العصر الراهن، وثقافة شبابنا ! (اقتباس)

العصر الراهن، وثقافة شبابنا ! (اقتباس) د. رضا العطار

اجد في شبابنا المتعلم الذي لم يصل بعد الى درجة الثقافة، ظاهرتين في اختيار الكتب:

الاولى انه يقرأ كثيرا من القصص ويقبل على اية مجلة ما دامت تنشر قصصا مسلية.

والثانية انه يقبل على قراءة المؤلفات السيكولوجية في اسراف.

وبين الظاهرتين ارتباط. ذلك ان شبابنا الذين حُرموا الأنسة والزمالة مع الفتيات، لانهم يعيشون في مجتمع يؤكد بالفصل بين الجنسين. هؤلاء الشبان يقرأون القصص كما لو كانت تعويضا عما فقدوه. وكثيرا ما يكون هذا التعويض سخيفا قد اغرب في الخيال بالكلمة والصورة. وشبابنا يصلون بسبب هذا الحرمان الى خيالات سخيفة لا تتصل بالواقع ولا تشبهه. ولذلك هم يرضون بهذه القصص ويلتهمونها ولا يجدون فيها اسرافا.

اما الظاهرة الثانية وهي الاقبال على الكتب السيكولوجية فتعود ايضا والى حد كبير الى الفصل بين الشاب والفتاة. لان هذا الفصل يحدث لهم اضطرابات نفسية. فهم في قلق غامض وكبت مرهق. ولذلك يشترون هذه الكتب اعتمادا على انهم سيجدون الحل لقلقهم واضطرابهم. ولن يجدوه، لان الحل الوحيد لمشكلتهم هو الاختلاط حتى تأخذ الحقائق مكان الخيالات.

ومع ذلك لا اتمالك الاحساس بان كتّاب القصص عندنا قد نجحوا في شيئ واحد خدموا به مجتمعنا، هو انهم جعلوا كلمة (الحب) من الكلمات المألوفة بل الاحساسان المألوفة. فالشاب العربي حين يفكر في الزواج يفكر ايضا في الحب الذي يعده من حقه، كما يعتقد ان زواجا بدون حب، هو خيانة لقلبه وضميره. وقد تعلم ذلك من القصص.

هذا كسب كبير لشباننا الذين يعيشون في مجتمعاتهم القديمة المحافظة على تقاليدها الموروثة. فن الجيل الماضي كان يخجل من ذكر الحب في شؤون الزواج.

وكذلك لا اتمالك الاحساس بان شبابنا قد تعلموا الكثير من انفسهم لآقبالهم على قراءة الكتب السيكولوجية المفيدة وان كنت احيانا اجد مؤلفات او ترجمات غاية في السخف والتفاهة – – اني لا اقول ان قلق الشباب يعود كله الى الفصل بين الجنسين. ولكني اقول ان معظمه يعود الى ذلك. اما اقله فيعود الى المكانة الاجتماعية التي ينشدها الشباب بالعمل والكسب حين لا يجد الوسيلة اليها. وكثيرا ما يحصل الشباب على شهادته الجامعية ثم يبقى مع ذلك اعوام وهو لا يجد الوظيفة او العمل لكسب الرزق، فيحس من ذلك بانه مزعزع ليست له كرامة اجتماعية. ولكن عندما تكثر عندنا المصانع وتنشط حركة السوق سيقل التعطل وتفتح امام الشبان ابواب البشر وتتحقق الاماني.

* مشاعل الطريق للشباب للعلامة سلامه موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here