في وقت تتجه فيه مصر لإجراء تعديل حكومي في الأسابيع الأولى من سنة 2023 –– أو ربما يصل الأمر لإقالة الحكومة، بسبب القرارات الأخيرة التي عمَّقت الأزمة الاقتصادية ، ومسّت استقرار الوضع الاجتماعي للمواطن المصري، يدل هذا المؤشر على حجم الأزمة الاقتصادية التي ستتعرض لها البلاد خلال عام 2023.
ففي حين أن المصريين استقبلوا العام الجديد بمزيد من الارتفاعات في أسعار السلع والخدمات بالفعل، في ظل أوضاع اقتصادية مضطربة، وحالة من عدم اليقين العام جراء عدم قدرة الحكومة على كبح هذه الزيادات المستمرة طيلة الأشهر الماضية، إلا إن توقعات الخبراء والمطلعين تدل على أن العام الحالي سيكون عاماً أكثر صعوبة على المواطن المصري.
وفوجئ المصريون خلال الأيام الماضية بلافتات في سلاسل سوبر ماركت في مصر، تحدد عدد العبوات التي يسمح للفرد بشرائها من المنتجات بشكل عام، من الزيت والأرز وأنواع من الشاي بشكل خاص، وهذا لم يحدث من قبل، فضلاً عن اختفاء سلع كثيرة من الأسواق.
وتُشير التوقعات لاستمرار الموجات التضخمية التي تعانيها البلاد، وعدم القدرة على توفير النقد الأجنبي حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري وفق أكثر التقديرات تفاؤلاً
ولا يعرف أغلب المصريين معاني المصطلحات التي تُقدمها المؤسسات الرسمية كـ”الركود التضخمي”، و”التضخم”، و”زيادة أسعار الفائدة”، لكنهم يلمسونها بشكل مباشر في الأسواق التي تشهد تغيراً مستمراً في أسعار غالبية السلع، مما ينعكس سلباً على قدراتهم الشرائية.
وبلغة الأرقام، فإنه من المتوقع أن تشهد 2023 زيادات جديدة في معدلات التضخم قد تتجاوز 24% خلال 3 أشهر الأولى، كما يقول خبراء الاقتصاد ، بعد أن وصلت وفقاً لآخر الأرقام إلى 18.7%، وفي نفس الوقت من السنة الماضية 7.3%.
عجز في تلبية احتياجات أصحاب الرواتب الثابتة
التضخم هو تآكل في القدرة الشرائية لدى المواطن العادي، وكلما ارتفعت الأسعار تقلصت قيمة الأموال التي يمتلكها، والنتيجة أنه بنفس الرواتب التي يتقاضاها المواطن أول كل شهر لا يستطيع تلبية كل احتياجاته التي كان يوفرها في السابق.
أما زيادة معدلات التضخم بنسب غير معقولة ومتتالية كالتي تتعرض لها مصر فهي عملية في غاية السلبية على حياة المواطنين، لأن لها أبعاداً اجتماعية أخرى مثل زيادة معدلات الفقر ومضاعفة حاجات العوز للمحتاجين الذين ليس لديهم غطاء اجتماعي.
وكلما تآكلت قدرة المواطنين وهجروا شراء بعض السلع غير الأساسية، تسبب ذلك في حدوث حالة من الكساد العام، وهو ما يُطلق عليه “الكساد التضخمي”، الذي يعد من أخطر العوامل السلبية المؤثرة على الاقتصاد الكلي بوجه عام.
ويشير آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى ارتفاع معدل البطالة في مصر إلى 7.4% من إجمالي قوة العمل في الربع الثالث من 2022، بعد أن سجل 7.2 خلال الربعين السابقين “الربع الأول والثاني” من العام الجاري، وسط توقعات بأن تتزايد المعدلات خلال العام المقبل.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط