أوقات صعبة على الإطار ورسائل إلى المحتجين: التهدئة مقابل تأجيل حسم قانون الانتخابات

بغداد/ تميم الحسن

يوم اخر صعب سيمر على الإطار التنسيقي وهو يقترب من حسم قانون الانتخابات الذي يعارض طروحات زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وسيبدأ محتجون بخطوات تصعيدية جديدة عشية تمرير القانون الذي يتوقع ان يشرع في جلسة قريبة للبرلمان، فيما تصل المعترضين رسائل للتهدئة مقابل تأجيل الجلسة.

ويبدو ان البرلمان قد تراجع بالفعل عن تمرير القانون هذا الاسبوع، حيث خلا جدول اعمال جلسة الخميس من مناقشة نسخة القانون.

ويتداول في مكاتب حزبية منضوية في “الإطار” الحديث عن تحرك صدري قريب من أجواء الاحتجاجات التي ستركز هذه المرة على نواب التحالف الشيعي.

بالمقابل ان اللجان المختصة في البرلمان لم تتوصل حتى الان الى صيغة نهائية، ومازالت الخلافات والتحذيرات متواصلة بشأن القانون.

وتنسف مسودة القانون المقدمة من الإطار التنسيقي نظام الدوائر المتعددة والرجوع الى القوائم شبه المغلقة عبر نظام “سانت ليغو”. وكان اخر استخدام لهذا النظام بصيغته المشددة “1.9” قد افرز حكومة استمرت عاما واحدا قبل ان تسقط باحتجاجات تشرين في 2019.

يقول مسؤول في احد احزاب الاطار التنسيقي في حديث لـ(المدى): “هناك معلومات عن احتمال مشاركة الصدريين مرة اخرى في احتجاجات ضد قانون الانتخابات”.

ويعتقد المسؤول الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه ان التحركات مخطط لها منذ عدة ايام “خصوصا ما حدث مؤخرا في المطعم التركي”.

وكانت معلومات متضاربة قد افادت الاسبوع الماضي، بحدوث احتكاك بين سرايا السلام التابعة للصدر وأطراف من امن الحشد للسيطرة على البناية المطلة على المنطقة الخضراء، بالتزامن مع تظاهرات ضد قانون الانتخابات الجديد.

واضطر البرلمان حينها بعد تسرب انباء عن اقتراب أنصار الصدر من المنطقة الخضراء مع وجود محتجين قدموا من المحافظات في ذلك الوقت تنديدا بالقانون، الى تأجيل الجلسة 3 ايام.

وسبق ان سيطر جمهور الصدر لأكثر من شهر على المنطقة الخضراء في احتجاجات أطلق عليها الصدريون “ثورة عاشوراء” انتهت بعد ذلك في اشتباكات اودت بـ 50 قتيلا على الاقل بحسب رواية التيار.

ويشير المسؤول في الحزب الشيعي الى عدم وجود تطورات في قضية التفاهم مع زعيم التيار بشأن المرحلة المقبلة او قانون الانتخابات حتى الان.

وحاول الإطار التنسيقي ان يرسل وساطات الى الصدر بدعم من طهران التي كانت حريصة العام الماضي على ضم الاخير الى التحالف الشيعي.

وكان نوري المالكي زعيم دولة القانون قد أعلن في وقت سابق قرب انتهاء الخصومة بينه وبين زعيم التيار الصدري، ملمحا الى وجود وسيط بين الطرفين.

وحتى اللحظة ينفي التيار اجراء حوارات مع “الإطار” بشأن قانون الانتخابات، فيما الاخير كان قد تحدث عن لقاءات غير مباشرة مع الصدريين.

وسبق ان كشف قيادي رفيع في التيار الصدري لـ(المدى) عن رفض التيار قانون الانتخابات الجديد، وعدم التواصل مع الإطار التنسيقي.

وكانت اوساط الصدر قد استعانت بمواقف سابقة للمرجعية الدينية في النجف انتقدت فيها نظام الدائرة الواحدة في الانتخابات.

ليلة ملاحقة النواب

الى ذلك يتحدث ضرغام ماجد أحد الفاعلين في الاحتجاجات الاخيرة ضد قانون الانتخابات عن خطوات تصعيدية غير مسبوقة قبل تشريع قانون الانتخابات الجديد.

ويقول ماجد في اتصال امس مع (المدى): “لجان الاحتجاجات اجتمعت يوم الثلاثاء وسيكون هناك تحرك ورسائل الى النواب الاطاريين الذين يدعمون تشريع القانون”.

وكشف ماجد عن خطوات التصعيد الجديد تنديدا بـ”سانت ليغو” التي ستنطلق في الساعة الثامنة من يوم الاربعاء (أمس)، فيما اكد “وجود رسائل للمحتجين تطلب منهم التهدئة مقابل تأجيل مناقشة القانون”.

وبين ماجد ان الخطوات التصعيدية التي لم يكشف عنها بالتحديد: “ستكون ضد كل نائب يذهب الى جلسة تشريع القانون ويتجاهل مطالب المعترضين”.

وبين ماجد ان “الخطوات لن تبقى في إطار الاحتجاجات الكلامية لكن ستكون هناك اعمال تصاعدية بعد انتهاء فترة التحذير”.

وبدأ اعضاء لجان الاحتجاج منذ ايام في تحشيد الرأي العام ضد القانون، ويقول ماجد: “سبق ان نوهنا باننا لن نقف عند حد معين باتجاه رفضنا للقانون وسنعمل على خطوات غير مسبوقة”.

ولا يستبعد الناشط ان يكون هناك حراك يخرج عن دائرة المناطق والمحافظات وقد يذهب المحتجون للتجمع في بغداد قرب البرلمان.

وكان مئات المحتجين في 4 محافظات (بغداد، وبابل، والديوانية، وواسط)، خرجوا مطلع الاسبوع الحالي في احتجاجات ليلية ضد تشريع قانون الانتخابات.

وهدد المحتجون الذين احرقوا اطارات السيارات واغلقوا الشوارع، بخطوات تصعيدية في حال استمر الإطار التنسيقي في مشروع القانون.

وقال بيان صدر حينها عن اللجنة المركزية في المحافظات المنتفضة، وهي: كربلاء، والنجف، وبغداد، وبابل، والديوانية، والسماوة، وذي قار، وواسط “ما زالت أحزاب الفساد تتجاهل مطالب الشعب ومعاناته ونداءات المرجعية الدينية تجاه إقرار قانون انتخابات منصف وعادل”.

وأضاف أن: “قوى الإطار التنسيقي وحلفاءه تقف على بُعد خطوة واحدة من إقرار قانون (سانت ليغو) المفصل إطارياً، والذي يضج بمنافذ التزوير واحتكار السلطة، وهو ما يعني أيضاً إعادة مجالس محافظاتهم الفاسدة”.

وأشار البيان إلى أن غالبية المحافظات ستتخذ “موقفاً موحداً بالتصعيد كخطوة أولية، فإن جنحوا لصوت الشعب فسنجنح للتهدئة، وإن استمروا بطغيانهم في تجاهل إرادة الشعب وحقوقه وآلامه ومعاناته، فمزيد من التصعيد، وليعلم جميع النواب أننا راصدون ومراقبون لكل مواقفهم”.

من القائمة المغلقة إلى سانت ليغو مرة أخرى

وكان اول قانون للانتخابات بعد عام 2003، قد صدر من الجمعية الوطنية في 2005 والتي كانت بمثابة البرلمان.

واعتمدت فيه على النظام النسبي وقسمت فيه العراق إلى 18 دائرة انتخابية، مبقيةً على القوائم المغلقة وعلى نظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد.

استمر العمل بهذا القانون إلى عام 2010، الذي شهد إجراء تعديل على القانون يتمثل في جعل القوائم الانتخابية شبه مفتوحة مع الإبقاء على النظام النسبي.

وفي انتخابات 2014، أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات تبنى نظام “سانت ليغو” حسب معادلة 1.7، وفي انتخابات 2018، شهد القانون الجديد تعديلات غيرت بموجبها المعادلة إلى 1.9.

وفي تلك الانتخابات كان اخر مرة يتم فيها استخدام “سانت ليغو” حيث أفرزت التجربة عن تشكيل حكومة عادل عبد المهدي التي اطاح بها المحتجون بعد عام واحد.

وفي 2020، قرر البرلمان هجر “سانت ليغو” بدعم من مقتدى الصدر واعتمد الترشيح الفردي ونظام الدوائر المتعددة.

وبسبب الضغط يبدو ان البرلمان قد تراجع مرة اخرى عن حسم القانون كما كان متوقعاً اليوم الخميس.

ونشر مجلس النواب مساء الاربعاء جدول اعمال اليوم من 4 فقرات، ولم يتضمن مناقشة قانون الانتخابات.

لكن عارف الحمامي عضو اللجنة القانونية في البرلمان قال أمس في حديث لـ(المدى) ان “النقاشات حول القانون مستمرة لكنها لم تحسم حتى الان”.

واضاف الحمامي: “ستكون هناك مداولات يوم الخميس قبل الجلسة وقد يعرض القانون للتصويت بعد ذلك إذا قررت رئاسة البرلمان ذلك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here