إنها الثقافة الليبرالية الجديدة ” المنحطة ” التي لا تحترم قيما ولا اعتبارات اجتماعية أصيلة !..

إنها الثقافة الليبرالية الجديدة ” المنحطة ” التي لا تحترم قيما ولا اعتبارات اجتماعية أصيلة !..

بقلم مهدي قاسم

بداية يجب التمييز بين الليبرالية المحافظة التي بفضلها وجهودها الكبيرة خطت المجتمعات الأوروبية خطوات حضارية ومدنية مهمة متقدمة إلى الأمام وخاصة في مجال حرية التعبير والعقيدة وعلى صعيد المساواة و حقوق الإنسان و الحيوان والبيئة والطبيعة بشكل عام ، و التمييز بين الليبرالية الجديدة المتطرفة التي تحالفت مع الديمقراطيين الاشتراكيين والخضر والفئات الجندرية والمثلية والبودوفيلية لنشر ثقافة الحرية الفردية المطلقة وفنون التفاهة و ثقافة الانحطاط ، من خلال نبذ الاعتبارات الاجتماعية المهمة ، ضاربة عرض الحائط كل القيّم الاجتماعية والحضارية الموروثة الإيجابية و الأصيلة كقيم وثوابت متوارثة بطابعها الإيجابي و الإنساني الرائعين ، كان لها دورها الكبير عبر القرون و المتجسدة بالتعاطف الإنساني والشعور بالرحمة والتعاضد والتعاون والمبادرات الإنسانية في التعامل الاجتماعي العام ليس ضمن أفراد العائلة الواحدة فقط ، إنما حتى خارج البيت ..

لنأخذ ابسط مقارنة بين ثقافة الأجيال في الماضي و بين ثقافة أجيالنا الراهنة المخطوفة في قطار ثقافة الليبرالية الجديدة :

ففي العقود الماضية عندما كانت امرأة حامل تصعد إلى إحدى الحافلات أو وسائط النقل العام فكان الشباب من الصبايا والصبيان يقفون تلقائيا ليقدموا لها مكانهم لاعتبار كونها حامل وهي بحاجة إلى الجلوس والراحة ، ولكي لا يتعرض الجنين في رحمها لخطر ما ، و كذلك نفس الأمر الإيجابي كان يحدث مع المسنين والمسنات من خلال تقديم مقاعد فارغة لهم للجلوس والراحة ، لعدم تعرض هؤلاء المسنين والمسنات لخطر التصادم و الإصابة من احتمالات اهتزازات أو كبح مع وقفة قوية مفاجئة للعربة ..

أما الآن .. فلا يوجد شيء من هذه المبادرات الحضارية و التعاطف الإنساني النبيل ، وأن حدث ففي حالات محدودة ومعزولة و نادرة جدا …

بل أن الصبيان والصبايا في هذه الأيام يجلسون في الحافلات ليس فقط لا يقدمون مقاعدهم لنساء حاملات أو لتلك النساء الحاملات بين أذرعهن أطفالا صغارا أم للمسنين ، فبدلا من ذلك يمدون أرجلهم بشكل متقاطع مع ممر العبور بطريقة وقحة واستفزازية بحيث يقطعون الطريق على من يريد أن يتقدم إلى الأمام بحثا عن مقعد فارغ للجلوس أو إجلاس الطفل أو الطفلة ..

كل هذه التغييرات الجذرية والسلبية السيئة قد حدثت بسبب انتشار و زحف شبكات و قنوات الثقافة الليبرالية الجديدة والتي أخذت تجتاح المجتمعات الأوروبية في الدرجة الأولى ــ مثل سرعة و انتشار نار على هشيم ــ مثلما يُقال ــ ..

و الطامة الكبرى إن هذه ” الثقافة الليبرالية لم تكتفِ بذلك ، إنما بدأت تستهدف المدارس والجامعات بل و حتى روضة الأطفال ، فضلا عن أماكن التسلية والترفيه ! لتعمّلهم ثقافة الأناوية الفردية الحرة و المطلقة حتى بالنسبة للأحداث ، ومحاولة إفهام هؤلاء الصغار إن هذه الممارسات ” المريحة والممتعة ” محقة لهم بل فوق أي كان ، وأي شيء ، أي أن يفعلوا و بدون حدود مايحلو لهم ، و حتى إمكانية و حق تغيير طبيعة جنسهم ، دون أي اعتبار حتى لما قد يكون سلبيا ومضرا لهم فيما بعد ، مثل : تعاطي كحول و مخدرات ، شذوذ جنسي ، وحمل مبكر بالنسبة لبنات صغيرات وترك البيت هروبا والعيش في تجمعات شباب بوهيميين أو مشردين ــ طوعا ــ بحثا عن مغامرات ومتع مختلفة، لينتهي الأمر ــ غالبا ــ بالإدمان ..

وإذا اعترض الأهل فيهددونهم ــ ابتزازا ــ بسحب الأطفال منهم إلى رعاية الدولة ..

لقد خطرت ببالي هذه الأفكار ، في أثناء مشاهدتي و تأملي هذه الصورة ــ أدناه ــ حيث يستقبل أبن ” أبو الليبرالية الجديدة ” ورئيس وزراء كندا توردو عائلة الرئيس الأمريكي بجوارب متسخة وملابس متجدعة ، طبعا بدون أية لياقة أو اعتبار ليس فقط لكون بايدين رئيس أكبر دولة في العالم ، وإنما حتى عدم احترام لسن زوجته وسنه هو أيضا ، لكونهما طاعنين بشدة في الشيخوخة العتية..

فلماذا تصرّف الابن المدلل بهذه الصورة غير غير اللائقة و اللامبالية ؟..

لأن الثقافة الليبرالية الجديدة قد علمته على أنه من حقه أن يستقبل أي كان و بأية طريقة تعجبه لكونه حرا تماما فيما يفعل ما يشاء أو يرغب ، بل وفي أي وضع أوحالة يكون !!..

ثم سرعان ما استدركت سائلا نفسي سؤالا مشروعا :

ــ لماذا الاستغراب ؟ .. أليس حزب الديمقراطيين الأمريكيين يعدون من أكبر الداعمين لأحزاب وتنظيمات و تجمعات متحمسة و ناشرة للثقافة الليبرالية الجديدة المنحطة والعابرة للقارات ؟..

*(ضجة حول استقبال نجل ترودو لبايدن بدون حذاء وبجوارب «متسخة»


نقلا عن صحيفة صوت العراق )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here