اربيل وأبوظبي تحصدان ما زرعه “أبو إدريس” و”أبو خالد”


ليس اللقاء الاول، ولا الاخير، ما بين اربيل وأبوظبي، فالزيارة التي قام بها رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني الى دولة الامارات العربية المتحدة، تشكل محطة تتوج سنوات من التقارب والمصالح والتي تعكس رؤية الطرفين لنهج الأبواب المفتوحة.

وكان نيجيرفان بارزاني قد توجه، بعد ظهر الخميس، إلى أبو ظبي تلبية لدعوة رسمية تلقاها من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

حيث يحرص الرجلان، نيجيرفان بارزاني ومحمد بن زايد، على إبقاء التواصل بينهما قائما، حتى قبل تولي الرئيس الإماراتي منصبه خلفا للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي توفي في مايو/أيار العام 2022 عندما كان هو الحاكم الفعلي بفعل مرض أخيه الرئيس.

نيجيرفان بارزاني ومحمد بن زايد قائدان عملانيّان، يتمتعان برؤية طموحة للتطوير والازدهار في مناطقهما، وهذا ما يجعل لقاءهما أمرًا مثمرًا ومفيدًا لكلا الجانبين، وبشكل عام، يمثل اللقاء فرصة لتوطيد العلاقات الثنائية وتبادل الآراء والتجارب والأفكار بين الجانبين، ويمكن أن يؤدي إلى تعاون أكثر فاعلية في المستقبل.

والزيارة تأتي بعد أيام من مباحثات مباحثات رفيعة أجراها رئيس الإقليم مع وزير الدفاع الأمريكي، وزيرة الخارجية الألمانية، الامين العام للامم المتحدة.

تعد العلاقة بين الإقليم والإمارات متجذرة وفي تناسق مستمر، وبات جلياً موقع اقليم كوردستان المؤثر في المنطقة، ويحسب لـ(أبو إدريس) بشكل جلي، حيث رسخ ذلك فهو مهندس الإعمار والسلام، والسياسي صاحب الكياسة كما يُلقب، كما لا يخفى دور الإمارات المؤثر والتي باتت قوى تقصدها الأقطاب العالمية.

وهناك قنصلية عامة لدولة الإمارات العربية المتحدة في اربيل منذ أكثر من 10 سنوات، وهي تعكس عمق العلاقات المتنامية مع أبوظبي ودبي، حيث تعتبر الإمارات الشريك التجاري الرابع بكبرها مع اقليم كوردستان، بعد تركيا وإيران والصين.

كما تشير التقديرات الاقتصادية إلى أن حجم التبادل التجاري بين الاقليم والإمارات، نحو مليار دولار سنويا، ولهذا فان زيارة نيجيرفان بارزاني تأتي في سياق الحركة الخارجية الدقيقة في توجهاتها بما يخدم مصالح الاقليم، حيث يتزايد اهتمام العالم بموارد الطاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية-الاوكرانية، فيما يتمتع الإقليم بموارد هائلة بالامكان الاستفادة منها لتهدئة الاضطراب في سوق الطاقة العالمي، بعد معالجة أزمة النفط مع حكومة بغداد، علما بأن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كان ضيفا رسميا على محمد بن زايد في شباط/فبراير الماضي.

وكتب بارزاني الذي كان تلقى الدعوة الرسمية من محمد بن زايد (أبو خالد) لزيارة الإمارات في اواخر شباط/فبراير الماضي، على صفحته في “تويتر” “سعدت بلقاء الأخ العزيز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة تلبيةً لدعوته الكريمة”، مضيفا القول “بحثنا العلاقات الثنائية بين العراق وخاصة اقليم كوردستان والإمارات وسبل تعزيزها وتنميتها على جميع المستويات، كما ناقشنا عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك”.

ومن جهتها، ذكرت رئاسة الإقليم في بيان، أن الاجتماع بين رئيس إقليم كوردستان ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بحث “علاقات العراق وإقليم كوردستان مع الإمارات العربية المتحدة، ومجالات التعاون المشترك، وآخر مستجدات الأوضاع في المنطقة إلى جانب مجموعة مسائل تحظى بالاهتمام المشترك”.

الامارات تعتبر من أكبر المستثمرين في قطاع الطاقة في اقليم كوردستان، وهناك نحو 140 شركة إماراتية عاملة في مختلف القطاعات في الاقليم، ويبلغ مجموع استثماراتها أكثر من 3 مليارات دولار. الا ان المراقبين يعتبرون ان المثال الأكبر على نجاح الاستثمار الإماراتي في اقليم كوردستان، يتمثل في شركة “دانا غاز” التي تعتبر من أهم شركات الاستثمار في قطاع الغاز والنفط، وهي لديها ايضا العديد من الشركات التي تقول الشركة انها “تتواكب مع استراتيجية إقليم كوردستان في التنويع الاقتصادي”.

ومنذ العام 2007، عملت الشركة الاماراتية هناك الى جانب شركة نفط الهلال من خلال اتفاقية حقوق حصرية لتقييم وتطوير وإنتاج وتسويق وبيع البترول والغاز الطبيعي من حقلي خورمور وجمجمال في الإقليم، واستفادت حكومة الاقليم بالمقابل من الحصول على إمدادات غاز مستقرة لاستخدامها في تزويد محطات توليد الكهرباء في الإقليم، حيث ساهمت إمدادات الغاز المستمرة لمحطات توليد الكهرباء في إربيل وجمجمال وبازيان بتوفير الوقود لأكثر من 80% من طاقة توليد الكهرباء في إقليم كوردستان، كما أدت إلى تحقيق مستويات عالية من التوفير في تكلفة الوقود من خلال استبدال الديزل مما انعكس بالكثير من الفوائد البيئية والاقتصادية على الإقليم والعراق ككل.

وقد تساهم زيارة نيجيرفان بارزاني في تفعيل التعاون الاقتصادي ما بين اربيل وأبوظبي، حيث من المتوقع ان يجري العمل على مجلس اعلى لرجال الأعمال المستثمرين في إقليم كوردستان، ومن خلال المجلس الاقتصادي الإماراتي الكوردستاني.

في ايلول/سبتمبر العام 2021، حرص الرجلان على اللقاء، خلال زيارة نيجيرفان بارزاني الرسمية الى لندن، عندما كان محمد بن زايد لا يزال وليا للعهد في أبوظبي، حيث ناقش الزعيمان وقتها علاقات الاقليم والإمارات، والوضع السياسي في العراق والانتخابات، والتنبؤات حول مستقبل العراق، وزيارة الجانبين إلى لندن، ولقائهما وحوارهما مع رئيس الوزراء البريطاني وقتها بوريس جونسون، وآخر المستجدات والتطورات في المنطقة بشكل عام، وعدد من المسائل ذات الإهتمام المشترك.

واكد بن زايد ونيجيرفان بارزاني “على تعزيز أواصر الصداقة والعلاقات في المجالات كافة، وعلى أهمية بذل الجهود والعمل المشترك في إطار حفظ الاستقرار، ومعالجة صراعات وتوترات المنطقة، وتبادلا الآراء حول هذه المواضيع”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here