أنتخابات تركيا / هل سيفوز أردوغان بولاية ثالثة؟

علاء كرم الله

لا شك بأن الانتخابات التركية المزمع أجرائها في 14/5/2023 تحظى بأهتمام كبير من قبل العالم وذلك لأهمية تركيا وتأثيرها وثقلها على الساحة الدولية والأقليمية ، ولكونها عضوا في حلف النيتو ، وكذلك لكونها تحظى بعلاقات طيبة وتفاهمات ومصالح حتى مع أعداء أمريكا ! ( روسيا والصين وأيران) ، خاصة في هذه الظروف المتشابكة التي يمر بها العالم ، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي لا زالت مشتعلة منذ سنة ولحد الآن! ، كما وتحظى الانتخابات التركية بأهتمام عالمي متزايد بسبب التواجد التركي القوي والمؤثر، على الساحة الأقليمية والمنطقة العربية التي طالما أنشغلت وشغلت العالم بأحداثها ، فتركيا لها تدخل واضح بشؤون المنطقة وما يجري بها ، وتحديدا في (العراق وسوريا وليبيا) . وفي الحقيقة أن تركيا وقبل عقدين من الزمن لم تكن كما هي عليه الآن من القوة والتأثير الدولي والأقليمي بعد وصول أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية الى سدة الحكم ، بل كان يقودها ويسيطر عليها العسكر وتعصف بها المشاكل والمتغيرات والأنقلابات بشكل مستمر! . ولكن بدأ التغيير واضحا على تركيا داخليا وخارجيا منذ فوز (أردوغان) ، بمنصب رئيس الوزراء في أنتخابات عام 2002 ، فكان طبيعيا أن يحتل الرئيس التركي أردوغان المركز الأول من بين أكثر من 500 شخصية أسلامية لها تأثيرها على العالم! ، في الأستفتاء الذي أجري عام 2019 من قبل منظمات دولية عالمية 0 لقد أستطاع (أردوغان) أن يحدث تغييرا جذريا في نظام الحكم في تركيا منذ عام 2017 عندما غير نظام الحكم دستوريا من برلماني الى رئاسي! ، وبدأ تنفيذ ذلك فعلا في أنتخابات عام 2018 والتي فازهو بها! 0 ومن الجدير أن نذكر هنا أن بدايات بروز (أردوغان) على الساحة السياسية كان من بوابة بلدية أسطنبول التي أصبح رئيسا لها للفترة من 1994 – 1998 ، ثم أستطاع بعد ذلك ، أن يؤسس حزب العدالة والتنمية عام 2001 الذي أصبح من أقوى الأحزاب السياسية على الساحة التركية ، وهنا لابد من الأشارة بأن الرئيس (أردوغان) سيخوض الانتخابات التي ستجري في 14/ حزيران من العام الحالي كمرشح وحيد عن حزب العدالة والتنمية ، أملا للفوز بمنصب الرئيس للمرة الثالثة! حيث سبق له أن فاز بها في أنتخابات 2014 و 2018 0 ومن المفارقات أن نذكر هنا أن الكثير من الشعوب العربية ، تتمنى أن يكون لهم رئيس مثل )أردوغان)!! ، بسبب ما تعانيه تلك الشعوب من ضيم وجور وظلم وفساد وتخلف وقمع من قبل حكامها! 0 لقد قدم (أردوغان) وحزبه حزب العدالة والتنمية لتركيا وللشعب التركي على مدى العقدين الماضيين أنجازات كبيرة وعظيمة على كافة الأصعدة أبهرت العالم أجمع ! ، حيث أصبحت تركيا واحدة من أقوى 20 دولة أقتصاديا في العالم! ، وذاع صيتها وصيت رئيسها (أردوغان) أكثر وأكثرعندما بدأ العالم يشعر بأن الرئيس (أردوغان) يريد أحياء عظمة وهيبة الدولة العثمانية وقوتها وسطوتها حيث كانت تحتل نصف العالم قبل قرن من الزمان!! 0 وبعد كل هذه الأنجازات العظيمة لتركيا على يد (أردوغان) وحزبه أصبحت لتركيا هيبة كبيرة بين دول العالم وصارت رقما صعبا في الحسابات الدولية والأقليمية ويحسب لها ألف حساب من قبل العالم أجمع ، وتحديدا من قبل أمريكا وباقي دول الغرب! ، لا سيما وأن العام الحالي عام 2023 هو عام تحرر تركيا من قيود وأغلال معاهدة لوزان التي أقرت في 24/حزيران/1923 كعقوبة على تركيا ولمدة 100 عام! ، على أثر خسارة الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى ، حيث يتخوف العالم مما سيقوم به (أردوغان) ، وما سيقدمه لتركيا وما سيفاجأ به العالم بعد أن أنتهت معاهدة لوزان؟! 0 نعود بالقول وعلى الرغم من كل ذلك ألا أن (أردوغان) يواجه معارضة شديدة وقوية من قبل أحزاب سياسية مدعومة من أمريكا وباقي دول الغرب! في الانتخابات القادمة التي ستجري في شهر حزيران القادم من العام الحالي حيث يواجه (أردوغان) وتحالفه السياسي المكون من (حزب الوطن والحزب اليسار الديمقراطي ، وحزب الحركة القومية) ، تحالف معارضة مكون من 6 أحزاب سياسية! ، مختلفة التوجهات والأفكار والأيدلوجيات! منها أحزاب محافظة وأخرى دينية وأخرى علمانية ، يقودهم المرشح (كمال كليتشدار) 0 وقد لاحظ المراقبين والمحللين السياسيين بأنه لا يوجد خطاب مقنع لدى مرشح المعارضة ( كمال كليتشدار) يمكن أن يدغدغ به مشاعر الجمهور التركي ، ويمكنه أن يشكل منافسة وحرج وتخوف لدى (أردوغان)! ، فعلى سبيل المثال ، عندما ذهب ( كليتشدار) الى ولاية (أورفة) كجزء من حملته الأنتخابية ، وكانت المدينة قد تعرضت قبل أيام الى سيول وأمطار غزيرة جرفت الكثير من المساكن والمنازل والسيارات ، وراح ضحيتها أكثر من 15 تركيا! ، وبدأ بأنتقاد (أردوغان) وسياسته مستغلا ظروف الولاية وما تمر به ، ((ولكنه لم يوفق في ذلك ، بل قوبل خطابه بالرفض والأستهجان والصفير من قبل المواطنين! ، الذين قالوا له كان الأجدر بك أن تفكر وتطرح وتقدم لنا حلولا لما نحن فيه الآن من فوضى وأرتباك بسبب ما تعرضت له مدينتنا من خراب بسبب السيول والأمطار، لا أن تنتقد (أردوغان) ، وتستغل ظرفنا البائس!)) . الذي نريد قوله هو أن الناخب أيا كان وفي أي بلد كان ، يعطي صوته للمرشح الذي يعد الجماهير ويوفي بوعوده وعهوده التي يقطعها على نفسه وعلى حزبه ، والذي سبق له أن قدم الكثير للناس من بناء وتطور وعمران ، وضمانات أجتماعية وصحية وتربوية ويمكنه أن يوفر للناس الحياة الطيبة ويضمن لهم العيش الكريم والأمن والأمان والحرية! ، وأعتقد أن الأتراك لم يجدوا ذلك ألا في ظل حكم الرئيس (أردوغان) وحزبه! ومن المفيد أن نذكر هنا بعض القرارات التي أصدرها )أوردوغان) أثناء فترة حكمه والتي لامست قلوب الأتراك مثل ،(( خفض سن التقاعد ، وزيادة الحد الأدنى للأجور وبشكل يرضي جميع فئات المجتمع ، وكذلك قيامه بحملات كبيرة لبناء البيوت للمواطنين ، وبأسعار مخفضة وبأقساط مريحة مقارنة مع أسعار سوق العقارات ، وغيرها من مشاريع وأنجازات كبيرة وضخمة وعلى كافة الأصعدة ، والتي تركت أثرا كبيرا وطيبا في نفس المواطن التركي(( . صحيح أنه لا توجد حكومات مثالية بالعالم ! كما وأن أرضاء الناس غاية لا تدرك ألا أن (أردوغان) أستطاع أن يحظى بقبول ورضا ومحبة وأحترام غالبية الأتراك لما قدمه لهم من أنجازات كبيرة وعظيمة على مستوى الأقتصاد وعلى مستوى حياتهم حيث وفر لهم العيش الكريم والأمن والأمان ، وقد تجلى ذلك القبول والرضا عندما خرج الشعب التركي عن بكرة أبيه مدافعا عن (أردوغان) ، ضد محاولة الأنقلاب الفاشلة التي جرت عام 2016 . ومن الأمور التي تلفت الأنتباه أن الرئيس (أردوغان) لم يحظ برضا الولايات المتحدة الأمريكية! على الرغم من كون تركيا أحد أعضاء حلف النيتو الأقوياء ! ، حيث ترى أمريكا بأن (أردوغان) قد شق عليها عصا الطاعة! ولذا تعمل الأدارة الأمريكية منذ فترة ليس بالقصيرة على الأطاحة به!! والمجيء بشخص موالي لها ، ويذكر بأن أنقلاب عام 2016 الفاشل الذي قاده المعارض المقيم في أمريكا ( فتح الله غولن) كان من تدبير (السي آي أي)!! 0 ويعاني (أردوغان) وحكومته من عقوبات أقتصادية كبيرة مفروضة عليه من قبل أمريكا ، التي تتهمه بفرض رقابة متزايدة على الصحافة ووسائل التواصل الأجتماعي ومواقع اليوتيوب وتويتر، كما تتهمه أيضا بالفساد ، والأنتكاسة الديمقراطية! . وعلى الرغم من المواقف غير الطيبة! لأردوغان تجاه العراق وخاصة في موضوع المياه عندما قام ببناء أكثر من 160 سدا على نهري دجلة والفرات التي خنقت العراق خنقا! ، أضافة الى تدخله بالشأن الداخلي العراقي وتجاوزه على الحدود العراقية وأقامة عدد من القواعد العسكرية في الأراضي العراقية ! ألا أن حالي كحال غالبية المواطنين العرب ، أتمنى أن يكون لدينا رئيس مثل (أردوغان) !! فهو يعمل كل ذلك من أجل بلاده في الأول والآخر، لا سيما وأن السياسة لا تعرف الرحمة والأنسانية! ، ومن المفيد أن نذكر هنا أن ((أردوغان وافق على زيادة الحصة المائية للعراق ولمدة شهر فقط ! ، على خلفية الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء السوداني الى تركيا)) . أرى ومن وجهة نظري أنه وعلى الرغم من التحديات الكبيرة الأقتصادية تحديدا التي يواجهها (أردوغان) ، وبعد تداعيات وأثار الزلزال الكبير الذي ضرب تركيا قبل شهر والذي راح ضحيته أكثر من 50 ألف قتيل وأضعافهم من الجرحى والمفقودين أضافة الى الخسائر الأقتصادية التي سببها الزلزال والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات ألا أن (أردوغان) واجه كل ذلك بقوة وبصبر وجلد يحسد عليه! ، وأستطاع أن يحتوي كل التداعيات والأثار التي خلفها الزلزال بخطاب واعد وعد فيه الشعب التركي بأنه سيعيد كل شيء بأحسن من قبل! ، وقد تركت كلماته وخطابه أثرا طيبا على نفوس الشعب التركي عامة والمتضررين خاصة ، لا سيما وأن الشعب التركي له تجربة مع (أردوغان) ووعوده التي لم يسبق له أن أخلفها!! . أرى ومن وجهة نظري ، بأن الزلزال الذي تعرضت له تركيا كان الضارة النافعة لأردوغان! ، حيث لمس وشاهد العالم أجمع وليس الأتراك فحسب ، سرعة أحتواء الأضرار التي لحقت بالمواطن التركي وتوفير المساكن الجاهزة والخيم المريحة وكل ما يحتاجه المواطن من خدمات مع سرعة البدأ بخطة أعادة ما دمره الزلزال! ، ومن الطبيعي أن كل ذلك سيصب في صالح (أردوغان) وحملته الأنتخابية! مقابل خصومه المتفرقين فكريا وأيديولوجيا والمدعومين من قبل أمريكا! ، التي هي عنوان الشر والدمار والخراب أينما حلت وصاحبة التجارب المريرة مع الشعوب وكيفية تدميرها ، وماجرى للعراق من دمار وخراب من قبل أمريكا وعملائها خير دليل ، والشعب التركي ليس بغافل عن ذلك! . أرى وعلى ضوء ما ذكرناه آنفا أن فرصة الرئيس (أردوغان) للفوز بولاية ثالثة كبيرة لاسيما وأن الشعب التركي يعرف مصلحته ومصلحة بلاده ويعرف أكثر من الذي يحقق تلك المصالح .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here