تقرير أميركي: مخلفات النفط تفاقم الأمراض السرطانية في البصرة

ترجمة: حامد أحمد

أفاد تقرير أميركي بأن مخلفات النفط فاقمت الامراض السرطانية في البصرة، لافتاً إلى أن المحافظة الغنية تعاني من تردٍ كبيرٍ في الخدمات وارتفاعٍ في معدلات البطالة.

وذكر تقرير لوكالة (اسوشييتدبرس) الأميركية ترجمته (المدى)، أن “النفط يتم ضخه على مدار 24 ساعة في اليوم من الحقل النفطي الذي يقع على بعد عدة أمتار من بيت، رغيد جاسم، في قرية نهران عمر في مدينة البصرة جنوبي العراق”. وأضاف التقرير، أن “شعلة نيران الغاز الملتهب الصادرة من الحقل تضيء سماء ليل القرية”. وأشار، إلى أنها “بلون برتقالي وتنفث في الوقت نفسه دخانا لاذعا ملوثا تنقله الرياح صوب القرية وسكانها، مغطيا أسطح البيوت والملابس بلون اسود”.

وأوضح التقرير، أن “مدخرات جاسم المالية نفدت عندما تم تشخيص اصابته بالسرطان العام الماضي، انه مقتنع جدا بان الادخنة السُمّيّة هي سبب إصابته بهذا المرض، وقال جاسم: ليس هناك مستقبل لأطفالي في هذا المكان”. ونوه التقرير، إلى أن “محافظة البصرة، التي تضم معظم احتياطات العراق النفطية، هي رمز لعدم تكافؤ الفرص والفساد الذي حل بالبلد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003”. ولفت، إلى أن “البصرة هي مصدر حيرة مستمرة لخبراء وسكان ومبعوثين، فكيف يمكن لمحافظة مستقرة نسبيا وغنية جدا بالموارد أن يندرج تسلسلها ضمن أفقر المناطق في البلد وأقلها خدمات؟”. ويضيف جاسم، وهو رجل يعمل في سلك الشرطة، بحسب التقرير، “نعم سبب ذلك هو الفساد وانعدام الخدمات”.

وبين التقرير، أن “جاسم كان قد انفق القرض الذي استلمه لبناء بيت في تسديد فواتير العلاج الخاص من مرض السرطان الذي كلفه 30 الف دولار”. وشدد، على أن “مستشفيات البصرة الحكومية المتقادمة مليئة بالمراجعين، حيث يقول جاسم، انها غير قادرة على توفير علاج له”. واستطر التقرير، أن “وجهاء محليين من أهالي البصرة يتحدثون عن ثروة النفط في مدينتهم على أنها نعمة ونقمة في نفس الوقت”.

وتابع، أن “هؤلاء يقولون عن الموارد إنها تجلب الغنى ولكنها تغذي في الوقت نفسه منافسات شرسة بين نخب سياسية ومجاميع مسلحة على حساب أبناء الشعب”. وأفاد التقرير، بأن “النظام الطائفي للحكم الذي اتُبع في قيادة البلد بعد العام 2003 قسم الدولة ومؤسساتها الحكومية على اساس المحسوبية والانتماءات الحزبية والطائفية ونجم عن ذلك فساد مستشرٍ استنزف ثروة البلد النفطية”. ويستند، إلى “صندوق النقد الدولي بان عدد موظفي القطاع العام في مؤسسات الدولة خلال العام 2013 ازداد ثلاثة اضعاف على عددهم خلال العام 2004، ولكن الخدمات المقدمة في القطاع الصحي والتربوي وقطاع الكهرباء بقيت متدنية تعاني القصور”.

بالإضافة الى نقص الخدمات، فقد أكد التقرير، أن “الهواء في البصرة ملوث على نحو واسع، واستنادا لباحثين محليين فان معدلات الملوحة العالية الناجمة عن ازمة المياه تؤدي الى عدة امراض”. واستطرد، ان “معدل البطالة في ارتفاع حيث يشكل الشباب دون الخامسة والعشرين من العمر نصف تعداد سكان المحافظة”. وشدد التقرير، على أن “الأوضاع في البصرة هي من بين الاسوأ في البلاد، واستنادا لدراسة أجرتها منظمة العمل الدولية في عام 2022 فان معدل البطالة في المحافظة يقع عند نسبة 21% من معدل البطالة العام في البلد والبالغة نسبته 16%”. وأردف، أن “دراسات وتصريحات خبراء اقتصاد محليين أظهرت أن معدلات الفقر فيها تتراوح ما بين 10 الى 20%، في الوقت نفسه فإن المحافظة تحوي ما يقارب من 70% من حجم الإنتاج النفطي للبلاد”. وأضاف التقرير، ان “قصة المواطن البصري، جاسم، هي من القصص الشائعة في قرية، نهران عمر، التي يقطنها ما يقارب من الفي شخص وتقع بمحاذاة حقل النفط حيث معدلات الإصابة بالسرطان عالية”.

وينقل، عن “مختار القرية، بشير جابر، القول: ان كل عائلة هنا لها قصة عن مرض معين فضلاً عن عبء الديون المترتبة على ذلك”.

وأضاف جابر، “بعد العام 2003 تمت مضاعفة انتاج النفط وتصديره من الحقل وتوقعنا ان ننتفع من هذا الامر، ولكن بدلا من ذلك كان أثره ضارا علينا اكثر”. وأشار التقرير، إلى أن “الحكومة كانت ومنذ فترة طويلة تقلل من افتراضية الربط ما بين ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وانشطة الانتاج النفطي في الجنوب، وذلك بالقول بان هناك ارتفاعا هامشيا فقط مقارنة ببقية مناطق البلد”. واستدرك، أن “ذلك تغير في العام 2022 عندما اقر في حينها وزير البيئة، جاسم الفلاحي السابق، بان التلوث الناجم عن آبار النفط هو المسبب الرئيسي لارتفاع حالات المرض”.

ويجد التقرير، أنه “وما يثير التهكم والسخرية هو ان الغاز الطبيعي المحروق في هذه الحقول لو يتم جمعه وتصنيعه بدلا من حرقه لوفر حلا لانقطاعات الكهرباء المتكررة في العراق بتوفير وقود لمحطات التوليد، ولقلت نسبة التلوث في الهواء أيضاً”. وذكر، أن “عملية تأمين الاستثمارات لتحقيق ذلك تواجه سلسلة من العقبات متمثلة بمفاوضات مطولة لإبرام العقود وإجراءات روتينية وبيروقراطية تشكل صداعا لأغلب شركات الاستثمار الأجنبية الكبرى”.

ويقول الشيخ، محمد الزيداوي ، الذي يترأس احد مجالس قادة العشائر في الجنوب، وفقاً للتقرير، إن “دخول المستثمرين الأجانب للمنطقة يثير التنافس بين العشائر”. وأضاف الزيداوي، أن “العشائر المتنفذة غالبا ما تسلط ضغطا على الشركات الأجنبية في سبيل الحصول على فرص عمل لأبنائها او تعويضات او تدريب للشباب وتطوير قراهم”.

وأشار الزيداوي، إلى أن “أغلب المشاكل الحاصلة بين العشائر اليوم هي ناجمة عن وجود شركات نفط اجنبية في المنطقة. الكل يريد الاستفادة، وغالبا ما تتحول النزاعات العشائرية هذه الى اشتباكات مميتة بالأسلحة”.

عن: وكالة (أسوشييتدبرس) الأميركية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here