هستيرية الديكتاتورية المطلقة للطائفة المهيمنة

بقلم مهدي قاسم

كأنما الشعب العراقي محكوم حكما قدريا أبديا في أن يتحكم بمصيره نوع أو صنف معين من ديكتاتوريات تعسفية و قمعية طاغية : ديكتاتورية حزبية ، ديكتاتورية فردية ، دكتاتورية طائفية الخ والخ .

ففي عهد النظام السابق كان يوجد إلى جانب الديكتاتورية الحزبية والفردية في آن ، ثمة ممارسات غير مباشرة من هيمنة طائفية ” خفيفة ” نعم خفيفة ولكنها تصر على أن تعلن عن نفسها بسلوكها المتعالي أثناء التعامل الاجتماعي أو في ممارستها لأشكال السلطة على” الشروكَية ” العراقيين الآخرين من فقراء الجنوب ممن يعملون ” فراشين و جايجية أو جنود متطوعين في الجيش العراقي ، و من خلال ذلك تعاملهم باستخفاف وازدراء ..

ولكن ما أن تغيرت الأوضاع السياسية جذريا و انقلابيا عكسيا ، بعد الغزو الأمريكي للعراق ، من حيث جعلت طائفة أخرى أن تتربع على سدة الحكم ــ حصريا ( طبعا بخبث أمريكي مقصود بهدف تدمير العراق لإرجاعه إلى العصر الحجري ) ، حتى انقلبت الأمور رأسا على عقب ، فباتت الطائفة ” الظالمة ” مظلومة و الطائفة ” المظلومة ” ظالمة !..

ويعرف السيد القارئ الكريم باقي مسلسل القصة المفجعة للاحتراب الأهلي، مع سنوات طويلة من تفجيرات إرهابية يومية أبان عهدي نوري المالكي الكارثيين ، كرد فعل على فقدان السلطة وعلى الاضطهاد المذهبي أو التمييز الطائفي الجديد ..

ومع نهاية عهدي حكومة المالكي ومعهما شبه انتهاء لسلسلة التفجيرات اليومية والاحتقان الطائفي ، فقد تصوّر البعض بأن ذلك العهد الأسود والدموي الرهيب ، من فتنة طائفية طاحنة ــ الذي جثم كليل مظلم طويل بلا نهاية على قلوب العراقيين و عقّد حياتهم المزرية وحولها جحيما ــ ربما قد انتهى ولن يتكرر ..

إنما كانوا مفرطين في أملهم و مستعجلين في يقينهم ..

فالهيمنة الطائفية و عناصر القوة للسلطة المرّكزة في يدها أججت عند أقطابها الطائفيين من ” المظلومين السابقين ” رغبة أكبر و شهية أقوى في أن تتحول هذه الهيمنة إلى ديكتاتورية طائفية بامتياز ، بحيث لا تقتصر ممارستها في التمتع بحصة الأسد من السلطة و سرقات المال العام بالمليارات ، ولا في عملية اغتيالات ضد أطباء ومهندسين وغيرهم في ديالى *، إنما في التمادي في مصادرة دور العبادة من الجوامع ** أيضا ، كشكل من أشكال إيغال سافر ، وتحدِ وقح في ممارسة هذه السلطة الطائفية المهيمنة على مصير البلاد والعباد : نهبا متواصلا ، تخريبا منظما ، و تدميرا متعمدا لما لا زال شغّالا إلى حد ما ، لبقايا مرافق الدولة وأركانها المقوّضة و المنهارة أصلا ..

وإلا فهل تنقص العتبة الفلانية أو العتبة العلانية جوامع ومساجد في الوقت الذي يوجد في كل ركن وزاوية من العراق جامع أو مسجد أم حسينية ؟!..

لو لا هذا الهوس الهستيري المفرط في استغلال السلطة والقوة وروحية الهيمنة الطاغية للطائفيين الجدد ..

هوامش ومتون :

( اغتيال طبيب قلبية شهير بهجوم مسلح في بعقوبة – شفق نيوز ) .

*( إذكاء للفتنة.. لماذا استولت قوة شيعية على جامع سامراء في العراق؟


في إذكاء لنار الطائفية التي اكتوى بها العراق، واستمرارا لمخطط التغيير الديمغرافي والعبث بهوية أهل السنة، والتجاوز على أوقافهم، أعلنت ما تعرف بـ”العتبة العسكرية” التابعة للوقف الشيعي” الاستيلاء على جامع سامراء الكبير، أحد مساجد العراق الأثرية القديمة.

والمسجد يقع شمال غرب مدينة سامراء العراقية بمحافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية، ومن أروع نماذج العمارة الإسلامية، ويتجاوز عمره نحو ألف عام، وهو شاهد على الحضارة الإسلامية إبان عهد الخلافة العباسية، شيده الخليفة المتوكل بمئذنته الملوية.

جامع سامراء الكبير يعد ثاني المساجد الرئيسة في المدينة التي تحمل ذات الاسم، وتبلع مساحته نحو 38 ألف متر.

وغيرت العتبة العسكرية اسمه إلى مسجد صاحب الأمر، وأعادت افتتاح قبته بعد تأهيلها وكسائها، واستولت على المدرسة الدينية التابعة للوقف السني ) .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here