الفصائل تتراجع عن «طرد القوات التركية» مقابل شهر واحد من إطلاقات المياه

بغداد/ تميم الحسن

يقدم محمد السوداني رئيس الحكومة «امتنانه» لتركيا التي يزورها منذ يومين، فيما تسكت فصائل المقاومة التي كانت تهدد تركيا قبل 6 أشهر.

وتتراجع اصوات «طرد تركيا» من مدن شمالي العراق و»اغلاق الشركات»، مقابل شهر واحد وعد به رجب طيب اردوغان الرئيس التركي من الاطلاقات المائية.

ومنذ استلام حكومة «الإطار» السلطة في تشرين الاول الماضي، قصفت تركيا كردستان أكثر من 5 مرات آخرها قبل اقل من اسبوع.

وحتى الان تملك انقرة نحو 30 مركزا عسكريا في شمالي البلاد، ويعادل اعداد المقاتلين الاتراك المتواجدين داخل الحدود العراقية بشكل دائم ضعفي القوات الامريكية «الاستشارية» الموجودة في العراق.

مصادر سياسية مطلعة وصفت في حديث مع (المدى) مفاوضات السوداني في تركيا بـ»المجاملة» و»عدم تحقيق حلول جذرية» على حساب سيادة البلاد وازمة المياه، مقابل استمرار الصادرات التركية.

وتقدر صادرات تركيا الى العراق بنحو 16 مليار دولار سنويا، وهو رابع أكبر مستورد من انقرة بحسب البيانات التركية.

وقالت المصادر القريبة من دوائر الإطار التنسيقي: «حتى الان لم يتحدث رئيس الوزراء عن اخراج او جدولة انسحاب القوات التركية او خارطة لإغلاق الثكنات العسكرية».

وبحسب المصادر ان «هناك أكثر من 7 آلاف جندي وضابط تركي يتغلغلون بعمق 100 كم داخل الأراضي العراقية ولديهم 11 قاعدة عسكرية و19 معسكرا في العراق»، فيما يبلغ عدد القوات الأمريكية «غير القتالية» في العراق 2500 فرد.

وقال السوداني في اول يوم وصوله الى انقرة الثلاثاء الماضي، ولقائه الرئيس اردوغان إنه «ممتن نيابة عن الشعب العراقي».

وجاء كلام رئيس الوزراء عقب إعلان الرئيس التركي في مؤتمر صحفي مشترك بين الطرفين «زيادة كمية المياه المتدفقة في نهر دجلة لمدة شهر وبقدر الإمكان للتخفيف من محنة العراق».

وأضاف الرئيس التركي: «ستُحل مشكلة المياه… نحن على دراية بحاجات العراق الملحة من المياه»، لافتاً إلى أن تركيا نفسها تشهد أدنى معدلات من المتساقطات منذ أكثر من 6 عقود.

ويبدو ان انقرة تحاول استبدال «شهر المياه» بإعلان بغداد حزب العمال الكردستاني المعروف بـ «بي كي كي» منظمة ارهابية.

وقال اردوغان في المؤتمر نفسه: «نتوقع من أشقائنا العراقيين تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية وتخليص أراضيهم من هذه المنظمة الإرهابية الدموية».

بدوره، رفض السوداني «استخدام أراضيه للاعتداء على دول الجوار، أو أي مساس بالسيادة العراقية»، وفق ما نقلت عنه الوكالة الرسمية.

وتراجعت حصة العراق من المياه نحو 70% بسبب سياسات دول الجوار من بينها تركيا، بحسب وزارة الموارد المائية.

وكان ملف المياه اضافة الى العمليات البرية التركية والقصف على قرى كردستان تحت ذريعة ملاحقة «بي كي كي» قد دفع فصائل لتهديد انقرة قبل ان يتسلم التحالف الشيعي السلطة.

الماء مقابل حزب العمال

ويستبعد احسان الشمري رئيس مركز التفكير السياسي في حديث لـ(المدى): «موافقة العراق على طلب تركيا باعتبار حزب العمال الكردستاني منظمة ارهابية».

ويقول الشمري ان «هذا القرار يحتاج الى ترتيبات سياسية في الداخل بسبب تشابك علاقات حزب العمال مع قوى كردية وبعض الفصائل».

وتلاحق انقرة حزب العمال في العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي، قبل ان تدخل البلاد بشكل غامض في 2015 وتقيم معسكرا قرب الموصل ثم تتوسع بعد ذلك.

وبحسب مصادر في سنجار وهي أحد معاقل حزب العمال، ان بعض المسلحين التابعين لـ «بي كي كي» ينتمون الى هيئة الحشد العشبي ويحصلون على مرتبات.

وكانت هذه المصادر قد كشفت في وقت سابق لـ(المدى) عن ان فصائل مقربة من إيران تدعم بقاء سنجار بيد حزب العمال للضغط على اربيل وبغداد والولايات المتحدة.

وقبل 3 اسابيع كانت تركيا قد قتلت بطائرة مسيرة أحد قيادات «اليبشه» في سنجار وهي مجموعة مسلحة شكلها حزب العمال وتابعة للحشد الشعبي.

سكوت الفصائل

وهذا هو الاستهداف السادس منذ سيطرة الإطار التنسيقي على الحكومة قبل اكثر من 4 اشهر، وتراجع اصوات التحالف الشيعي عن طرد القوات التركية ومقاطعة الشركات التركية.

في آب الماضي، قال ابو علي العسكري المتحدث باسم كتائب حزب الله في تغريدة على توتير بانه «يجب إخراج القوات التركية المعتدية على مرحلتين: الأولى من القواعد المتقدمة والثانية تكون بتطهير المناطق الحدودية من مرتزقتهم.. والمقاومة ورفاقها قادرون على ذلك».

وقبل ذلك بشهر دعا الأمين العام لعصائب اهل الحق قيس الخزعلي، الى إخراج القوات التركية من العراق فوراً بقرار من البرلمان العراقي، مشيراً الى ان فصائل المقاومة ستنفذ ذلك القرار.

وجاء كلام الخزعلي عقب زيارته لعائلة أحد ضحايا القصف التركي في مصيف في زاخو الذي اوقع 30 بين قتيل وجريح في تموز الماضي.

وفي نفس الشهر أكد رئيس تحالف الفتح أمين عام منظمة بدر هادي العامري، في بيان، أن تركيا «تمادت» في عدوانها عبر غاراتها الجوية وقصفها المدفعي وعمليات التوغل البري لقواتها في عمق الأراضي العراقية.

وطالب العامري آنذاك الحكومة «بإغلاق الحدود وإيقاف عمل الشركات التركية في العراق».

وسبق ان وصف «اطاريون» رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي اثناء تداعيات القصف التركي للمصيف، بانه «انبطاحي» للأتراك، وبانه أهمل أوراق تفاوضية لإخراج القوات التركية وإطلاق المياه.

وسبق ان زار الكاظمي تركيا اواخر 2020، وانتقد حينها التحالف الشيعي قبل ان يفوز بانتخابات 2021، رئيس الحكومة السابق بسبب كلامه عن صداقة تجمعه مع أردوغان.

وكانت تركيا قد كررت في عهد الكاظمي الطلب من بغداد طرد حزب العمال الكردستاني، لكن احسان الشمري يقول ان «هذا الطلب يتعلق بالداخل التركي والآن هو أكثر الحاحا بسبب قرب الانتخابات الرئاسية في تركيا».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here