توقعات بتراجع تهديدات الفصائل ضد السعودية عقب التقارب مع إيران

بغداد/ تميم الحسن

مرة جديدة يسكت ما يعرف بـ”زعماء المقاومة” عن قضايا كانت تعتبر خطوطا حمراء في السنوات الماضية، آخرها التقارب السعودي الايراني. ورحبت الحكومة العراقية بفتح صفحة جديدة بين الرياض وطهران، واعتبرت الاتفاق بانه سيوفر الاستقرار في المنطقة. وطوال فترة حكومة مصطفى الكاظمي السابقة والتي شهدت تدشين اول حوار بين البلدين في بغداد، كان الإطار التنسيقي الذي يقود الحكومة الان، يستمر بمهاجمة السعودية.

واعلنت السعودية وإيران يوم الجمعة الماضية عن استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ عام 2016، وكذلك إعادة فتح السفارات والممثليات في غضون شهرين.

وتقول مصادر سياسية عراقية ان نجاح وساطة العراق بالتقريب بين المملكة والجمهورية الإسلامية سيشجع في فتح وساطات أخرى مع دول ثانية.

وفي 2021 اعلنت بغداد لأول مرة عن استضافة عدة حوارات بين الرياض وطهران، وصلت في النهاية الى 5 جولات.

وتشير المصادر المطلعة لـ(المدى) بان “بغداد تعمل على التقارب بين واشنطن وطهران، وحدثت اشارات خلال زيارة الوفد الحكومي الى واشنطن الشهر الماضي”.

واعترف وزير الخارجية فؤاد حسين عقب عودته من الولايات المتحدة بإجراء حوارات جانبية مع مسؤولين أمريكيين وإيرانيين تطرقت الى الملف النووي.

بالمقابل قال امير عبد اللهيان وزير الخارجية الإيراني نهاية الشهر الماضي، ان حكومته تلقت رسائل من اميركا عبر فؤاد حسين، لكن واشنطن نفت تلك الانباء بعد ذلك.

واعتبر مراقبون في وقت سابق، ان قنوات اهم من الحكومة العراقية مفتوحة بين طهران وواشنطن مثل الاتحاد الأوروبي والصين التي رعت اعلان التطبيع بين السعودية وإيران.

ويحاول الإطار التنسيقي الذي أمسك بزمام السلطة منذ 4 أشهر ان يظهر دورا متصاعدا للحكومة في قضية الوساطة الدولية.

وسارعت الحكومة في تأييد التقارب بين السعودية وإيران. واعتبر محمد السوداني رئيس الوزراء ان تطبيع العلاقات بين البلدين “سيُسهم في زيادة الوئام بين البلدان الإسلامية”.

وأضاف خلال اتصال مع امين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني بأن الاتفاق: “ينعكس إيجاباً على أمن المنطقة واستقرارها، ويوفر المزيد من فرص التنمية والازدهار”.

بدوره شكر شامخاني بحسب بيان لمكتب السوداني العراق لـ”دوره في المفاوضات” و”تقريب وجهات النظر بين البلدين، التي أسهمت في التوصل إلى اتفاق جديد بينهما في بكين”.

لكن بالمقابل كانت عودة مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة السابق، الاسبوع الماضي الى الاضواء، قد نغصت فرحة التحالف الشيعي بنجاح دور الوساطات.

ومن ضمن ما تسرب من معلومات حينها عن زيارة الكاظمي الى طهران، بانها تتعلق بالحوارات السابقة التي رعاها بين الجمهورية الإسلامية والسعودية.

وظهر الكاظمي بشكل مفاجئ عشية زيارة عبد اللهيان الى بغداد الاسبوع الماضي، وهو يجري حوارات مع مسؤولين في طهران وبقربه العلم العراقي.

وحاول التحالف الشيعي خلال الاشهر الاخيرة تقمص دور الكاظمي في العلاقات الدولية، وأعلن السوداني الشهر الماضي، بان بغداد مستعدة لاستضافة حوارات جديدة بين الرياض وطهران.

هل تصبح السعودية صديقة الفصائل؟!

زعماء ” الإطار” والفصائل بدورهم كانوا قد شنوا خلال فترة حكم الكاظمي، هجوما لاذعا على السعودية والدور “الخبيث” الذي تلعبه في العراق والمنطقة بحسب وصفهم.

في عام 2021 نقلت قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني عن قيس الخزعلي زعيم العصائب قوله ان “السعودية أوغلت بدماء الشعب العراقي عبر خمسة آلاف انتحاري ولم تعتذر للعراقيين”.

وأشار الشيخ الخزعلي في حديث تلفزيوني بحسب قناة المنار “نؤيد إقامة علاقات متوازنة وعلاقات جيدة مع دول الجوار لكن بشرطها وشروطها، مشككاً بالنوايا السعودية”.

بالمقابل فإن هادي العامري زعيم منظمة بدر قد وصف في 2020 النظام السعودي بـ”الجاهل الذي يتجاوز كل الخطوط الحمراء والقيم العليا للشعب العراقي” على اثر رسوم نشرت آنذاك في صحيفة سعودية اعتبرت مسيئة للمرجعية في النجف.

وتطرق العامري حينها في بيان حول الرسم الكاريكاتوري بالتلويح إلى الرياض بالوقوف “وراء التفجيرات والتوترات الأمنية التي حصلت في العراق خلال السنوات الماضية”، معتبراً ذلك جزءاً من “تدخلاتهم السافرة في الشأن العراقي”، واصفاً إياها بـ”مملكة الشر”.

اما الفصائل المسلحة فقد هاجم ابو علي العسكري، الذي يصف نفسه بالمتحدث باسم كتائب حزب الله، في شباط الماضي النظام السعودي ووصف المملكة بـ”الخبيثة”.

وقال العسكري على تويتر إنّ “الكيان السعودي الحالي برئاسة محمد بن سلمان، (يزيد هذا العصر)، لا يختلف عن الأنظمة السابقة منذ تأسيس مملكتهم الخبيثة في أرض الجزيرة”.

واضاف: “نحن نعتقد أن الحل الأمثل لاستتباب الأمن في المنطقة، ورفع الظلم عن شعوبنا، هو نقل المعركة إلى عقر دارهم” في اشارة الى السعودية.

وكان الإطار التنسيقي قد سقط سابقا في فخ تطور العلاقات العراقية مع الإمارات التي منحت مؤخرا حق انتاج أحد حقول الغاز، وسابقا اتهمها التحالف الشيعي بتزوير انتخابات 2021.

كما سكت زعماء “الإطار” على زيارة وزير الدفاع لويد اوستن الاخيرة الى بغداد، وقبلها زيارات السفيرة الامريكية الينا رومانوسكي المتكررة الى الحكومة التي وصلت الى 45 زيارة في غضون 3 أشهر.

وقبل ايام تجاهل الإطار التنسيقي الذي يقول مراقبون بانه يتنازل من اجل البقاء في السلطة، عن تصريحات لوزير الخارجية الالمانية أنالينا بيربوك اثناء تواجدها في بغداد، والتي أثارت غضب إيران.

وكانت بيربوك قد قالت أثناء زيارة لبغداد يوم الثلاثاء الماضي، في مؤتمر صحفي إنه: “بعد مرور نحو عشرين عاماً على غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة، فإن الهجمات الصاروخية الإيرانية عبر الحدود العراقية غير مقبولة وتعرض المدنيين والاستقرار الإقليمي للخطر”.

وأضافت في المؤتمر الذي عقد عقب توقيع العراق 3 عقود مع شركة سيمنز الالمانية للطاقة: “لا تنم هجمات النظام الإيراني الصاروخية عن قمعه الطائش والوحشي لشعبه فحسب، بل تعرض حياة الناس واستقرار المنطقة كلها للخطر من أجل التشبث بالسلطة”.

إيقاف التصعيد

الى ذلك اعتبر غازي فيصل وهو رئيس المركز العراقي للدراسات الستراتيجية اعلان التطبيع بين الرياض وطهران بأنه “سيساعد على إيقاف التصعيد العسكري ضد السعودية والخليج”.

وقال فيصل في حديث مع (المدى) ان “الانعكاسات الايجابية للتقارب بين السعودية وإيران ستساعد على الاستقرار الأمني وزيادة فرص التنمية”.

واشار الى ان “العراق كان في السابق ساحة للتصعيد السياسي والأمني ضد السعودية ومنها مطالبات باحتلال مكة وقصف المملكة”.

وتوقع الباحث في الشأن السياسي ان “تتراجع تلك الاصوات الان والتهديدات من الكتائب المسلحة خصوصا وان الدبلوماسية العراقية كان لها دور بنجاح التقارب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here