كيف تغير العراق بعد عشرين عاما على الغزو الأمريكي؟


قبل عشرين عاما وفي إبريل 2003 جنود أمريكيون يسقطون تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس ببغداد

ملايين العراقيين ومعهم ملايين آخرون عبر العالم يتذكرون هذاه الأيام عملية غزو العراق، الحدث الأبرز الذي هز منطقة الخليج والشرق الأوسط والعالم عموما في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

في ذكرى “عملية حرية العراق..!”

في مثل هذا اليوم من عام 2003 بدأ الغزو الأمريكي للعراق لإزاحة نظام صدام حسين عن الحكم. في فجر ذلك اليوم أمطرت الطائرات والسفن الحربية الأمريكية العاصمة بغداد بالقنابل والصواريخ ايذانا منها ببداية حملة عسكرية سماها الرئيس جورج بوش يومها “عملية حرية العراق”، حملة نشرت الرعب والموت بين السكان العراق والدمار بين أحياء مدنه.

من حالة حرب إلى حالة فوضى

وأثبت تاريخ الغزو وتداعياته أن الحرية التي تحققت في العراق تمثلت في فك القبضة الحديدية لنظام استبد طويلا بالسلطة ومارس كل أصناف البطش بمواطنيه لعقود. ولا يزال العراقيون، رغم مرور عقدين على إزاحة نظام صدام حسين، غير آمنين على أرواحهم. ويرى معظمهم أن بلدهم، في أحسن الأحوال، خرج من حالة حرب وسقط في حالة فوضى لم ينهض منها بعد.
قُتل أكثر من 100 ألف مدني عراقي على مدى السنوات العشرين الماضية. في ذروة الصراع عام 2006 أودى الصراع بحياة 29027 شخصا. في أهدأ حالاته عام 2022 سجلت 740 حالة وفاة.

وخلال هذه الفترة تعرضت فئات من العراقيين للإبادة الجماعية والإرهاب والفقر والتشريد. وعندما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتهاء الحرب رسميا في العراق وسحب جنود بلاده عام 2011 كان العراق بلدا يعاني من صدمة عميقة سياسية واجتماعية واقتصادية.
كلفة عالية لقرار خاطئ

كلفت “عملية حرية العراق” خلال سنوات الغزو وما بعدها أكثر من تريليوني دولار أمريكي. وسجلت هذه الفترة فضائح كثيرة منها القتل بدم بارد لمواطنين عراقيين على يد جنود بريطانيين وعمليات تعذيب وإهانة لسجناء عراقيين في سجن أبو غريب على يد جنود أمريكيين. وبعد مرور سنوات، أدرك الرأي العام الدولي أن تلك الحرب كانت خطأ جسيما.

من هؤلاء جون ماكين، السيناتور الجمهوري الراحل، الذي كان من أشد المدافعين عن تحرير العراق لسنوات. وفي مذكراته التي نشرها قبل وفاته عام 2018 تراجع ماكين عن موقفه وكتب قائلا: “لا يمكن الحكم على تلك الحرب، بتكلفتها العسكرية والانسانية، سوى أنها خطأ… خطأ خطير للغاية، وعلي أن أتحمل نصيبي من اللوم على ذلك “.

عدالة غائبة ونزاعات وفساد

ورغم انسحاب القوات الأمريكية لا تزال أوضاع حقوق الانسان في العراق محل انتقاد من قبل العديد من منظمات الحقوقية الدولية. ففي عام 2021، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دراسة تحدثت فيها عن ظلم شديد يطال نظام العدالة في العراق. وجاء فيها أن المعتقلين يحرمون من بعض حقوقهم وأن الاعترافات تنتزع منهم من خلال التعذيب وأنهم يجبرون على توقيع وثائق تعترف بجرائم لم يرتكبوها. علاوة على تعريضهم للضرب المبرح والصدمات الكهربائية والوضعيات المجهدة والاختناق.

وهيمنت النزاعات الدامية والفساد وعدم الاستقرار على العراق على مدى السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي. ففي 22 شباط/فبراير 2006 وقع هجوم على مرقد شيعي في سامراء شمالي بغداد اندلعت بعده حرب طائفية تخللتها أعمال عنف غير مسبوقة استمرت حتى العام 2008.

داعش تمزق النسيج الاجتماعي

وكانت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على نحو ثلث مساحة العراق في صيف عام 2014 وحتى أواخر العام 2017 صدمة كبيرة للنسيج الاجتماعي في البلاد، أسفرت عن تغيير عميق في المجتمع العراقي الذي يميزه تنوع عرقي ومذهبي فريد. وتراجعت أعداد المسيحيين والايزيديين في البلاد بسبب تعرضهم لجرائم إبادة جماعية ارتكبتها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.

وبنهاية عام 2019، كانت مظاهر الفساد قد استشرت في مفاصل الدولة وانتشر الفقر بين فئات واسعة من السكان، وارتفع معدله من 20٪ عام 2018 إلى أكثر من 30٪ عام 2020. وأضحى 12 مليون عراقي من أصل 42 مليونا يعيشون تحت خط الفقر، فيما بلغ معدل البطالة في فئة الشباب 25٪ في بلد تقل أعمار 60٪ من سكانه عن 25 عاما.

دولة غنية ومواطن فقير

ورغم احتياطاته النفطية الهائلة لا تزال البنى التحتية العراقية، من طرق وجسور ومنشآت، متهالكة. ويعاني العراقيون من انقطاع يومي في التيار الكهربائي وغياب شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب.

وشهدت العاصمة بغداد ومدن أخرى في أكتوبر عام 2019 احتجاجات غير مسبوقة نددت بالفساد وسوء الإدارة والتدخل الايراني في شؤون البلاد. وتعرضت تلك المظاهرات لقمع شديد. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021 جرت انتخابات تشريعية مبكرة واستغرق الاتفاق على اسم رئيس جديد للوزراء عاما آخر، شهد مواجهات دامية بين فصائل مسلحة شيعية.

العراق أفضل اليوم والفساد أكبر التحديات

وفي حديث لوكالة فرانس برس أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على نيته في معالجة الفساد الذي تغلغل الى أغلب مؤسساته بعد أن أصبح العراق في المرتبة 157 من بين 180 دولة من أكثر الدول فسادا في العالم، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية.

ورغم هذا الفساد الهائل وتداعيات الأزمة السياسية التي بدأت عام 2019 يرى البعض أن العراق اليوم أفضل حالا مما كان عليه قبل 20 عاما. فقد تحسنت نوعية الحياة نسبيا وارتفعت معدلات معرفة القراءة والكتابة ومتوسط العمر المتوقع. وطبقا لتقديرات البنك الدولي بلغ الناتج المحلي الإجمالي للعراق عام 2021 ما يقرب 208 مليار دولار.

ورغم حركات التمرد الجهادية أجرى العراق ستة انتخابات برلمانية متتالية منذ عام 2005. وقام ممثلوه بصياغة الدستور وصدق العراقيون عليه. ورغم الفساد الذي يشوب النظام السياسي العراقي ظلت الانتخابات تنافسية.

وتتمتع المحافظات الكردية في العراق اليوم بمستوى عال من الحكم الذاتي منذ سقوط صدام حسين. ويشكل استمرار وجود حكومة إقليمية كردية صمام أمان لأكراد العراق وتوفر لهم أمنا غير مسبوق.

برغم كل العقبات يرى البعض أن العراق أحرز تقدما منذ سقوط نظام صدام حسين. لكن الفساد سيظل يشكل التحدي الأكبر للدولة العراقية اليوم. ويأمل العراقيون في أن تتمكن دولتهم التي خاضت بنجاح نسبي حربين ضد تنظيمين إرهابيين – القاعدة والدولة الإسلامية – منذ سقوط صدام حسين، ستتمكن يوما ما من قطع دابر الفساد المالي في دواليب الحكم قبل نفاد صبر العراقيين من مسؤوليهم.

برأيكم

كيف تغير العراق بعد عشرين عاما على الغزو الأمريكي؟

باستثناء التخلص من الخوف، ماذا تحقق للمواطن العراقي خلال العقدين الماضيين؟

هل حقق العراق تقدما عما كان عليه في عهد صدام حسين؟

لماذا يظل الفساد مشكلة مستعصية عن الحل؟ هل يستطيع النظام التخلص منها؟

ما رأيكم بطبيعة النظام السياسي القائم؟ هل له القدرة على بناء دولة قوية؟

سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 20 آذار/ مارس

خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.

إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على [email protected]

يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message

كما يمكنكم المشاركة بالرأي على الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها:https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC

أو عبر تويتر على الوسمnuqtqt_hewar@

كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابطعلى موقع يوتيوب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here