الرعاية الكريمة ، و قد كانت هذه المعاملة الإنسانية الطيبة تخفف كثيرا عن حدة الشعور بالغربة وظروف الشتات الصعبة ، رغم هواجس الخوف والقلق من عمليات غدر اختطاف واغتيال محتملة جدا ، و التي سبق وأن طالت عمليات الاغتيال هذه عددا من العراقيين المعارضين مثل الصحفي خالد العراقي رئيس تحرير جريدة فلسطين الثورة ـــ مثلا وليس حصرا ـــ وكنتُ أنا بدوري قد فلتت من إحداها في اللحظة الأخيرة ( بفضل وجود في صحبتي مدير تحرير مجلة الأفق التي كنت أعمل فيها محررا ثقافيا ــ وكان علي أن أوّقف سلسلة مقالاتي الرمزية بعنوانها ” إمبراطور دابغد ” أي إمبراطور بغداد ” بتدخل مباشر من نعيم حداد ــ مثلما فهموني ــ وكان صدام حسين ــ كنائب لرئيس الجمهورية حينذاك ــ هو المعني بالأمر بصفة رمزية ، إلا أنني رفضت وقف كتابة باقي مقالات السلسلة .

بطبيعة الحال، أنا لستُ هنا بصدد الإشادة بنفسي ــ وهو أمر طالما نفرتُ منه مستهجنا ــ ولا رغبة قوية في ذكر أحداث مضت عليها أكثر من خمسين عاما ، أكثر مما أود أن أوضح أنه : لماذا استحسن قرار الحكومة العراقية و أدعمه ــ الآنف الذكر ــ برفع سمة الدخول عن اللبنانيين واعتبره خطوة تضامن إنسانية حميدة إذ :

في بداية الثمانينات من القرن الماضي وصل عدد العراقيين إلى آلاف من رجال ونساء مِمَن هربوا من بطش وأساليب القمع والتنكيل للنظام السابق ، ولاسيما بعدما أضحى صدام حسين رئيسا للجمهورية بانقلابه ” الأبيض ” ضد عرّابه الرئيس السابق والساذج أحمد حسن البكر..

وكنا يوما بعد يوم أخذنا نسمع اللهجة العراقية على بعد بعيد و نلتقي مع أعداد العراقيين في شوارع بيروت الغربية ومقاهيها ، و خاصة في ” شارع الفكهاني ” ( المحروس جيدا من قبل عناصر المقاومة الفلسطينية والقوى ” الوطنية ” اللبنانية ) ، أكثر مما نلتقي مع أعداد اللبنانيين أنفسهم كأبناء البلد الأصليين .

ومع ذلك ليدعني القارئ الكريم أو يعذرني في أن أمدح نفسي قليلا لأقول :

ــ أنا على عكس تماما من بعض أنذال وضيعين بالفطرة ، الذين بدلا من الشكر ينكّلون بسمعة مَن عمل لهم جميلا ، : إذ لا أنسى جميل وعرفان أي كان ، حتى لو قدم لي قدحا من الماء فقط !، وكذلك الأمر بالنسبة لكثيرين من اللبنانيين ممن احاطوني برعايتهم الكريمة ولطفهم الجم ، فسوف لن أنسى جميلهم أبدا ما دمتُ أرزق حيا !..

*( رئيس الوزراء يوجه برفع سمة الدخول عن المواطنين اللبنانيين ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق ).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here